IMLebanon

حلول… لما تبقّى من الوطن

 

قد تكون الأمور على ما هي عليه الآن في غاية اللا معقول، وقد يكون توصيفها أقله بجهنم. وللذين لا يزالون لا يعترفون بأهمية الجلوس مع صندوق النقد الدولي والخصخصة، قد يكون حان الوقت لتغيير تفكيرهم، علماً أنّهم لا يزالون يراهنون على آخر نفس في هذا الوطن.

 

لا يبالي أسياد الطبقة السياسية بما يجري للناس. يتقاسمون ما بقي وينهشون في هذا البلد فساداً وعبثاً، مما جعلنا نعيش الظلمة مرتين: ظلمة إنهيار قطاع الكهرباء، بعد سنين من وعود باتت بالية، وظلمة لقمة العيش التي باتت غير متوفرة لأكثرية الشعب اللبناني. وإننا لا نبالغ حين نقول إنّ أكثر من 50% من الشعب بات يعيش تحت خط الفقر، والمعادلة واضحة وبسيطة، لا سيما وأنّ معدل متوسط الأجور هو ما يوازي 50 دولاراً أميركياً مع أسعار مدولرة، وجامعات أصبحت تعتمد دولار المصارف في تعاطيها مع طلابها.

ad

 

هذه المراجعة البسيطة كافية لمن عنده ذرة ضمير وعقل، لأخذ الأشياء على محمل الجدّ والجلوس مع صندوف النقد الدولي، علماً أنذ شروطه لن تساير أحداً، وقد تكون موجعة في أكثر نواحيها، لا سيما وأنّ القطاع المصرفي قد أفلس وانهارت آخر مداميكه، بعدما تآمر عليه السياسيون وبعض أصحاب المصارف، وأخذوا رهينة جنى عمر شعب صدّق ما قالوه بأنّ الفوائد يجب أن تكون عالية، بينما الفوائد في جميع أنحاء العالم لامست الصفر، وكانت تحت الصفر في بعضها. وصدّقوا ما قاله حاكم المركزي بأنّ الليرة بألف خير حتى اعتقد بعضهم أنّها كذلك. وما التعاميم التي تصدر من المركزي سوى إستدراكات جاءت كخبطٍ عشوائي، وأطاحت الفكر الإقتصادي والمالي والمصرفي على حدّ سواء، وبتنا نرى أمرين، إما أنّ المركزي على حق، وهنا نكون قد أطحنا كل الآراء والدراسات الإقتصادية، أو أننا نلعب السحر في إقتصاد فقد آخر ركن فيه، بالتكافل والتضامن بين أركان الدولة والمركزي والمصارف.

 

أما الحكومة الموعودين بها، فهي ليست مصدر ثفة، وهي إمتداد سنوات من المحاصصة والطائفية ونهش ما تبقّى في هذا الوطن. وليس غريبا أن يكون الوضع اللبناني وأزمته من أكثر الأوضاع خللاً في القرن الماضي والحاضر. هذا الوضع يذكّرنا إلى حدٍ كبير بألمانيا في السنوات العشرين الأولى من القرن الماضي، حيث باتت العملة فيها لا تساوي شيئاً، واضطر المسؤولون فيها إلى تغيير هذه العملة. والأمر ليس بعيداً بالنسبة للبنان، مع دولار من دون سقف، ومافيا سياسيين تتحكّم به، وتضخّم لامس حداً لا يوصف.

ad

 

لذلك، وهنا أتوجّه إلى هؤلاء الذين سوف يجلسون مع صندوق النقد الدولي، أن يكونوا على إستعداد لشروط قاسية، أهمها تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن المحروقات والخصخصة (وهذا أمر قد لا يعجب بعض المستفيدين لاسيما في قطاع الكهرباء)، والذي، ولعلم الجميع يشكّل نصف الدين العام مع خدمات باتت تهدّد أمن المواطن في صحته وعيشه ومستشفياته، وبعد وعود طالما سمعناها، عمّا سوف يحصل من تحسن في الخدمات. لذلك، قد تكون الخصخصة أو تأجير القطاع لشركات خاصة أمراً ضرورياً ومفيداً، مما يعني خدمات أحسن وجباية أفضل وسرقات أقل مما نحن عليه الآن.

 

ودولرة الإقتصاد خطرة في بداية الطريق، لكنها قد تكون باب حل إذا ما قرّرنا إستبدال البنك المركزي، والذي أثبت فشله وعدم درايته بأمور المال والإقتصاد ولعبته الـ Ponzi scheme، أو التي أودت بأصحابها إلى السجون (في أميركا)، بمجلس نقد يكون منقذاً لوضعية باتت تهدّد الأمن القومي والإجتماعي، وتجعل البلد رهينة عدد لا يتجاوز أصابع اليد من السياسيين الذين، وبحجة المدافعة عن حقوق طوائفهم، أودوا بنا إلى خراب لا يوصف ولا يمكن تخيّله. ومجلس النقد الذي اعتمدته العديد من الدول للخروج من أزماتها في القرن الماضي، لا سيما وأنّه منذ العام 2019 ولغاية اليوم لبنان يمرّ بأزمات ثلاث:

 

ad

أزمة نقدية.

أزمة ديون.

أزمة إقتصادية، حيث زادت نسب البطالة وتراجع الناتج وساعد في ذلك موجة الكورونا التي اجتاحت العالم أجمع.

 

هذه الأزمات مع أزمة شح الدولار في السوق المحلية، وعدم وجود سلطة سياسية لأخذ قرارات بنّاءة تساعد في الخروج من الأزمة، كلها تدل الى أنّ مجلس النقد قد يكون العامل الوحيد الذي سوف يساعد البلد في الخروج تدريجياً من أزمته. وحسب Steve Hank، الإقتصادي في جامعة Baltimore، انّ مجلس النقد سوف يساعد في ضبط التضخم الذي وصل إلى حدود غير مسبوقة 124 % حسب Hank.

 

وسيساعد مجلس النقد تدريجياً في ضبط مسار العملة والخروج مما نحن فيه، ويمنح ثقة في الإقتصاد، يضبط التضخم، مع فوائد متدنية. هذه النتائج الأولية المتوقعة من مجلس النقد، تساعد في الإنقاذ، ولئلا نكون قد أخذنا البلد الى جهنم كلياً، كما وعدونا.