IMLebanon

سقوط الشجرة “البرتقالية”… “التيار” في معركة إستنزاف الشعبية

 

يواجه “التيار الوطني الحرّ” أخطر مرحلة في تاريخه السياسي، وتتفوق بصعوبتها على زمن الإحتلال السوري يوم كان محظوراً عليه التحرّك بحريّة.

 

ليس هناك أمام قيادة “التيار البرتقالي” متّسع من الوقت لإجراء النقد الذاتي على رغم تعالي الأصوات من داخل صفوفه سائلة القيادة “إلى أين ذاهبون؟”، لكن الأكيد أن إنخفاض الشعبية بات واضحاً أمام أعين الجميع، لأن نتائج الإنتخابات الجامعية أثبتت عدم قدرته على خوض المعارك الطالبية في جامعات كان يحصد فيها عدداً لا بأس به من المقاعد.

 

وتنقسم الآراء داخل الفريق “البرتقالي” الذي يرى أن “التيار الوطني” يتراجع، فالبعض يعتبر أن الأساس في التراجع يعود إلى عدم نجاح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تحقيق الوعود التي أطلقها قبل أن يصل إلى سدّة الرئاسة، وآخرون يرمون اللوم على رئيس “التيار” النائب جبران باسيل الذي إستأثر بالقيادة السياسية ولم يقم بأي عملية تنشيط ورمى المناضلين خارج الصفوف البرتقالية.

 

ومهما كانت الأسباب واضحة إلا أن النتيجة تبقى واحدة، وهي أن شعبية “التيار” تراجعت إلى الحدود القصوى وقد يكون الخاسر الأكبر بعد ثورة 17 تشرين، يليه تيار “المستقبل”.

 

ويملك الفريق الذي يُحمّل أسباب تراجع التيار البرتقالي للعماد عون نظرية تؤكّد أنه لو سمح عون بالإنتقال السياسي للسلطة داخل “التيار” ولم يفرض باسيل رئيساً، ويضغط على النائب ألان عون للإنسحاب من معركة رئاسة “التيار” في آب 2015، لكانت الامور سارت بشكل طبيعي وكانت هناك محاسبة، في حين أن عون منح صلاحيات لباسيل داخل القصر الجمهوري ما سبّب عداوات للعهد مع الجميع وخرّب عليه القيام بإنجاز، وبالطبع فإن عون هو من أطلق يد باسيل.

 

أما أصحاب نظرية أن باسيل يتحمّل الفشل الحاصل، فيشيرون إلى أن الأخير هو الآمر الناهي داخل تياره، وغلطته الأساسية أنه إستبعد كل المناضلين ولم يعد بجانبه “رجال” يقفون ويتحدّون، مثلما كانوا يناضلون أيام الإحتلال السوري. ويتابعون سرد أخطاء باسيل وأهمها تعيين أشخاص لا يمتّون بصلة إلى تاريخ “التيار” أمثال نائبة الرئيس مي خريش، وهؤلاء يتحدّرون من مدرسة تختلف مع المبادئ التي قام عليها “التيار الوطني الحرّ”، وهي ثلاثية الحرية والسيادة والإستقلال، وينتمون إلى مدارس قومية وبعثية ويسارية هي على نقيض مع الخط التاريخي للمسيحيين، وقد أخذ بعضهم “التيار” في إتجاهات خاطئة.

 

ويُضاف إلى مسؤولية عون وباسيل في إيصال “التيار” إلى الفشل التاريخي، الخطّ السياسي الذي انتهجه “التيار” منذ توقيع إتفاق مار مخايل في 6 شباط 2006، حيث إلتصق “التيار” بشكل وثيق بـ”حزب الله”، إلا ان هذا الإلتصاق لم يؤثّر في المراحل السابقة لكنه بدأ يؤثّر حالياً.

 

وفي التفاصيل، فإن الأمور وصلت إلى حدّ الإختيار بين السير مع المحور الإيراني أو الإنفتاح على العالمين العربي والغربي، وبما أن خيارات “التيار” كانت الإلتصاق بـ”حزب الله”، فقد وُضع باسيل على لائحة العقوبات الاميركية في سابقة هي الأولى من نوعها تحصل مع إحدى القيادات المسيحية.

 

ولم تقتصر أضرار الخط السياسي لـ”التيار الوطني” على شعبيته داخل البيئة المسيحية، بل إن سلوك باسيل خلال توليه وزارة الخارجية وسياسة عون والدفاع المستميت عن “حزب الله”، أدخلت البلاد في عزلة عربية ودولية وأحدثت حصاراً لم يمرّ بتاريخ لبنان، فما كان من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلا الوقوف والمناداة بالحياد، والقول إن الخطّ الذي يلتصق بإيران لا يُمثّل المسيحيين.