IMLebanon

قراءة من زاوية مختلفة: الحكومة «حاصرة حالها بصندوق»

 

تبدو الدولة عاجزة عن إنجاز الاصلاحات المطلوبة كمقدمة لمساعدتها، ومع عجزها عن تقديم بيانات رقمية دقيقة لصندوق النقد الدولي، نظراً لشدّة الفساد المعشعش في هيكليتها، هناك من يسأل كيف تتوزّع مسؤولية الكارثة التي وقع بها البلد؟ الخبير الاقتصادي حسن مقلّد استعرض الإجراءات الواجب اتّخاذها لإنقاذ البلد.

• هل السياسات البديلة عن الإستدانة من صندوق النقد الدولي قابلة للتّنفيذ على أرض الواقع في ظل تردّي الأوضاع في لبنان؟

– لم يشكّل صندوق النقد الدولي حلًّا لأي بلد في العالم، بل عمّق الفقر والإختلالات القائمة. والمشكلة الأساسيّة في لبنان، هي الإعتقاد بأنّ الإستدانة من صندوق النقد هي الخيار الوحيد. الحكومة اللبنانية «حاصرة حالها بصندوق»، في حين أنّ الخيارات والبدائل عديدة، منها داخلي ومنها ما له علاقة بالمحيط الأقرب لنا، أي سوريا والعراق والداخل العربي… ومنها ما له علاقة بالشرق، أي الصين وروسيا والهند وماليزيا….

 

• كيف تفسّر وجود تباين ومعارضة من داخل الحكومة في ملفات عديدة وهي التي أُطلقت عليها تسمية التكنوقراط وحكومة اللون الواحد؟

– برأيي هي ليست حكومة اللون الواحد ولا حكومة تكنوقراط، ولا يوجد انسجام بين مكوّناتها، بل تضمّ مشارب سياسية وفكريّة مختلفة، وتعكس حالة البلد وتوازنات القوى الموجودة فيه، وحتّى القوى المُستبعدة وغير المُمثّلة في الحكومة ملائكتها وروحها حاضرة، وأكبر دليل على هذا الأمر، هو تبنّي البيان الوزاري لورقة الرئيس سعد الحريري الأخيرة.

 

• هل تعتبر تكليف هيئة دولية للتدقيق في حسابات مصرف لبنان خطوة إيجابية؟

– المؤسسات الدولية لا تعكس جدّية في معالجة هذه الملفات، وأنا لا أوافق على فكرة «كل شي فرنجي برنجي»، هناك طاقات وكفاءات في لبنان في مجال المحاسبة على مستوى رفيع، كما يُمكن تكليف القضاء اللبناني وأجهزة الدولة نفسها لإتمام هذه المهمّة، في حال توفّر قرار جدّي بالمضي في هذا الموضوع. غير أنّ المنحى القائم اليوم هو تلزيم شركات دوليّة تتمتّع بنفوذ لدى اللوبي الاسرائيلي أو مقرّبة من المؤسسات الأميركية، كوزارة الدفاع ووزارة الخارجية، حتّى أنّنا ومع الأسف بتنا نشهد تنافساً بين الشركات اللبنانية على استقدام الشركة الأكثر تأثيراً وقرباً من هذه اللوبيات.

 

• كيف توزّع المسؤوليّات بين المصرف المركزي والمصارف والحكومات السابقة وغيرها من الجهات، التي كانت السبب في ما وصل إليه البلد اليوم؟

– المسؤوليّة أوّلاً وأخيراً هي مسؤوليّة سياسية تقع على عاتق كل مكوّنات السلطة بما فيها الحكومات ومجلس النواب، وهي نفسها المسؤولة اليوم عن إخراج البلد من أزمته؛ طبعاً هذا لا يعفي المصارف ومصرف لبنان من المسؤوليّة، ويصعُب أصلاً تحديد حجم التشارك والتداخل والتعاون في ما بينهم. فقد اتّخذ مصرف لبنان خيارات تنسجم وتخدم سياسات السلطة التي حكمت على مرّ السنين تحت مسمّيات «الأوكسيجين» وغيرها…

 

• ما هو ترتيب الإجراءات الواجب اتّخاذها من قِبل الحكومة بحسب الأولويات للحدّ من الخسائر على البلد وعلى المواطن؟

– البلد كالسلّة المثقوبة، لذا يجب أن نمضي بسدّ الثقوب عن طريق ضبط كل مسارب ومزاريب الهدر القائمة، كإجراء أوّلي. كما انّه من الاولويات:

– وضع رؤية واضحة تُعيد اقتصاد البلد الحقيقي، فإنّ اقتصادنا اليوم مكشوف بنسبة 87%.

– استخدام الإمكانات والموارد اللبنانية المُتاحة والموجودة، أفضل استخدام.

– العمل على بنى تحتية تنسجم مع حجم البلد.

– الأخذ في الاعتبار أنّ العالم غير متوقّف على أميركا والغرب، بل هناك بلدان الشرق والوطن العربي، بالإضافة إلى أنّ لبنان ليس بجزيرة معزولة وهناك حدودنا مع سوريا.

 

إنّ إمكانية الخروج من الأزمة الرّاهنة واردة عندما نضع كل هذه النقاط على بساط البحث.