IMLebanon

المسعى الفرنسي جدّي والانشغال الأميركي بالانتخابات لا يلغي اهتمام واشنطن بلبنان

 

وكأن كل الازمات والهموم والمشاكل الذي يعاني منها لبنان لم تكفيه، فكان الانفجار الكبير في الرابع من آب الماضي في مرفأ بيروت بمثابة الضربة القاضية على ما تبقى من أمل بمستقبل البلد. الجريمة ضد الانسانية التي حدثت لا يمكن إطلاق أي وصف عليها، فهي أكثر من كارثة حلت على بلد منكوب أصلا، هو وشعبه. وما يزيد من هذه الكارثة، أن لا مسؤولية محددة حتى اليوم عن أسباب الانفجار ومسببيه، ولكن مهما تكن الامور فإن الأكيد أن ما بعد 4 آب ليس كما قبله، ويبدو أن الامور تبدلت والمعطيات تغيرت، ودماء الشهداء والجرحى التي روت أرض بيروت بالتأكيد لم تذهب هباءً.

 

فور وقوع الانفجار الكبير كان لبنان محور انظار العالم، وتجلى ذلك من خلال الدعم الدولي وزيارات عدد من المسؤولين الدوليين اليه، وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الذي كانت له مواقف حاسمة من المسؤولين اللبنانيين، وإعلان واضح وصريح من قبله كما من قبل غيره من مسؤولين دوليين بان لا ثقة لهم بالطبقة الحاكمة في لبنان، كما كانت صرخة الشعب اللبناني مدوية بتحميل مسؤولية ما حصل الى جميع الاطراف دون استثناء، مما وضع حكومة «مواجهة التحديات» بمواجهة الشعب والعالم ولم يعد باستطاعتها غير اطلاق مواقف لتبرئة نفسها من المسؤولية، فهذه الحكومة التي لم تستطع خلال توليها المسؤولية منذ أواخر كانون الثاني الماضي حل اي من المشاكل التي يتخبط بها البلد، فهي من المؤكد انها لن تستطيع في مثل هكذا كارثة الوقوف لانتشال لبنان وشعبه، خصوصا ان من اتى بها تخلى عنها وتركها تتخبط بنفسها.

ومن الطبيعي انه فور اعلان استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، بدأت الاسماء المرشحة لتولي رئاسة الحكومة تتوالى ومن بينها عودة الرئيس سعد الحريري، ولكن السؤال المطروح هل سيقبل الحريري بترؤس هكذا حكومة في ظل عهد الرئيس ميشال عون الذي كانت له تجربة فاشلة معه، وبالتالي هل سيقبل الشعب بعودة الحريري الى السلطة وهو من خرج منها استجابة لطلب الشارع؟

«اللواء» سألت مصادر سياسية متابعة مطلعة على موقف الرئيس الحريري، فأكدت ان «لدى الحريري شروط معروفة للقبول بترؤس أي حكومة، وهو يبقى المرشح الاول دائما»، رافضة الافصاح عن موقف الحريري من هذا الموضوع، ولكنها تشير الى ان «هناك امورا كثيرة تبدلت بعد زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان، لا سيما ان لدى تشكيل الحكومة المستقيلة كان هناك حلف بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، ولكن السؤال المطروح اليوم، حسب المصادر، هل لا يزال هذا الحلف قائما؟». وتعتبر المصادر انه «المضحك المبكي كيف اختلف التيار والحزب على جثة الحكومة»، من هنا فإن المصادر ترى ان «هناك اعتبارات كثيرة وجديدة وجدية ستدخل على الخط في هذه المرحلة»، مشيرة الى ان «النظرة الدولية الجديدة للبنان هي التي ستحدد من سيكون رئيسا مناسبا مقبلا لمجلس الوزراء».

وعن امكانية تكليف السفير نواف سلام بالمهمة، تشير المصادر الى ان «الامور لم تتبلور بشكل نهائي بعد، خصوصا ان الولايات المتحدة وكلت الرئيس ماكرون بالملف اللبناني وهو يلعب دورا اساسيا وجديا في هذه المرحلة بسبب انشغال الادارة الاميركية في الانتخابات التي قد تحمل تغييرا»، ولكن تشير المصادر الى ان «الانشغال الاميركي لا يعني عدم الاهتمام بالداخل اللبناني».

وتلفت المصادر الى ان «الضغط الذي مورس على حكومة دياب للاستقالة لم يتبدد بعد، ولاقت الزخم الديبلوماسي القوي الذي سيؤدي الى الوصول الى نتيجة أسرع مما هو متوقع، خصوصا ان التحالف الكبير بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» انتهى واظهر فشلا كبيراً من خلال سقوط جميع التركيبات المحلية التي ستتغير في المرحلة السياسية الجديدة المقبلة والتي ستشهد على ضعف التيار وانفراط تفاهم مار مخايل».

وترى المصادر ان «تلويح وزير المال غازي وزني بتقديم استقالته كانت مؤشراً واضحاً ان دور حسان دياب انتهى والاعتراف بخطأ اختيارهم له».

وأبدت المصادر تفاؤلها بـ «المرحلة المقبلة التي ستحمل معها تغييرات كبيرة من خلال المساعدات والدعم الدولي للبنان»، وتعتبر أن «أكبر اشارة لهذه المتغيرات هو انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة، لأنه من الطبيعي انه بعد هول كارثة في اي بلد وعقب استقالة الحكومة ان تتدهور الاوضاع، ولكن في بلد العجائب لبنان تحسن سعر صرف الليرة وهذا الامر يأمل منه ان يكون هناك شيئا جديدا يحمل الخير للبنان».