IMLebanon

الحرب تُغرق قطاع الصّيد في الناقورة

 

قضت الحرب على قطاع صيد الأسماك في الناقورة، إذ كان يتغنّى الصيادون بجودة نوعية الأسماك الذي يصطادونها. توقّف الصّيد كليّاً. أكثر من ثمانين صيّاداً بلا عمل حالياً، فالبحر الذي شكّل لعقود طويلة مصدر رزقهم، يُشكّل تهديداً لحياتهم بسبب الحرب. يقع بحر الناقورة مباشرة قبالة موقع جل العلام، ما يزيد نسبة خطورة الصّيد، خصوصاً في الليل.

 

يعتمد جزء من أبناء بلدة الناقورة على مهنة صيد الأسماك، يعتاش منها ما يقرب 80 عائلة، ويشكل البحر مورداً مهماً لاصطياد أجود أنواع السمك، باعتبار أنّ بحر الناقورة لم يطله التلوث. يجد الصيادون صعوبة في الصيد، إذ لفت رئيس بلدية الناقورة عبّاس عواضة إلى أنّ «إنتاج الناقورة يغذي السوق المحلية، لكنّ الحرب الدائرة شلّت كلّ شيء، وفاقمت الظروف المعيشية للناس».

 

لم تطوِ بلدة الناقورة صفحات الإعتداء الذي طالها قبل أيام، ما زال جرحها «ينزف». يشير عواضة إلى «حجم المعاناة، إذ إنّ عامل صيانة الكهرباء علي مهدي الذي قضى مع ثلاثة شبان في الغارة الأخيرة، كان يقوم بإصلاح أعطال التيار الكهربائي سريعاً، حيث لم يترك البلدة، وفضّل البقاء قرب أهله للقيام بواجبه، لم يكن يتردّد لحظة في تسلّق عمود الكهرباء لصيانة أي عطل يطرأ، لكن اليوم يتأخر إصلاح الأعطال في حين تُشكّل المياه والكهرباء عناصر رئيسية في صمود الأهالي».

 

عند نقطة قوات الطوارئ تنحرف يساراً في إتجاه البلدة، نسبة كبيرة من سكانها غادروها بعد العدوان الأخير على المقهى الصغير. منذ بداية الحرب تتعرّض أحراج اللبونة للغارات والإعتداءات، ما أنزل بها أضراراً جسيمة، و»خسرت الناقورة رئتها البيئية» وفق عواضة.

 

شكّل وجود قوّات الطوارئ الدولية نقطة أمان لسكان الناقورة، باعتبار أنهم قوات حفظ سلام، وقد يلعب وجودهم دوراً في تحييد البلدة عن القصف والغارات، غير أنّ ما حصل كان مغايراً بحسب عواضة، الذي يؤكّد صمود 10% فقط من أبناء الناقورة، في حين نزح الباقون نحو قرى صور.

 

يكاد يكون تحرّك دوريات الطوارئ خجولاً، وأحياناً لا يغادرون مراكز عملهم، وبحسب عواضة «غاب دورهم الإنمائي في زمن الحرب، لم يسألوا عن احتياجات الناس، علماً أن مشاريعهم الخدماتية والإنمائية قبل الحرب كانت كبيرة وواسعة النطاق».

 

وما زاد في الطين بلّة هو تعطل إحدى مضخات الآبار الارتوازية التي تغذّي البلدة. يقول عواضة: «قبل عشرة أيام توقفت المضخة، غير أنهم إستنجدوا بقوات الطوارئ للمساعدة في إيصال فريق الصيانة إلى مكان الآبار، وتأمين الغطاء الأمني لهم، ولكن لم نلقَ تجاوباً، ولا يمكن الوصول إلى البئر بسهولة بسبب القصف المتكرّر».

 

فضحت الحرب عجز الدولة في مدّ البلديات بالدعم اللازم، أبقت صناديقها فارغة، ومع ذلك لم تتوقّف بلدية الناقورة عن عملية رفع النفايات، درءاً لخطر تفشّي الأوبئة والأمراض. وأشار عواضة إلى أننا «نعتمد على المجهود الشخصي في توفير موارد مالية لرفع النفايات، نحرص على تخفيف وطأة الأزمة، كي لا نصل الى توقيت تجتاح فيه النفايات الطرقات».

 

ويضيف: «منذ 10 أشهر وعمّال بلدية الناقورة من دون رواتب. لم يتقاضوا أي أموال رغم الحرب، فصندوق البلدية فارغ، لم تحوّل الأموال إلى صناديق البلدية لمواجهة تداعيات الحرب، يعمل العمال بشكل تطوعي، وهذا ظلم بحقهم في ظل تفاقم الأزمة المعيشية والإقتصادية». ويأمل عواضة أن تلحظ الحكومة واقع البلديات «فكما تفكر في تأجيل الإنتخابات البلدية، التي باتت واقعة نسبياً، فلتسعَ إلى دعمها لتبقى قادرة على توفير بعض الخدمات».

 

يعيش سكّان الناقورة كلّ يوم بيومه، يراقبون تطورات الحرب وإنعكاساتها على حياتهم العامّة والخاصّة. يُدرك الجميع أن الظروف باتت ضاغطة، وأنّ «كرتونة الإعاشة» التي تقدّم شهرياً من قبل مجلس الجنوب لم تعد كافية، فالناس تحتاج الى فرص عمل وإيرادات مالية تؤمن لهم متطلبات النزوح.