IMLebanon

المشروع الصفوي الإيراني وأوهام الوحدة الإسلامية

 

منذ ايام معدودة اختُتمت أعمال المؤتمر الـ32 للوحدة الاسلامية الّذي انعقد في طهران لمّدة ثلاثة ايّام انتهى بلقاء للمشاركين مع مرشد الثورة الايرانيّة علي خامنئي.

 

وهذا المؤتمر ينظّمه سنوياً نظام الحكم في ايران من خلال «المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية»، ويحضره العشرات، بل المئات من مفكّري ومنظّري المشروع الصفوي الايراني من بعض الدول العربية والاسلامية التي اخترقتها ايران بشعارات التقريب بين المذاهب الاسلامية أو أوهام الوحدة الاسلامية من منظور صفوي ايراني أو شعار تحرير فلسطين وقدسها.

 

ويؤكد المؤتمر بكل أدبيّاته وطروحاته وعلى مدى 32 عاماً من انعقاده أنّ من اهدافه المعلنة تحرير فلسطين وإزالة اسرائيل من الوجود، وإرساء الوحدة والتضامن في العالم الاسلامي، وتضافر الأفكار بين العلماء من أجل تقريب وجهات النظر العلمية في مجالات الفقه والأصول وعلم الكلام والتفسير، ودرس قضايا المسلمين ومشكلاتهم لحلّها واتّخاذ المواقف المشتركة من اجلها، وهذا يعني أنّ النظام الإيراني يعمل منذ 32 عاماً على إنجاز أوهام تحرير فلسطين من العدوّ الصهيوني وأوهام الوحدة الإسلامية من منظور مشروعه المذهبي الصفوي الفارسي إنطلاقاً من أهداف الثورة الخمينيّة والتي أشارت اليها «صحيفة الامام» في الجزء 21 ص 297 بالقول:

 

«إنّ ثورتنا غير محدودة بحدود ايران، بل إنّ ثورة الشعب الايراني هي نقطة انطلاقة ثورة العالم الاسلامي الكبرى التي يحمل لواءَها الامام الحجة لإقامة حكومة الاسلام العالمية»، طبعاً من وجهة نظر المشروع الصفوي الايراني.

 

والسؤال الكبير: عن أيّ فلسطين يتحدثون؟ وعن أيّ وحدة إسلامية ينظّرون؟ والمشروع الصفوي الذي يحمل هذا العنوان لا يعترف ولا يريد أن يعترف بالخلفاء الراشدين الذين حرّروا العراق وبلاد الشام من الفرس والروم، ولا بما قدمته الدولة العربية الاسلامية الاموية التي بلغت مساحتها 15 مليون كيلومتر مربع، ولا بجهاد الخلافة العباسية وكفاحها وهي تواجه المغول والحملات الصليبية على مدى 200 عام، ولا حتى بالسلطنة أو الخلافة العثمانية التي امتدت سلطتها 600 عام وبلغت مساحتها 25 مليون كيلومتر مربع؟

 

وأيّ وحدة إسلامية يريدها المشروع الصفوي الايراني وهو الذي احتلّ اقليم الاحواز العربي عام 1925 ومسح هويّته وهجّر شعبه واستغلّ ثرواته وأفقر أبناءَه المضطهدين والمحرومين من عقيدتهم ولغتهم، وحتى من ثقافتهم ولباسهم العربي، ويصرّ على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، وهو الذي يحتلّ الجزر العربية «ابو موسى» و«طنب الصغرى» و»طنب الكبرى» منذ عام 1971 بالتواطؤ مع الانكليز، ويسيطر على العراق منذ عام 2003 بالتوافق مع شيطانه الأكبر اميركا؟

 

وهل أوهام وحدته الإسلامية تبيح له إنجاز مشروعه الصفوي بتدخّله في النسيج المذهبي في لبنان والكويت والعراق والبحرين واليمن وسوريا وموريتانيا وحتى بلاد المغرب العربي؟ وهل مشروع الوحدة الاسلامية الذي يوهم الرأي العام الاسلامي به يبيح له إنشاء أذرع عسكرية مذهبية رديفة في عدد من الاقطار العربية والاسلامية للعبث بالوحدة الوطنية؟

 

ولفرض مشروعها بقوة السلاح الخارج عن الدولة، لتتمكّن إيران بذلك من فرض النسخة الفارسية من مشروعها تارة باختراق المجتمعات الإسلامية والمسيحية بالترغيب وبأوهام الوحدة الإسلامية، واحياناً برفع شعار تجميع الأقلّيات لاستخدامها حين الحاجة.

 

والمشروع الصفوي الإيراني من خلال مؤتمراته الوحدوية وغير الوحدوية لا يسعى الى تحرير فلسطين وقدسها من العصابات الصهيونية، وإنما يسعى منذ عام 1979 الى استهداف المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي مثلما استهدف العراق قبلاً ويعمل لاستهداف قلعة العرب والإسلام مصر وأزهرها وشعبها من خلال التغلغل في بعض الدول الافريقية تحت شعار «حُب أهل البيت». وقد أشار الأكاديمي في جامعة صنعاء الدكتور عبد الرحمن الولي الى 3 اهداف دائمة للثورة الخمينية وهي:

 

-1 نشر التشيع الفارسي في المناطق العربية والإسلامية.

 

-2 الحصول على السلاح النووي وإقامة الهلال الفارسي من طهران الى بيروت.

 

-3 السيطرة على مكة المكرمة والمدينة المنورة ليتحقق بذلك مشروعها بقيادة العرب والمسلمين وإقامة الامبراطورية الثانية لقورش الكبير.

 

فهل يمكن لإيران أن تحقق مشروعها؟ أم أنّ هذا المشروع بدأ يتقهقر في اليمن من خلال التحالف العربي الّذي تقوده المملكة العربيّة السعوديّة وبعض أشقائها العرب؟ والّذي بدأ ينكفئ في سوريا العربيّة لمصلحة النفوذ الروسي المتزايد سياسياً وعسكرياً، ويترنّح في العراق نتيجة الوعي المتأخر للشعب العراقي بشيعته وسنّته عرباً وكرداً، وبذلك تتحقق نبوءة الرسول العربي محمد عليه الصلاة والسلام: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله».