IMLebanon

الجنرال الرابع للسنين الأربع

 

الآن… الآن، يَبدأ عهد الجنرال الرابع ميشال عون، وكلُّ ما لَـهُ علاقةٌ مباشرة بالأمس الرئاسي والسياسي ، ليس من عهده.

وإذا كان الحكمُ، أيُّ حكمٍ في المفهوم الذهني العام، تبدو ملامحُهُ عادةً بعد انقضاء المئة يوم ، قياساً على المـدَّة التي حكم فيها الأمبراطور نابوليون فرنسا بعد عودته من المنفى.

فإنَّ الحكمَ على حكمِ الجنرال الرابع في لبنان، لا يخضع لهذه القاعدة، بالرغم من انقضاء ثلث الولاية جلوساً على العرش.

الرئيس ميشال عون، منذ أن تسلّم سدّة الرئاسة أعلن أنَّ عهده يبدأ بعد مجلس نواب جديد وحكومة جديدة، كأنّه كان يتهيَّب تلك القاعدة القائلة: بأنَّ الحكم استمرارية، فيُثْقل عهده بحكومة متورِّطة وبمجلس نواب غير شرعي، أو كأنه كان يحلم بقانون انتخاب ينزِّل علينا بالمظلات السماوية أفواجاً من الملائكة، تحلُّ محلَّ الذين توالوا على السلطة منذ العام 1975 بواسطة صناديق الخرطوش، لا بواسطة صناديق الإقتراع.

نحن في أيِّ حال، لا ننتظر من هذا العهد بما تبقّى من الولاية أن يحقّق أعجوبة نبوية: وأنْ يُحيي العظام وهي رميمٌ في دولة النظام الرميم، وأن يجعل من لبنان جنّة تنهمر فيها أنهارُ اللبن والعسل ، ودولةً محصّنةً بالحديد والنار فلا يحلِّق في سمائها طيرٌ إلاّ بتأشيرة من الأمن العام… ولكن.

ولا ننتظر أن يقتلع الجنرال – بسحر ساحر – الإرث الكثيف المتراكم بالمحن والمفاسد والفتن، وكلَّ ما ورثناه عن سلاطين بني عثمان من بغايا ورزايا، وتولية الأمراء بالوراثة، بما كانت عليه ليالي الأمراء من شهوات العشق والفسق والإنحراف… ولكن.

ولا ننتتظر من الجنرال الذي خاطب شعب لبنان العظيم من قصر بعبدا وهو رئيس للحكومة، أن يجعل من هذا الشعب العظيم رسولاً للأمم، بمجرد أن يعتلي سدّة الرئاسة في بعبدا، ولا ننتظر أن يجعل من الدويلات الممذْهبة: مسيحياً وشيعياً وسنيْاً ودرزياً، دولة رسولية جامعة، وجمهورية على غرار جمهورية أفلاطون… ولكن.

ولكن… يكفي أن يضرب بيـدٍ «جنرالية» لتبطل أن تكون ثلاثية: أزمة السير والكهرباء والنفايات حالة وجودية مصيرية في مستوى ثلاثية: السيادة والحرية والإستقلال.

ويكفي أن تضرب يـدُ الجنرال لتصويب الأسلوب والنهج في ممارسة الحكم، وفي مسلكية السلطة وطبيعة النظام، حتى لا ينهار حكم القانون، ولا يظل الدستور خاضعاً للطبقة السياسية تتلاعب به بما يحقق مصالحها، فلبنان الدولة إذا بطَلَ أن يحكم بقوة الدستور والقانون يبْطُل أن يكون دولة.

وإذا ظل القانون ستاراً للمناصب في تحقيق المكاسب واختلاس المال العام، تصبح الدولة الصالحة شبيهة بالمومس العذراء، وإذا تـمَّ القضاءُ على استقلالية القضاء، يصبح الحقُّ سائباً ويتحوّل القضاء «الجالس» الى قضاء نائم.

ويكفي أن تضرب يـدُ الجنرال حتى لا تكون الدولة داخل الأحزاب، بل لتكون الأحزاب داخل الدولة في وطنٍ لا يُسخَّر الدينُ فيه أداةً للسلطة إكراماً لله، فالله لا يحتاج الى وطن باسمه على الأرض.

هذا بعضُ ما نراهن به على الجنرال الرابع صاحب شعار الإصلاح والتغيير، كمرحلة تمهيدية لإصلاح أشمل، ونحن بالرهان مستبشرون لأن عهد هذا الجنرال لا ينطبق عليه ما قاله الأخطل الصغير في عهد الرئيس إميل إده:

يا أمَّـةً غـدَتِ الذئابُ تسوسُها غَـرِقَتْ سفينتُها فأيْـنَ رئيسُها.