IMLebanon

إغتيال سليماني نقل الصراع إلى مواجهة مباشرة بين دولتين.. فهل يُحيَّد لبنان؟

 

سعي حثيث إلى تسريع الحكومة إستباقاً للسيئ.. ورصدٌ لما سيكون عليه موقف الحزب وفعلُه

 

 

أظهرت المعطيات أن سليماني وصل إلى بغداد في رحلة عادية عبر مطار دمشق لا بيروت التي زارها في الأيام الاخيرة

 

كل المؤشرات التي واكبت المشهد العراقي المظلم على إمتداد الأيام الـ15 الفائتة، من الأزمة الحكومية الى إقتحام السفارة الأميركية، عكست في مكان ما تعثّراً في الحوار الاميركي – الإيراني غير المباشر، وتاليا كان من المتوقّع حصول خرق أمني ما، إما لدفع المواجهة الى نهايتها المأسوية، وإما لاستحداث نوع من اليقظة المتأخرة تعيد ترتيب أوراق الحوار في حدها الأدنى، بما يؤدي الى إستيعاب الاحتقان الإقليمي. لكن أحدا لم يكن يتوقع أن يصل التوتر الى مصافي إغتيال قاسم سليماني.

 

يعاين المسؤولون في بيروت عن كثب تطورات المشهد الاقليمي، مع سعي حثيث لإعلان الحكومة الجديدة قريبا جدا. هو تراكضٌ منهِك زادته إلحاحا تطورات المواجهة الإيرانية – الأميركية المتوقعة، ويأتي في سياق إقليمي أوسع، حيث السباق القائم راهنا بين داعين الى صدام إنتقامي او العاملين له، وبين ساعين الى الاحتواء بغية لجم أي تدهور عسكري وأمني يطيح بالمنطقة كلها، وتستتبعه كوارث لا سابق لها على مستوى العالم، إستقرارا سياسيا وامنيا وإقتصاديا وإجتماعيا، والأهم نفطيا.

 

بيّنت نقاشات ومداولات الساعات التي تلت الحدث العراقي أن المسؤولين في بيروت متوجسّون من إنعكاسات سياسية وإستقرارية على الوضع اللبناني، مع ترقّب لما سيكون عليه موقف حزب الله، والأصح فعله. لكن هذه النقاشات والمداولات أفضت الى قناعة بضرورة إنهاء الملف الحكومي، كعامل أساس في تحصين الوضع الداخلي حيال ما هو مرتقب إقليميا، وهو المحظور الذي قد يقع، والذي قد يجري تجنّبه بالنظر الى المخاطر المترتبة عن أي تصعيد عالي المستوى بلا سقوف منظورة.

 

ما اظهرته المعطيات الواردة الى المسؤولين أن سليماني وصل الى بغداد في رحلة عادية عبر مطار دمشق لا بيروت التي زارها في الأيام الأخيرة، وأن قرار إستهدافه بواسطة الدرون إتخذته القيادة العسكرية الأميركية بعدما أصبحت طائرته في الجو. وتردد انه كان في صدد زيارة قريبة الى تركيا للقاء الرئيس رجب طيب أردوغان في سياق البحث الجاري في شأن إدلب والتطورات السورية الأخيرة.

 

وتبيّن كذلك أن سليماني لم يكن يحيط تنقلاته بالسرية المفترضة، ذلك انه كان يعتقد أن قرار إستهدافه هو قرار أميركي بنقل المواجهة مع طهران الى شكلها الدولتيّ المباشر غير المحدود او المحدد، أي بين دولة ودولة، لا بواسطة الـProxies. وفي هذه الحال لا ينفع التخفّي أو أي من الاحتياطات الأمنية. لذلك قررت القيادة الإيرانية، على ما يبدو، نزع القفازات وأن يأتي الرد مباشرا على إغتياله ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.

 

في إعتقادها أن عملية شطب قائد لواء القدس تختلف كليا عن سابقاتها من عمليات الاغتيال التي إستهدفت قادة في المحور الايراني. فمقتل عماد مغنية بقرار إسرائيلي – أميركي مشترك هو إستهداف مباشر لحزب الله بصفته لاعبا غير دولتي a non-state actor، فيما إغتيال سليماني تنظر اليه طهران على انه من فعل دولة قررت قتل قيادي رفيع في دولة أخرى، وهو يعني في التفكير الايراني تغييرا في قواعد اللعبة تستتبعه مفاعيل، من مثل ان الرد سيكون إيرانيا صرفا ومباشرا. وهو الأمر الذي قد يعني تحييد لبنان مرحليا عن العاصفة المتوقعة او المتخوَّف منها، بمعنى ان الرد الإيراني المباشر قد يعني أن حزب الله لن يكون له دور في هذه المرحلة من الانتقام. ويأتي في هذا السياق التحليلي غياب أي إستنفار للحزب عند الحدود الجنوبية، الأمر الذي رصدته بإرتياح جهات داخلية وخارجية، فيما رفع الجيش الإسرائيلي جهوزيته.

 

في المتوقّع أيضا أن يشهد العراق هجمات أولية ردا على عملية الإغتيال، من منطلق ان الحكومة العراقية هي أيضا لن تقف ساكتة امام عملية نتجت من خرق لسيادتها وأدت الى مقتل عراقيين. لكن الانتقام الإيراني سيكون هو الأقوى ولن يخرج عن سياق عملية موازية حجما ومغزى، مع إستبعاد ان يأتي الرد عاجلا، فالتوقيت رهن بنك الأهداف الذي وضعه المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وقيادة الحرس الثوري، وتاليا بتوفر التوقيت الملائم.