IMLebanon

سقوط قانون الضرائب دستورياً لا يُلغي مفاعيل «السلسلة»

 

 

من يهلّل لقرار المجلس الدستوري الذي أبطل قانون الضرائب امس، سيكتشف غدا ان الضرائب التي طارت من «الباب» ستعود من «شباك» الموازنة، التي لم يعد امام المسؤولين سوى خيار إقرارها من أجل تضمنيها كافة البنود الضريبية، المفترض ان تؤمن تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي أصبح قانونها مُلزما ولا بد من تطبيقه.

أبطل المجلس الدستوري القانون رقم 45 /2017، المتعلق بتعديل واستحداث بعض المواد القانونية الضريبية لغايات تمويل رفع الحدّ الادنى للرواتب والاجور في القطاع العام، والمنشور في العدد 37 من الجريدة الرسمية الصادرة في 21/8/2017.

وزع المجلس، بعد الاجتماع الذي عقده برئاسة رئيسه القاضي عصام سليمان، وحضور نائب الرئيس القاضي طارق زيادة والاعضاء: محمد بسام مرتضى، صلاح مخيبر، سهيل عبد الصمد، توفيق سوبره، زغلول عطية، انطوان خير، انطوان مسرة وأحمد تقي الدين، ملخصا عن قرار الابطال الكامل للقانون الذي اصدره بالاجماع، عارضا الاسباب وفيها:

1- لم يتبيّن من محضر جلسة مجلس النواب التي أقر فيها القانون، أن الأصول الدستورية، المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، قد روعيت في التصويت على القانون المطعون فيه.

2- القانون المطعون فيه صدر في غياب الموازنة وخارجها وخالف مبدأ الشمول الذي نصت عليه المادة 83 من الدستور، وكان ينبغي أن يأتي في إطار الموازنة العامة السنوية وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور.

3- ما ورد في المادة 17 -الفقرة الأخيرة- يعتبر خرقاً لمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة والضرائب، ومتعارضا مع الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ومع المادة 7 من الدستور. (تجدر الاشارة الى ان هذه المادة تنصّ على زيادة معدل الضريبة على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات المالية والسندات لدى المصارف من 5% الى 7% من دون اعادة خصمها من ضريبة الارباح، مما يشكل ازدواجا ضريبيا واضحا خلافا لمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور.)

4- نصّ المادة الحادية عشرة من القانون المطعون فيه يشوبه الغموض ما يؤدي الى تطبيقها بشكل إستنسابي وبطرق ملتوية تسيء الى العدالة والمساواة بين المواطنين. (تجدر الاشارة الى ان هذه المادة مرتبطة بمعالجة الإشغال غير القانوني للاملاك العامة البحرية.)

وجاء في القرار

بعد المداولة، يؤكد المجلس الدستوري بالإجماع على المبادئ الواردة في الحيثيات وعلى إن عدم إقرار موازنة عامة سنوية للدولة وعدم وضع قطع حساب لكل سنة يشكلان انتهاكا فاضحا للدستور.

وإستنادا الى الأسباب الواردة في الحيثيات، قرر المجلس الدستوري بالإجماع:

أولا- في الشكل:

قبول المراجعة شكلاً لورودها ضمن المهلة مستوفية الشروط المطلوبة.

ثانيا- في الأساس:

إبطال القانون رقم 45، المنشور في العدد 37 من الجريدة الرسمية بتاريخ 21/8/2017 برمته.

ثالثا – نشر القرار في الجريدة الرسمية.

بذلك، يكون المجلس الدستوري، بقرار إبطال قانون الضرائب، قد حفّز على إقرار الموازنة العامة العالقة منذ العام 2005، حيث ان أحد أبرز أسباب إبطال القانون، عدم دستورية تخصيص موارد مالية معيّنة لإنفاق محدّد، والاشارة الى ان المواد الضريبية وأي أبواب تمويل أخرى يجب ان تأتي ضمن الموازنة العامة السنوية.

وبالتالي، فان ما كان قد طالب به رئيس الجمهورية ميشال عون، إقرار الموازنة قبل السلسلة، كان المسار الأصحّ الذي كان يجب اتّباعه، بدلاً من التسرّع في إقرار قانون تمويلي للسلسلة تشوبها الثغرات الدستورية.

في هذا الاطار، اعلن القاضي نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة بعد انتهاء اجتماع المجلس أن «لا علاقة لقانون سلسلة الرتب والرواتب بما صدر عن المجلس اليوم (امس) وهناك وفر في الموازنة، يستطيعون إقرار قانون آخر كما بالإمكان تعديل قانون الضرائب».

كما قال عضو المجلس الدستوري القاضي صلاح مخيبر، انه بعد قرار المجلس الدستوري، يعود قانون الضرائب المتعلق بالسلسلة الى مجلس النواب والمجلس سيّد نفسه ويصحّح ما يجب تصحيحه او يقرّ قانوناً جديدا. وقانون السلسلة نافذ ولم يمسّ أحد به.

واتخذ القرار بالإجماع وتم إبطال القانون برمته. ليس هناك من مشكلة عند إبطال قانون يصاغ قانون آخر ولم نأخذ إلا بما هو يخالف نصّ القانون. ونحن لسنا مع أحد ضد آخر وسيقبض الموظفون في شهر تشرين على اساس السلسلة».

مرقص

من الناحية القانونية، أكد الخبير القانوني المحامي بول مرقص لـ«الجمهورية» ان القانون 46 المتعلّق بسلسلة الرتب والرواتب لا يزال قائماً ولم يُمسّ، لأنه لم يكن موضوع طعن، «لكن من الناحية المالية، هو متعذّر التطبيق بسبب ربطه بالقانون 45 المتعلّق بالضرائب التمويلية للسلسلة». ولفت الى ان هذا الربط كان أيضاً محلّ الإبطال، لأنه يتناقض مع مبدأ عدم التخصيص.

وبالتالي، رأى مرقص ان على مجلس النواب ان يقدم على إحدى الخطوتين التاليتين:

– إلغاء قانون سلسلة الرتب والرواتب رقم 46.

– تشريع موازنة تراعي مبادىء الشمول والشيوع ووحدانية الموازنة، اي تخصيص جميع الضرائب والرسوم لجميع النفقات.

ورأى مرقص ان هذا التشريع المالي (اقرار الموازنة) ضروريّ، آملا عدم الوقوع في الاخطاء نفسها واعادة صياغة قوانين اخرى مجتزأة.

واشار الى ان اعادة ادراج الضرائب التي نصّ عليها القانون 45 ضمن الموازنة العامة، أمر لا يجوز من دون تصحيحها والأخذ في الاعتبار ما أبطله المجلس الدستوري، «خصوصا في ما يتعلّق بقطاعات المهن الحرة والذي يمسّ مبدأ المساواة الضريبي».

وشدّد مرقص ردّاً على سؤال، على انه لا يمكن فرض ضرائب بمعفول رجعي «لا ضمن الموازنة ولا خارجها، وذلك وفقاً لمبدأ عدم رجعية القوانين».