IMLebanon

توقيف الدليمي يُسرّع الملف أم يُعقِّده؟

يُعَدّ توقيف سجى الدليمي خطوةً جريئة ستؤدي الى تغيير مسار التفاوض كلياً في ملف العسكريين، لكن مع احتمال تسجيل مفاجآت غير متوقعة، وهي بمجملها ناتجة من طبيعة وتركيبة «داعش» و«النصرة» اللتين تنتهجان أساليب قاسية وعنيفة، قد لا تؤثر فيها مسألة توقيف الإمرأتين.

يروي بعض المتابعين انه خلال معركة عرسال، حوصر ستة مسلحين من «النصرة» التي حاولت انقاذهم من نيران الجيش عبر طلب وقف اطلاق نار، لكنها عادت وتخلت عن مطلبها، ونقل عن الوسطاء قولهم إنها فضّلت موتهم واعتبارهم شهداء على التفاوض ودفع أثمان لانقاذهم.

في قضية سجى الدليمي، تقول أوساط مطلعة إنّ التحقيقات لم تثبت ضلوعها في أعمال أمنية، وهو ما قاله قائد الجيش العماد جان قهوجي. وتضيف أنّ الدليمي التي مكثت في لبنان منذ إطلاقها ضمن صفقة الراهبات، أصبحت الآن هي وزوجة الشيشاني، جزءاً من عملية التفاوض، أو ما يسمّى أوراق القوة، علماً أنّ هذا التفاوض كان حتى الأمس القريب يسير ببطء وفق قاعدة المبادَلة، في انتظار الاتفاق على الأعداد والأسماء.

وتستغرب الاوساط تسريب المعلومات عن توقيف الدليمي الى الاعلام، وعن الجهة التي سرّبت، وهل يندرج عملها في سياق التنافس على حصرية امتلاك الملف، وعن الهدف من هذا التسريب، الذي أدى عملياً الى اضعاف «ورقة القوة»، حيث كان يُفترض إبقاء المقايضة، إذا حصل التوقيف، سريّة، فيما هي الآن أصبحت علنية، وتعقّدت الى درجة باتت تسلتزم التفاوض لكي تشمل الصفقة زوجتَي البغدادي والشيشاني، مع العلم أنّ ما قاله الشيشاني، يوحي أنّ رد فعل «النصرة» سيكون سلبياً.

في انتظار أن يتحدّد الوضع القانوني للموقوفتَين، لجهة تحديد ما اذا كانتا متورطتَين في أعمال أمنية أم لا، وفي انتظار أن يتمّ التصرف على هذا الأساس، يكمن السؤال في معرفة مدى قدرة المفاوضين اللبنانيين، على استثمار ورقة القوة، وهنا يصبح الاحتمال المنطقي، احالة ملف الموقوفتين الى الأمن العام لكي يتولى مديره اللواء عباس ابراهيم اضافة «الصيد الثمين» الى ملف التفاوض، حيث ستشمل المقايضة كلاً من الدليمي وزوجة الشيشاني، وموقوفي سجن رومية الذين يمكن الاتفاق على اخلاء سبيلهم، مقابل اطلاق العسكريين.

يأخذ ملف استرداد العسكريين بعداً مفصلياً، بعد أشهر طويلة من المعاناة، والتخبط الرسمي. ففي البداية تم رفض المقايضة، والتفاوض المباشر، ولم تنكسر «فوبيا» المقايضة والتفاوض، الاّ بعد أن أتم حزب الله عملية الافراج عن عماد عياد، بصفقة استعمل فيها مبدأ المقايضة والتفاوض المباشر، عندها لوحظ أنّ وزراء الحزب بدأوا يتصرفون مع قضية العسكريين، بطريقة مختلفة، ففُتِحت الابواب أمام التفاوض المباشر، وبدأ البحث بأسماء سجناء رومية الذين سيكونون من ضمن صفقة التبادل، واتسعت حركة اللواء ابراهيم لتصل الى حدٍّ التواصل المباشر مع «النصرة»، وكلها خطوات كان يُفترض القيام بها منذ الايام الأولى لاختطاف العسكريين، ولو قامت الحكومة بما عليها في هذا الاطار، لكانت عملية اطلاقهم، أو اطلاق جزء منهم قد تمت قبل حلول الشتاء.

يصف مراقبون ما يحصل في عملية التفاوض بأنه يشبه الفوضى العارمة. يؤكد هؤلاء أنّ «النصرة» و»داعش» تمتلكان أوراق قوة تستعملانها، لتمديد فترة اسر العسكريين الى ابعد مدى زمني ممكن، ربما يصل الى بداية الربيع، وذلك لحاجتهما الى استعمال ورقة العسكريين، في تأمين التموين في فصل الشتاء، وعدم قطع خطوط الامداد والمؤن.

إلّا أنّ ذلك لا يقطع الطريق على توقع حصول متغيرات، فهل سيكون توقيف زوجتَي البغدادي والشيشاني عامل تسريع في الملف، ام أنّ تعقيداً اضافياً قد استجد، يمكن أن يطيل في أزمة العسكريين المفتوحة على كل الاحتمالات.