IMLebanon

استهداف الحكومة والمشنوق.. أين تيار المستقبل و14 آذار؟

العونيون استطاعوا اختراق المتظاهرين وعلي بركات ينفلت تحت مظلتهم..

استهداف الحكومة والمشنوق.. أين تيار المستقبل و14 آذار؟

سريعاً أدرك النائب وليد جنبلاط خطورة المنزلق الذي وصلت إليه الأحداث في وسط بيروت، فأعلن انسحاب الحزب التقدمي الاشتراكي من الاعتصام والتظاهر، بعد تسرّعه بشنّ هجوم على وزير الداخلية نهاد المشنوق، وإعلان تضامنه مع المتظاهرين.

لا شك في أن هناك أسبابا موجبة وحقيقية لكل أشكال الغضب الشعبي لما آلت إليه الأمور في البلد، وخاصة في قطاعات حيوية، أهمها معالجة النفايات والكهرباء، فضلاً عن التعطيل الحكومي، وآثاره الممتدة على مجمل القطاعات الحياتية، ولا شك في أن العنف تجاه المتظاهرين مرفوض.. لكن الإشكالية الكبرى تكمن في أنَّ مَنْ يحرّض على الاحتجاج هو نفسه مَنْ يعطّل الحل، داخل مجلس الوزراء وخارجه، ويمتنع عن تقديم أي بديل ممكن.

ربما تكون تحرّكات المجتمع المدني قد بدأت بمبادرات لناشطين غير حزبيين، لكنها ما لبثت أن تحوّلت بفعل الأمر الواقع إلى حالة مخترقة سيطر عليها بشكل متبادل، كوادر في التيار العوني، وناشطون شيعة يصب تحرّكهم في خانة «حزب الله»، فضلا عن فلول يسارية لا تجد متنفساً لها إلا في مثل هذه الظروف المثيرة للارتباك.

تدرّج المتظاهرون من المطالبة بحلّ أزمة النفايات إلى المطالبة باستقالة الحكومة، وباشر العونيون بحفلة المزايدات، فأعلن النائب نبيل نقولا عن خطوة لا قيمة دستورية لها، وهي «تعليق» عضويته في مجلس النوّاب، وهو موقف لا يساوي شيئاً في القانون، كما أعلن وزير التربية الياس بو صعب عن أنّه يشعر بالعار لانتمائه إلى حكومة تستخدم العنف ضد المتظاهرين، وأنّه غير متضامن مع رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق.

يطلب العونيون إسقاط مجلس النواب غير الشرعي، لكنهم يضعون مواد شديدة الالتصاق على كراسيهم النيابية، ويطلبون إسقاط المشنوق وسلام، وهم لا يجرؤون على التلفظ بالاستقالة من الحكومة، وفي سياق التحرّك «يصدف» أنْ يكون بيان عون نسخة طبق الأصل عن بيان المعتصمين..

تكثر الظواهر الغريبة في اعتصام وسط بيروت: فإذا بفنانين عادوا من عالم الموت الفني شبه محنّطين، ليكيلوا الشتائم في السياسة ويتلفظوا بعبارات لا يعرفون معناها، يقف إلى جانبهم فنانون لا يخفون مذهبيتهم ولا يستحون من إعلان انحيازهم لـ«المقاومة»، وبين هؤلاء يقفز مهرّجون لا يكادون يستيقظون من سكرهم في ليالي النوادي الليلية.. والمطلوب منا أن نصدّق بأنّ التغيير سيأتي من هؤلاء..

والمنشد المعروف المثير للجدل علي بركات (وهو المتبنّى والمحمي من «حزب الله» وصاحب الأراجيز المثيرة للفتنة) خلع على الاعتصام نشيداً زاخراً بالشتائم، معلناً عن تبنيه ودعمه  للتظاهر، ليُعطي المزيد من المؤشّرات المقلقة تجاه مسار هذا التحرّك..

أسخف ما يقوله منظّمو حملة الرائحة الكريهة، هو اعتبار ما يقوم به المتظاهرون المعتدون على القوى الأمنية، عملا مدسوسا لا يستطيعون حياله شيئا، لأن من قواعد العمل الشعبي التحكّم بالجماهير، وليس ترك الأمور على الغارب بالشكل الحاصل.

الأسوأ من هذا كله، أنّ أحد رجال الأعمال تمكّن من حجز هواء عدة محطات لبنانية (حرة ومستقلة ووطنية..) على مدار الساعة تقريبا، للتحريض والتعبئة، فسقط بعض من كنّا نظنه فوق الشبهات، وامتلأ هواء الشاشات اللبنانية، بغثّ الكلام وسخيفه على مدار الساعة، فجاءت الضربة للإعلام من عقر داره.

ومن خلال البيان الصادر عن حملة «طلعت ريحتكم» وضع المنظّمون أنفسهم في وضعية الحركة الانقلابية، وخاصة عندما يصرّون على إسقاط الحكومة واعتبار المجلس النيابي منحلا، فضلا عن محاسبة المسؤولين السياسيين والأمنيين والإداريين عن إطلاق المواجهات ليل السبت – الأحد.

عمليا، يُصرُّ هؤلاء على استقالة المشنوق، والغريب أنّ هذا الشعار، يحرّكه خيط شفّاف، يبدأ باستغلال قضايا متعدّدة لتصب في مكان واحد، من قضايا سجن رومية، وليس انتهاءً بأحداث وسط بيروت، رغم أنه استطاع أن يردّ بالنقاط على تلك الحملات، وأن يثبت قدرته على الإصلاح والمعالجة والمبادرة.

يدرك أصحاب المشروع المفرّغ للدولة أنّ نهاد المشنوق هو عمود المواجهة الدستورية والشرعية لمشروعهم داخل الحكومة، وكونه يحتل وزارة أمنية مثقلة بشائك الملفات، يسهل التصويب عليه واستهدافه..

وإذا كان مفهوما أنْ يُستهدف الوزير المشنوق من خصومه، إلا أنه من غير المفهوم هذا الصمت الغريب والمستهجن من نواب ووزراء تيار المستقبل، وتركهم الساحة الإعلامية والسياسية للخصوم يستبيحونها طولا وعرضا، حتى مضى اليوم الثاني من هذا الارتجاج السياسي والأمني، دون أن يخرج أحد منهم ليدلي بدلوه في هذا الإطار.

يتساءل جمهور تيار المستقبل والكثيرون في قوى 14 آذار: أين الرئيس فؤاد السنيورة وأين كتلة النوّاب، وأين الأمانة العامة لقوى 14 آذار، وأين وأين..؟؟

أسئلة ملحة تفرض نفسها في هذه اللحظات الصعبة وتبقى الإجابة عليها رهن الصباح وما قد يحمله من محاولات مستمية لتمرير صفقات وسخة وتحقيق مآرب الصهر والعم في المؤسسة العسكرية، وفي نهاية المطاف، كسر وتعديل آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، على طريق مؤتمر تأسيسي ربما لا يُبقي من لبنان حتى إسمه..!!