IMLebanon

الموازنة في مخاضها الأخير… والمصارف تُحاول التملّص

 

 

كنعان: رفْع ضمان الودائع لصغار المودعين من 5 إلى 75 مليون ليرة

 

يمكن القول أنه من الناحية “النظرية” قد انتهت دراسة موازنة العام 2020 من قبل لجنة المال والموازنة النيابية، ووفقاً لما أعلنه رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان بعد جلسة الأمس. أما من الناحية العملية، فلا يزال أمام المشروع الكثير من النقاشات والمشاورات الجانبية كي يُصبح منجزاً مع تقرير اللجنة، وبالتالي إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب ليُصار بعدها إلى تحديد موعد المناقشة العامة والإقرار من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان مشجعاً ويُفضل أن يتم هذا العمل قبل نهاية العام الحالي 2019.

 

ووفق مصادر “نداء الوطن” فإن دراسة المشروع من قبل اللجنة حاولت أن تأخذ في الإعتبار كل المستجدات التي حصلت ما بعد 17 تشرين الأول، سيما وأن الأرقام قد اختلفت لجهة ارتفاع نسبة العجز قياساً على تراجع الواردات المقدرة.

 

ولا تُخفي المصادر بأن نسبة العجز التي كانت مقدرة في مشروع الموازنة ما دون الواحد بالمئة، سترتفع حكماً.

 

وتؤكد المصادر نفسها أن مسار اللجنة هو إنهاء الموازنة بمعزل عن ملف تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي بات من شبه المؤكد أن إقرار هذه الموازنة سيُرحل إلى العام الجديد.

 

وتُشير المصادر إلى عمل اللجنة إنطلاقاً من قاعدة تأمين موازنة شفافة. وهذا ما شدد عليه رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان بعد انتهاء الجلسة لجهة إعلانه الإقرار المبدئي والعملي للموازنة، مع تعديلات كثيرة منها التخفيض الذي يصل إلى نحو 1000 مليار ليرة وتحديداً 979 مليار ليرة، منها 10% على المواد الإستهلاكية التي ترد في اعتمادات الوزارات، و20% على الخدمات الإستهلاكية وبدلات الأتعاب و100% على ما يتعلّق بتشييد أبنية جديدة.

 

وإذ أشار كنعان إلى أن “التخفيضات طاولت بنوداً عدة منها المجالس والصناديق والتجهيزات وقوانين البرامج والجمعيات التي لا تُعنى بالرعاية الاجتماعية”، تحدث عن فرض الرقابة على كل المؤسسات والرقابة المسبقة على الهبات والقروض وإقتراح مادة لتحويل مبالغ الخلوي مباشرة إلى الخزينة.

 

وكشف عن رفع الضمان على الودائع من 5 ملايين إلى 75 مليون ليرة ما يؤثر إيجاباً على صغار المودعين ويحميهم. وأعلن عن تجميد وتعليق كل ما يرتبط بالقروض الإسكانية والقروض الصناعية والزراعية، والمستحقات الضريبية الواردة في موازنة 2020 لمدة ستة أشهر من تاريخ نشر الموازنة.

 

وأوضح أن “الوفر الذي تأمّن في الموازنة سيؤمّن الإعتمادات المطلوبة لـ12 ألف مضمون إختياري لتلبية حاجاتهم من دواء وإستشفاء”.

 

وعلى الرغم مما أعلنه كنعان، فإن لجنة مصغرة كُلفت بإعادة ترتيب مواد المشروع وتدقيق صياغته، خصوصاً الإقتراحات الجديدة التي أدخلت وتبيان واحتساب نسبة العجز الحقيقية الجديدة بعد ما تم من مستجدات.

 

وعلمت “نداء الوطن” أن أرقام نفقات الموازنة خُفضت من 19000 ألف مليار إلى 18000 مليار ليرة لبنانية وأن المداخيل والواردات المقدرة أصبحت بحدود 14000 مليار وبالتالي كيف سيؤمن مصرف لبنان مبلغ الـ4000 مليار لكي يستقيم الأمر، عدا عن أن المصارف تُحاول التهرب مما هو مطلوب منها بحجة أن ليس لديها أرباح هذه السنة؟

 

الإجتماع الإستثنائي

 

المواضيع الأكثر أهمية وإلحاحاً والتي لم تجد أجوبة بعد على كثير من أسئلة وتساؤلات اللبنانيين، كانت محور الاجتماع الإستثنائي الذي عُقد قبيل جلسة لجنة المال برئاسة كنعان وحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وعدد من النواب.

 

وبينما تحدث كنعان عن حالة القلق التي أدت إلى سحب 6 مليارات دولار من المصارف إلى البيوت، وتأليف لجنة مصغّرة للتواصل مع مصرف لبنان وهيئة التحقيق لمتابعة مسألة التحويلات إلى الخارج وما تردد في الإعلام حولها، بقيت معاناة صغارالمودعين وسحب رواتبهم معلقة، ولم تكن أجوبة القطاع المصرفي مقنعة، كما سُجل في المحضر أن مصرف لبنان يلتزم بخفض العجز في الموازنة دفترياً، لا سيما أن ما أقر يتطلب أن يترافق العجز صفر مع الإصلاحات، ولكن الواقع ما بعد 17 تشرين مختلف، إذ لا حكومة والإصلاحات جامدة والإيرادات تراجعت.

 

وقد انعكست حالة القلق والإرباك من خلال تصريحات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير بعد الاجتماع، حيث حاول الرجلان تجاهل ملف تحويل الأموال إلى الخارج وحاولا التهرب من الإجابات المباشرة حول هذا الأمر.

 

فالحاكم يقول أنه “سيتحقق من التحويلات” و”الناس حرة بأموالها”، وغيرها من العبارات التي تحتاج إلى تفسيرات.

 

ولم يكتف بهذا الأمر، بل حاول تحميل مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار لما حصل بعد 17 تشرين وإقفال المصارف لأسبوعين، ما خلق الإضطرابات في السوق، على حد وصفه.

 

وبدل أن يُكحلها، عماها، حيث قال رداً على سؤال عن سعر صرف الدولار: “ما حدا بيعرف”، ثم أوضح مكتبه الإعلامي لاحقاً أنه قصد سعر الصرف لدى الصرافين تحديداً.

 

وليس بعيداً من سلامة، نفى رئيس جمعية المصارف سليم صفيرعلمه بما يتم تداوله عن “التّحويلات إلى الخارج”، وتوجه لصغار المودعين، بالقول:”لا تخافوا، و”الكريزة بتخلص عن قريب انشالله”.

 

وربما ما لم يقله سلامة وصفير، تناوله النائب حسن فضل الله في مؤتمره الصحافي الذي تحدث فيه عن استرداد الأموال المسحوبة إلى الخارج، مشيراً إلى أن حوالى 11 مليار دولار من المصارف موجودة في الخارج منها 9 مليارات بحجة أنها محولة للمصارف المراسلة، وحوالى ملياري دولار، مساهمات لمصارفهم في الخارج أو قروض يقدمونها لأشخاص غير مقيمين في لبنان.

 

وتطرق إلى أموال العاملين في القطاع العام، أي الرؤساء والوزراء والنواب وجميع موظفي الفئة الأولى، أصحاب المصارف وكبار المتعهدين في الدولة اللبنانية، وكيف يُمكن إعادتها الى المصارف اللبنانية لأنها أموال قبضت من الدولة اللبنانية وممكن أن بعضها تدور حوله شبهات.

 

في المحصلة، يبقى السؤال: ألا تعلم لجنة الرقابة على المصارف أرقام ودائع المصارف في الخارج قبل وبعد الأزمة، وبالتالي تحديد قيمة تحويلات كل مصرف؟ وهل فعلاً لا يعلم حاكم مصرف لبنان بحقيقة الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج؟