IMLebanon

التيار سيحرّك ملف النازحين… والمعارضون لن يمانعوا

 

كما كان مُتوقّعًا أثار رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون من على منبر الأمم المتحدة، ملفّات عدّة شائكة وحسّاسة، من بينها ملفّ اللاجئين السُوريّين، حيث قال «إنّ بعض مواقف الدُول غير المُبالية بأزمة النزوح، قد تدفع لبنان حُكمًا إلى تشجيع عمليّة العودة التي يُجريها، بالإتفاق مع الدولة السُوريّة لحلّ هذه المُعضلة». فما هي الرسالة التي بعثها رئيس الجُمهورية، وما هي الخُطوات المُرتقبة في هذا الملف؟

 

أكّدت أوساط سياسيّة مُتابعة أنّ السُلطات اللبنانيّة صارت مُتيقّنة بأنّ المُجتمع الدَولي لن يُساعد لبنان في إعادة النازحين السوريّين إلى بلادهم، بعد تحويل الولايات المتحدة الأميركيّة ومعها مجموعة من الدول الأوروبيّة والعربيّة، هذه المسألة إلى ورقة سياسيّة لم يحن موعد المُساومة عليها بعد، في إنتظار تبلور الصُورة النهائية للحرب في سوريا. وأضافت الأوساط أنّ لبنان الرسمي لمس أيضًا أنّ المُبادرة الروسية لإعادة النازحين مُتعثّرة بدورها، لأكثر من سبب، ومن بينها عدم توفّر التغطيّة الماليّة لأي عَودة جَماعيّة واسعة النطاق، في حين أنّ العودة الطوعيّة على دُفعات، والتي عمل مُدير عام الأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم على تسهيلها لوجستيًا، بقيت مَحدودة الحجم، وبالتالي مُتواضعة النتائج. وتابعت الأوساط نفسها أنّ السُلطات اللبنانيّة المُنقسمة على نفسها، بين فريق مُتحمّس لهذه العودة يُمثّله خُصوصًا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن خلفه «التيّار الوطني الحُرّ»، وفريق مُتريّث يمثّله خُصوصًا رئيس الحُكومة سعد الحريري ومن خلفه «تيّار المُستقبل» ومعه «الحزب التقدمي الإشتراكي»، أيقنت أنّ ملفّ النازحين مُؤجّل من قبل المُجتمع الدَولي ودول القرار، إلى مرحلة لاحقة، نتيجة تقدّم ملفّات إقليميّة عديدة أكثر أهميّة بالنسبة إلى مصالحها.

 

ولفتت الأوساط السياسيّة نفسها إلى أنّه في ظلّ لا مُبالاة رئيس الحكومة، تأثّرًا بالموقف الخليجي، ولأسباب مُرتبطة بالعلاقة السيّئة مع الحكومة السورية، قرّر رئيس الجمهوريّة – مَدعومًا بوزراء ونوّاب «التيّار» وبعض الحُلفاء، المُبادرة إلى وضع الموضوع على نار حامية. وأضافت أنّ مضمون كلمة الرئيس عون من على منبر الأمم المتحدة لم تهدف إلى حثّ المُجتمع الدَولي للتحرّك – بعد أن فشلت كل المُحاولات السابقة في هذا المجال مع مُختلف المَبعوثين الدَوليّين الذين زاروا لبنان خلال السنوات الماضية، بقدر ما هدفت إلى إبلاغ المَعنيّين أن لبنان سيتحرّك مُنفردًا في هذا الملف. وكشفت الأوساط نفسها أنّ خطّة الوزير صالح الغريب ستُطرح في المُستقبل غير البعيد على طاولة مجلس الوزراء، بدعم من وزراء «التيّار»، وبضوء أخضر من رئيس الجمهوريّة، على أن يتمّ تحريك هذا الملف مُباشرة مع الحكومة السورية، بغضّ النظر عن أيّ مُعارضة داخليّة يُمكن أن تحصل.

 

ورأت الأوساط السياسيّة المُتابعة أنّ المُفارقة اللافتة، أنّ القوى التي تُعارض التواصل المُباشر بين السُلطة اللبنانية والحكومة السورية، أي كل من «المُستقبل» و«الإشتراكي» و«القوات»، سيحصرون مُعارضتهم برفض التقارب سياسيًا مع الحكومة السورية، وبرفض منحه أي غطاء شرعي من جانب لبنان الرسمي، لكنّهم لن يقفوا بمُواجهة أي مبادرة رئاسيّة تهدف إلى إعادة النازحين! وأوضحت أنّ السبب وراء هذا الموقف الذي جرى تداوله داخل كل حزب وتيّار على حدة، يعود إلى شقّين: الأوّل عدم القُدرة على الوُقوف علنًا أمام عودة أيّ نازح، خاصة في ظلّ تحميل النازحين في لبنان مسؤوليّة كبيرة على مُستوى التدهور الإقتصادي الحاصل، والثاني التعويل على عدم رغبة سوريا بتسهيل هذه العودة في المرحلة الحالية، بهدف سعيها إلى ربط الأمر بمُساعدات مالية دَوليّة لإعادة الإعمار من جهة، وبتواصل سياسي دَولي مُباشر مع قيادتها من جهة أخرى. وأضافت الأوساط، أنّه بحسب إقتناع القوى اللبنانيّة المُعارضة للحكومة السورية، فإنها لن تسهّل أي عَودة جَماعية واسعة النطاق حتى لو حمل رئيس الجمهوريّة اللبناني بنفسه الملفّ إلى دمشق، لأنّ مصلحتها تكمن في رفع الحصار السياسي الدَولي عنها، وفي بدء تدفّق أموال إعادة الإعمار إليها، وهو ما لا قدرة للبنان على تأمينه!