IMLebanon

رأس النظام الدموي ينأى عن «سياسة اللاسياسة»

يبدو أن رئيس النظام السوري بشار الأسد غير مهتم لما آل اليه وضع نظامه في سوريا الذي بات غير مسيطر على الحكم في البلد، في ظل وجود حلفائه الإيرانيين والروس والميليشيات المذهبية، والذين باتوا يتحكمون بكل شيء هناك. ولكن هذا ليس مهماً بالنسبة للأسد الذي يسطّر أبشع أنواع جرائم الحرب مستخدماً الأسلحة المحرمة دولياً بحق شعبه الأعزل الذي خرج للمطالبة بأبسط حق من حقوقه وهو الحرية والتعبير عن رأيه بعدما أمعن هذا النظام وحاشيته في كبته وإذلاله منذ نظام حكم الأب. بل ما يهم الأسدــــ الجزّار اليوم هو لبنان وسياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الدولة حيال الحروب المحيطة، والتي سبق أن اعتمدتها حكومات سابقة كان حلفاء الأسد الذين يشاركون في المجازر الى جانبه اليوم بحق أهل حلب وغيرها من المدن السورية، وكانت جزءاً لا يتجزأ فيها. وهذا الكلام، عبّر عنه الأسد صراحة أمس في حديث الى إحدى الصحف شبه الرسمية التابعة لنظامه، حيث اعتبر أنه «لا يمكن للبنان أن يكون بمنأى عن الحرائق حوله ويتبنى سياسة اللاسياسة أو ما سمّي بالنأي بالنفس»، متناسياً أنه أضحى يمثل «رئاسة اللارئاسة» ي سوريا.

وكأن رأس النظام الدموي لا يكفيه وجود «حزب الله « في سوريا وما جلبه هذا التدخل من ويلات ليس على بيئته فحسب، بل على كل اللبنانيين، فهو يريد المزيد من هذا التدخل ولكن هذه المرة من قبل الدولة والتضحية بمزيد من الشباب اللبناني كرمى أن يبقى نظامه لفترة أطول، وهذا ليس جديداً على نظام مجرم صاحب باع طويل في مسلسل إغتيالات خيرة من رجالات البلد منذ وجوده فيه وحتى بعد خروجه منه وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فعلى ما يبدو أن هذا النظام الذي لم يشبع من دماء اللبنانيين طيلة أربعين عاماً من التنكيل والإذلال والقتل والإغتيالات وإرسال العبوات لتفجيرها عبر الوزير السابق ميشال سماحة وغيره من أزلامه في لبنان، يريد المزيد من هذه الدماء أن تراق على أرضه من أجل كسب مزيد من الحياة لنظامه الساقط أخلاقياً وإنسانياً ووطنياً وقومياً بفعل ما يقوم به من مجازر بحق شعبه ووطنه.

سياسة النأي بالنفس التي يرفضها الأسد اليوم، كانت القوى السياسية اللبنانية بمن فيها حليفه «حزب الله» أجمعت عليها في اجتماع طاولة الحوار الوطني عام 2012 برئاسة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي خلص الى «إعلان بعبدا» الذي وقع عليه الحزب أيضاً، قبل أن ينقلب على توقيعه داخلاً بشكل عسكري علني في الصراع السوري الى جانب نظام الأسد منذ عام 2013 وحتى اليوم. وتنص هذه السياسة التي سبق وروّج لها حلفاؤه وعاد وإنقلب عليها «حزب الله»، على تحييد لبنان عن الصراع السوري والنأي بنفسه عنه من أجل حماية البلد.

فقبل أن يتدخل الأسد بسياسة لبنان الخارجية وما يجب أن يقوم به بالنسبة للحروب المحيطة بالمنطقة، كان الأجدر به حماية نظامه من التدخلات الإيرانية والروسية في شؤونه قبل أن يتدخل بشؤون أي دولة أخرى طرد منها في السابق. كما أنه حبذا لو يردّ على قصف العدو الإسرائيلي الذي يتعرض له بلده في كل مرة وآخرها إستهداف مطار المزة العسكري قبل أيام بصواريخ أرض أرض، وهو النقطة الأقرب الى مركز العاصمة والقصر الرئاسي، بدلاً من دفن رأسه في الرمال كما النعامة والإكتفاء بشعارات» الرد في الزمان والمكان المناسبين» والتي ولّى عليها الزمن ويئس منها الشعب السوري كما الشعوب المحيطة التي شهدت على كذب الأسد ومتاجرته بشعارات العروبة والقومية وفلسطين.

يقول المثل :« أهل مكة ادرى بشعابها»، وهكذا هو حال اللبنانيين اليوم الذين هم أدرى بمستقبل بلدهم وأحرص عليه أكثر من أي شخص آخر لم يضمر سوى الشر والخراب فقط للبنان واللبنانيين. فحبذا لو أن الأسد يتلهّى بما هو فيه وينصرف الى متابعة شؤون نظامه المهترئ والساقط بيد الإيرانيين والروس والميليشيات الطائفية العراقية واللبنانية والباكستانية وغيرها، والتي إستجلبها النظام لمعاونته والقتال الى جانبه فباتت أقوى منه هناك، وليكف شره عن لبنان واللبنانيين الذين طردوه بعد ثورة الأرز عام 2005 الى غير رجعة.