IMLebanon

مستقبل الشرق الأوسط بين القِسمة… والتقسيم

أيّ مستقبل ينتظر الشرق الأوسط؟ طُرح هذا السؤال، منذ إعلان مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، وما زال يتردّد مع المستجّدات المتشابكة، التي تداخلت فيها مصالح الدول العالمية والإقليمية.

ما إنْ بدأت موجة الثورات العربية، حتّى انطلقت معها عجَلة السياسات التقسيمية، المستفيدة من الفراغات، التي ولّدها سقوط الأنظمة العسكرية. تلك السياسات الهادفة إلى التقسيم و»القسمة» بما يتناسب مع مصالح ونفوذ اللاعبين في المنطقة.

أمام هذه الأحداث المستحدثة، وفي ضوء النزاع الأميركي – الروسي، وتداخُل المصالح في العالم. أصبَحت منطقة الشرق الأوسط، المكان المناسب لفضّ الاشتباك بين الدول. فتدخّلت تلك الدول، بجيوشها لرسم الخريطة، التي تتناسب مع أطماعها.

أمّا أبرز هذه التحوّلات المكرّسة لتقسيم المنطقة، فنجد:

– سقوط معاهدة «سايكس – بيكو»، إلى غير رجعة. فهي لم تعد صالحة، ولا تتناسب مع عالم تغيّرت معالمه، ودخلَ إلى ساحاته الدولية لاعبون، لا يمكن غضُّ النظر عنهم. تعيش المنطقة، وسط مشروعين، تمتدّ جذورهما إلى أكثر من ساحة عربية. المشروع الروسي وحلفائه، والمعروف بمشروع الممانعة هادفٌ لتعطيل مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الأميركي – الإسرائيلي.

في هذا السياق، رأى نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي رياكبوف، أنّ «العلاقات مع الولايات المتحدة عند أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة»، وفق ما أفادت وكالة «إنترفاكس» للأنباء.

– دخول العالم منذ عام 1990 نظامَ العولمة الذي غيّر في مفهوم الدولة وحدودها. لم يعد للدولة القومية أملٌ في الحياة، مع انتشار المصالح عالمياً، وتداخلِهاعلى أكثر من صعيد. فأصبحت الدول العربية فيه رهينة جَشعِ الدول وشركاتها العالمية. إنّ الكباش العالمي في المنطقة، ولَّد سياسة التهجير لملايين العرب، للاستفادة منهم كوقود بشَرية في مصانع الشركات العالمية.

– منطقة الشرق الأوسط، باتت أرضَ النزاعات، وتصفية الحسابات، ورسم السياسات للدول المتنازعة عالمياً. لذلك، شكّلت المنطقة ساحةً لإيصال الرسائل، وما يَحدث في سوريا والعراق واليمن والبحرين، مثالٌ على مدى التسويات التي تتعرّض لها المنطقة. فعودةُ اللاعب الإيراني والتركي، وإمداد نفوذِهما عبر القوى الداعمة في أكثر من ساحة عربية، وما تحمل عودتُهما من أهداف باتت علنية، يثبّت واقعَ التقسيم للمنطقة.

– المناطق العازلة الذي أصبحت مطلباً أميركياً، بعد أن كانت مطلباً تركيّاً، ما يكرّس التقسيمَ للمنطقة. إضافةً إلى الدور المطلوب من «الدولة الإسلامية» (داعش)، التي لم تزَل تستقطب إلى صفوفها آلافَ المقاتلين الذين يتوافدون إلى المنطقة، ما ينذر بالتقسيم.

ما أتى على لسان نائب وزير الخارجية الروسية، مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريفيا، ميخائيل بوغدانوف، الذي شدّد على «ضرورة التزام المرجعيات الدولية تسوية الملفات الإقليمية، يوضحُ مسارَ التقسيم السائرة فيه المنطقة». وقال بوغدانوف في حديث إلى صحيفة «الحياة: «إنّ موسكو تسعى إلى تقريب المواقف بين الرياض وطهران».

واعتبر أنّ «الكلام على انسحاب إيران من سوريا برتبط بالتوصّل إلى تسوية نهائية للأزمة الدائرة فيها منذ ستّ سنوات». وحذّرَ من «سيناريو التقسيم في المنطقة، في حال فشلت التسويات السياسية للأزمات الإقليمية»، لافتاً إلى «مساعٍ روسيّة لاستضافة حوارات عربية – إيرانية»، رافضاً اتّهامات لموسكو بـ»التحالف مع الشيعة ضدّ السُنّة»، مؤكّداً أنّ «التحالفات الروسية – الإيرانية لا تستهدف طرفاً ثالثاً».

أخيراً، تَطرح الأحداث الدائرة في المنطقة، إشكالية التقسيم والتفتيت ضمن مفهوم الفوضى الخلّاقة التي طرحَتها الإدارة الأميركية. فالنزاع العالمي على تقاسُم النفوذ، ينعكس سلباً على حدّة المعارك بين الأطراف المتقاتلة محلّيةً كانت أم إقليمية.

الأمر الذي سيَدفع إلى المزيد من التخبّط، على أمل الوصول إلى رسمٍ نهائي للمنطقة على أساس التقسيم. إذاً، مصيرُ المنطقة المستقبلي هو التقسيم، طالما نحن، كعرب، مساهمون في هذا، تحت شعارات طائفية تارةً، ورفضية تارةً أخرى.