IMLebanon

التزام كل الأطراف سياسية النأي بالنفس بمن فيهم «حزب الله» يُجنّب البلد أية مخاطر محتملة

التزام كل الأطراف سياسية النأي بالنفس بمن فيهم «حزب الله» يُجنّب البلد أية مخاطر محتملة

قلق لبناني جرّاء التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل والخشية من استعمال لبنان منصة للمواجهة

 

 

حماية لبنان وابقائه بعيداً عن الصراع الإيراني – الإسرائيلي  يتطلب التزام كل الأطراف اللبنانيين بمن فيهم «حزب الله» بسياسة النأي بالنفس

لا تخفي مصادر ديبلوماسية قلقها من التطورات العسكرية على الساحة السورية بعد الضربة العسكرية التي وجهها التحالف الأميركي والفرنسي والبريطاني ضد مواقع تصنيع وتخزين الأسلحة الكيماوية السورية بعد المجزرة التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين في منطقة دوما وتصاعد حدّة التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على خلفية استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي لمواقع عسكرية يتمركز فيها عناصر من الحرس الثوري الإيراني وفي ضوء الاستعدادات العسكرية لكلا الطرفين والخشية من ان تتمدد هذه المواجهة المحتملة لتطال الجنوب اللبناني في حال لم يتم احتواء التصعيد الحاصل وحصر مفاعيله في المناوشات والضربات العسكرية المحدودة على غرار ما كان يحصل طوال المرحلة الماضية.

وترى المصادر المذكورة ان الصراع الإقليمي الدولي الدائر على الساحة السورية بفعل تدخل الدول الكبرى والمجاورة فيه يزداد تعقيدا وصعوبة يوماً بعد يوم بسبب إصرار هذه الدول على استعمال هذه الساحة لتصفية حساباتها من جهة وللحفاظ على مصالحها في أكثر من منطقة في العالم، ومع اقتراب موعد إعادة النظر من قبل واشنطن في الاتفاق النووي الإيراني بعد حوالى الشهر، تزداد المخاوف من ردّات الفعل المحتملة للجانب الإيراني في حال أقدمت الإدارة الأميركية على نقض هذا الاتفاق بالكامل أو فرض شروط جديدة تحد من مفاعيله أو تفرغه من مضمونه الذي كان يتيح للنظام الإيراني الاستفادة منه وخصوصا في الشق الاقتصادي لتمويل الانفلاش العسكري وعمليات التسليح المتواصلة للمنظمات والأحزاب الموالية لإيران في أكثر من دولة عربية ومن بينها لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها.

فهذه الوقائع المقلقة لا تؤشر لإمكانية تهدئة الصراع الدائر في سوريا ولا توحي باستيعاب بوادر التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، الا ان ردة الفعل الإيرانية  على الضربات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة لمواقع الحرس الثوري الإيراني  في سوريا قد تكون مباغتة وفي أماكن غير متوقعة أو مؤجلة في هذا الوقت لحين تبلور مواقف الولايات المتحدة الأميركية النهائية من الملف النووي الإيراني على الارجح وهي مواقف تتسم بالسلبية وباحتمال التملص من هذا الاتفاق كما تردّد على لسان كبار المسؤولين الأميركيين وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي  دونالد ترامب والذي رفض أكثر من وساطة أوروبية وغيرها لتعديل موقفه أو حتى اجراء تعديلات محدودة على الاتفاق النووي مع إيران.

وتعترف المصادر الدبلوماسية بأهمية الحضانة الدولية لتحييد لبنان عن الصراع المعقد الدائر بسوريا منذ حوالى السبع سنوات، والرغبة بترسيخ الأمن والاستقرار فيه ومنع أي تداعيات سلبية محتملة جرّاء ما يحصل عنه، وقد نجحت هذه الحضانة التي تزامنت أيضاً مع رغبة وإصرار القادة السياسيين اللبنانيين في انتهاج سياسة النأي بالنفس في إبقاء لبنان بعيداً عن لهيب الحرب السورية، بالرغم من مشاركة «حزب الله»، في هذه الحرب للدفاع عن النظام السوري ومنع سقوطه على ايدي السوريين الثائرين ضده.

ولكن في رأي هذه المصادر ان وضع لبنان المستقر امنياً حتى اليوم بفعل توافر هذه العوامل المحلية والإقليمية والدولية، قد يكون معرضاً للاهتزاز وعدم الاستقرار في حال توسعت حدة المواجهة بين النظام وإيران في المرحلة المقبلة بفعل ما حصل الأسبوع الماضي بسوريا أو ما يمكن ان يحصل على صعيد الملف النووي مستقبلاً وكيفية تطوّر ردود الفعل عليه من قبل إيران، لا سيما إذا انخرط «حزب الله» بهذه المواجهة بايعاز إيراني كما هو معهود باستمرار واتخذ من الحدود الجنوبية منطلقاً لهذه المواجهة وردات الفعل الإسرائيلية المتوقعة ضده.

فهذا احتمال متوقع ولا يمكن تجاوزه أو اسقاطه من الحسبان، بالرغم من كل التطمينات والتعهدات بعدم استعمال الجنوب كمنطلق لاستهداف إسرائيل في حال قرّر النظام الإيراني الانخراط بالمواجهة العسكرية معها.

وفي اعتقاد المصادر الدبلوماسية المذكورة ان حماية لبنان وابقائه بعيداً عن الصراع الإيراني – الإسرائيلي الذي يبدو في الأفق، يتطلب التزام كل الأطراف اللبنانيين بمن فيهم «حزب الله» بسياسة النأي بالنفس المجمع عليها من كل الأطراف وتجنب استعمال لبنان قاعدة للانطلاق منها لاستهداف اسرائيل مناصرة لإيران كما كان يحدث من قبل، فهذا الالتزام كفيل بابعاد لبنان عن المنازلة العسكرية المرتقبة بين الطرفين، ولكن لا يكن لأي جهة ان تضمن هذا الأمر، إلا إذا كان هناك إجماع لبناني ضاغط وحرص على إبقاء لبنان بمنأى عن الصراع الدائر في الجوار وهذا ما يبديه كبار المسؤولين ويصرون على الالتزام به مهما تفاعل التوتر السائد على الساحة السورية.