IMLebanon

عربيد:المجلس الاقتصادي-الاجتماعي يعمل على ترشيد الدعم

 

حداد : الحل بتخفيف الدعم وتعزيز الأمان الإجتماعي

 

بعد التدهور الاقتصادي الكبير الذي يشهده لبنان نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية لا سيما في السوق السوداء، بالتوازي مع استمرار سعره الرسمي لدى مصرف لبنان على 1500ليرة، وانعكاس هذا الامر على الاوضاع الاجتماعية والمعيشية والصحية لدى المواطن اللبناني اتخذت الحكومة اللبنانية عدة خطوات في الاشهر الاخيرة قبل استقالتها ومن هذه الخطوات موضوع دعم عدد من السلع الاساسية وذلك خلال اعطاء  بعض التجار الدولار على سعر 1500 لاستيراد سلع محددة، وعلى سعر 3900 لعدد اخر منها من اجل تأمين امور اساسية ومواد اولية، اضافة لاتباع سياسة السلة المدعومة والتي تحتوي على عدد كبير من المواد، ولكن بسبب انعدام الضمير والجشع لدى البعض تم تهريب كميات كبيرة من هذه المواد والسلع الى خارج الحدود مع استمرار نشاط تهريب المحروقات والطحين بشكل متواصل الى سوريا، ومع استنزاف اموال مصرف لبنان استنفرت الجهات المعنية للعمل من اجل ايجاد حل للازمة مع الحديث عن رفع الدعم الذي لاقى استياءً شعبيا كبيرا.

 

وفي هذا الاطار سألت «اللواء» وزير الاقتصاد الاسبق سامي حداد عن مفهومه لموضوع الدعم فأكد ان ان هذه الوسيلة برهنت عن فشلها لدى دول العالم وخصوصا في لبنان، معتبرا ان مبلغ 6 او 7 مليار دولار الذي دفع من اجل هذه الغاية لم يصل الى اي نتيجة بل انعكس سلبا على الاوضاع المالية بحيث استفاد منه المهربون والاغنياء  والسماسرة والتجار ولم يتم استفادة  ذوي الدخل المحدود الا بمبلغ محدود جدا.

 

سامي حداد

 

 

 

ورأى حداد ان كلفة دعم الطحين ليست بالكلفة الباهظة حيث تبلغ 12 مليون دولار سنويا مع اعتبار ان للرغيف قيمة رمزية ، مؤكدا انه ضد مبدأ الدعم بشكل عام ، وذكّر بأن البنزين  والمازوت كانا مدعومين  لدى توليه  حقيبة الاقتصاد ولكن عادت الدولة ورفعت هذا الدعم عنهما واصبح سعرهما طبيعيا وكذلك الامر بالنسبة للدواء.

 

حداد اكد ان السبب الاساسي الذي اوصل الوضع المالي الى العجز الحالي هو موضوع دعم الكهرباء الذي يشكل كارثة على لبنان، مطالبا باعادة النظر بالتسعيرة من خلال العمل بسياسة الشطور، مشيرا الى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار حجم المسكن لان المستفيد حاليا من الدعم مالكو المنازل الكبرى.

 

وشدد حداد على ان الحل لدعم ذوي الدخل المحدود هو باعتماد شبكة امان اجتماعي داعيا وزارة الشؤون الاجتماعية للعب دورها وتحمل مسؤوليتها في هذا الموضوع ، معتبرا ان الشبكة يجب ان تشمل الامور الاساسية من تعليم وطبابة ودفع مبالغ محددة للعاطلين عن العمل ولذوي الدخل المحدود، مع تطوير وتعزيز المستشفيات الحكومية والمدارس والجامعات الرسمية ، معتبرا انه في ظل الظروف الراهنة وغياب شبكة الامان لا يمكن اتخاذ قرار بوقف الدعم بشكل كامل. وذكّر حداد بالاستعداد الذي ابداه البنك الدولي منذ اكثر من ستة اشهر لمساعدة الحكومة اللبنانية لوضع البيانات المطلوبة وتمويل الشبكة من خلال المساعدة بمبلغ 500 مليون دولار بفائدة حوالي الصفر على عشرين سنة، خصوصا ان لدى البنك الخبرة في هذا الموضوع الذي قدم مساعدة الى عدد من الدول للقيام بهذه المهمة، مستغربا رفض الحكومة لهذا العرض، وهي تعتبر ان باستطاعتها وحدها وضع البيانات.

 

وكشف حداد ان الاتحاد الاوروبي ابدى استعداده ايضا للمساعدة في تمويل البرنامج، ومع ذلك ترفض الحكومة ذلك، مؤكدا ان موضوع تمويل شبكة الامان هو موضوع اجتماعي  وبامكان عدد من دول العالم مساعدتنا بشكل كبير في هذه المرحلة من خلال العطف التي تبديه هذه الدول تجاه لبنان، والمؤتمر الانساني الذي عقد في الثاني من الشهر الجاري في باريس اثبت ذلك، خصوصا بأن تقديم المساعدات الانسانية والاجتماعية مختلف كليا عن البرنامج الذي يريد صندوق النقد الدولي تقديمه والذي يشترط على لبنان اجراء الاصلاحات الاساسية لتقديم هذا الدعم.

 

ورأى حداد ان وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة الصليب الاحمر والمؤسسة العسكرية من خلال الجيش اللبناني يمكنهم القيام بالعمل لوضع هذه الشبكة التي تم العمل بها بشكل جزئي، مع استفادة بعض العائلات من مساعدات مالية محدودة، لافتا الى ان منظمة الصليب الاحمر موثوق بها، وكذلك الجيش اللبناني. واشار حداد الى انه حتى لو نجح العمل بشبكة الامان بشكل متوسط، فإن الامر سيكون افضل مما نحن عليه اليوم، خصوصا ان الدعم العشوائي المعمول به حاليا غير المدروس ونتج عنه خسارة  7مليار دولار.

 

ويختم حداد باعتبار ان الحل الذي يجب اعتماده حاليا هو بتخفيف الدعم بشكل تدريجي بالتوازي مع العمل لتعزيز شبكة الامان الموجودة جزئيا لكي تصبح شاملة.

 

عربيد

 

وعلى صعيد دور المجلس الاقتصادي الاجتماعي في هذه المرحلة يؤكد رئيس المجلس شارل عربيد لـ«اللواء» ان المجلس بصدد عقد اجتماعات ولقاءات مع جميع القطاعات المعنية بموضوع رفع الدعم لدرس الاليات المطروحة والدور الذي يمكن ان يقوم به القطاع الخاص للمساعدة بهذا الملف. مشددا على ان المجلس الاقتصادي ليس مع رفع الدعم ولكن مع العمل على ترشيده وتهديفه لكي تستفيد منه شريحة معينة من المجتمع يجب الحفاظ على استمرارها. بحيث يتم البحث عن آلية ومخارج بالنسبة لموضوع البنزين والمازوت لكيفية دعم السائقين العموميين واستمرار عمل النقل المشترك، والقيام باجراء الحوار مع اصحاب العمل لكيفية زيادة تعرفة بدل النقل في المؤسسات والتي تبلغ حاليا 8 آلاف ليرة يوميا كي لا تتأثر الشرائح العمالية اذا تم رفع الدعم عن البنزين .

 

شارل عربيد

 

ويلفت عربيد الى ان البحث يتمحور ايضا عن كيفية مساعدة من ليس لديه اجر، اي من هو عاطل عن العمل،  بالاضافة الى موضوع تعرفة الكهرباء بحيث يتم اعتماد الشطائر والاخذ بعين الاعتبار مساحة المنازل.

 

ولفت الى ان المجلس رغم ان دوره استشاري ولكنه يعمل على طرح خطة تخفيف وترشيد فاتورة الدواء من خلال تقوية ودعم الصناعة الوطنية، كذلك اعتماد مشروع البطاقة التمويلية الموجود لدى البنك الدولي والعمل على تحفيزه بحيث يمنح المواطن بطاقات معبئة بمبالغ محددة  لمساعدته لفترة معينة, مؤكدا ان الحكومة لا تستطيع اتخاذ القرارات بمفردها، لذلك يجب ان تكون العملية تشاركية خصوصا ان هناك حاجة لوضع بعض القوانين والقيام بالتشريعات .

 

ويكشف عربيد بأن المجلس الاقتصادي لديه افكار في صدد تقديمها وهو منفتح للاستماع الى خبرات اختصاصيين لا سيما المطلعين على الخطط المعتمدة من قبل الدول التي مرت بظروف شبيهة بما يمر به لبنان حاليا، معترفا باننا تأخرنا لايجاد الحلول خصوصا ان العملية هي اجتماعية اقتصادية متشابكة.

 

وجزم الى انه لا يمكن رفع الدعم بالوقت الراهن دون تأمين البديل للشعب كي لا يحصل الانفجار الكبير، مؤكدا ان المجلس الاقتصادي بصدد التحضير لورقة اقتصادية من خلال التشاور المستمر للوصول الى رؤية متكاملة ، مذكرا أن دور المجلس هو استشاري ولكنه يستمع ويناقش الحلول التي تعرض عليه، كاشفا انه خلال اسبوع ستكون الرؤية المتكاملة جاهزة.

 

وقال:«نحن نعطي الافكار والاراء وعلى السلطة التنفيذية ان تقرر اذا ارادت اعتماد ما نقدمه لها او لا، لافتا الى ان المجلس قدم قبل استقالة الحكومة ورقة لتحفيز الاقتصاد وتم تجديدها بعد انفجار المرفأ ، مبدياً  الاستعداد الدائم للمساعدة وتقديم النصح.