IMLebanon

بعدما حُجِب عن ملف المرفأ… الضوء يعود الى المناقلات القضائية فهل من مفاجآت؟

 

 

لا شك انّ المستجدات القضائية في ملف المرفأ شكّلت مفاجأة للجسم القضائي أكثر منها للرأي العام اللبناني والشعبي، إذ تلقّى اهالي ضحايا المرفأ صفعات من الداخل والخارج. وقد تكون الأقسى وقعاً عليهم، تلك التي أتت من القاضي المُمسك بزمام الملف بعد وعده بأنه لن يستسلم بسهولة. الصفعات توالت ايضاً بعد انسحاب داعمي القاضي «الصلب» في الداخل وفي الخارج لِيُترك وحيداً، فبَدا محيط قصر العدل خالياً بعد فك أسر الموقوفين، هم الذين كانوا يشكلون ورقة ضغط فاعلة في تحريك مسار التحقيقات القضائية لتفجير المرفأ بشهادة القاصي والداني، في وقتٍ علمت «الجمهورية» انّ عشاءً جمعَ في بكركي البطريرك الراعي مع رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود والقاضي غسان عويدات جرى البحث فيه عن تسوية «تُطيح» بالقاضيين غادة عون وطارق البيطار، الّا انّ تردّد الرئيس عويدات وقراره عدم السير بهذه الخطوة فَرمَلا التسوية.

صحيح انّ تحرير الموقوفين أفقَد اهالي الضحايا ورقة ضغط اساسية في مسار التحقيقات إلّا ان الموقف الفُجائي للقاضي البيطار، الذي أرجأ فيه استجواب الشخصيات القضائية والسياسية والأمنية من شهر شباط الى موعد مجهول، أفقَد الملف برمّته زخم الانطلاقة الجريئة والعملية، والتي توقّعها اهالي الضحايا وتوجّسَ منها المعنيون، والمتمثّلة بخطوة اصدار مذكرات توقيف غيابية بحق هؤلاء في حال عدم حضورهم في مواعيد الاستجواب الأمر الذي عَوّل عليه كثيراً أهالي ضحايا المرفأ ومناصرو قضيتهم، فخاب أملهم بعد تردد القاضي الملك.

 

 

البعض من هؤلاء عَوّل ايضاً على صلابة رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود وعلى إصراره المضي في هذا الملف حتى النهاية، إن لجهة دعم القاضي البيطار او لجهة دعم قضيتهم، إلا انّ أداء عبود في الجلسة الاخيرة لمجلس القضاء الاعلى أتى متوازناً قضائياً وشهد انسجاماً ما بين الثنائي ع.ع. (عبود – عويدات) وَصّفته مصادر قضائية «بالديل» او الاتفاق الضمني فيما بين الثنائي ع-ع بعدم توسيع الخلاف القضائي بينهما وتفادي الانهيار! امّا تخريج الاجتهادات القضائية فتُجهّزُ فوراً حين تستوجبها التسويات السياسية في مرحلة دقيقة يمر فيها لبنان.

 

أهالي الضحايا يترقّبون

في المقلب الآخر يُراقب اهالي الضحايا المشهد القضائي بأسف ويأخذون العِبر ويراهنون على أمل مُتبقّ، ألا وهو التدويل. ومن بكركي وُعدوا بلقاء مع قداسة البابا فرنسيس في الفاتيكان.

 

اما النواب التغييريون والمناصرون لقضية المرفأ فهم ايضاً وعدوا اهالي الضحايا باستمارة طويلة موقّعة تنقل قضيتهم الى الامم المتحدة وجمعيات مناصرة لحقوق الانسان، اي الى التدويل، وهي قد تكون الخرطوشة الاخيرة المُتبقية لهم بعد جهد وصراع ميداني مع «القضاء» والقدر.

 

 

الخارج في مكان آخر

لم يعلم اللبنانيون بشكل عام واهالي ضحايا المرفأ بشكل خاص انّ زلازل مجاورة قد تطرأ على الاهتمام الخارجي للدول الصديقة والتي عوّل عليها اللبنانيون للمساعدة في فك معضلة الفراغ الرئاسي، وكذلك الامر بالنسبة لأهالي الضحايا الذين باتوا يعلمون جيدا انّ تعويلهم في هذه المرحلة على المساعدة القضائية الخارجية لملف المرفأ لم تعد أولوية بعدما هالَ الخارج ما حلّ من مصائب كارثية للبلدان المجاورة، فانهالت المساعدات وتحوّل الاهتمام الخارجي الكامل لإغاثة تلك البلدان سواء في تركيا او في سوريا، والتي ما زال ربما ضحاياها يقاومون أحياءً تحت الركام.

 

امام هذا الواقع وبعد انحسار الضوء عن ملف المرفأ نتيجة «الزلازل» القضائية الداخلية والانسحاب الخارجي قبل الكوارث والزلازل الطبيعية التي حلّت في الجوار وبعدها، يعود الهدوء النسبي ليخيّم على محيط قصر العدل في بيروت وسط مناشدات من اهل الجسم القضائي المتوقّف نشاطه منذ مدة الى ضرورة عودة أعمال مجلس القضاء الاعلى وتفعيل جدول أعماله الذي من المفروض ان يكون قد امتلأ بعد غياب، بفِعل تَصدّر ملف المرفأ كأولوية على جدول اعماله، الأمر الذي فرملَ تفعيل وإقرار بنود اخرى لا تقل اهمية عن ملف المرفأ.

 

 

مجلس القضاء

قضائياً، ينتظر الجسم القضائي التئام الهيئة العامة لمجلس القضاء وايضاً اكتمال تشكيلات محاكم التمييز التي ما زال ينتظرها وزير العدل من مجلس القضاء الاعلى بعد ملء الفراغات في غرَفها. امّا معضلة التشكيلات القضائية العامة فيبدو انها ما زالت معقّدة في المرحلة الحالية، اذ لا يبدو اليوم مجلس القضاء في وارد الدخول في مناقلات قضائية تطال مراكز دقيقة الا اذا حصلت مفاجآت نتيجة تسويات اللحظات الاخيرة، بعدما عَوّلت بعض الجهات المعنية على نتائج اجتماع بكركي من خلال العشاء الذي جمعَ الراعي والرئيسين سهيل عبود وغسان عويدات، والذي يبدو انه لم يصل الى نتيجة بحسب المعلومات الاخيرة.

 

وفي معلومات لـ»الجمهورية» يجري البحث عن امكانية إجراء انتدابات للقضاة الذين تخرّجوا من معهد الدروس القضائية في السنوات الثلاث الماضية، ويقارب عددهم المئة. علماً انّ الدفعة الاخيرة منهم تخرّجت في السنة الماضية، وقد التحقوا بوزارة العدل في انتظار انتدابهم، وسط معلومات تفيد بأنّ البحث جارٍ على إتمام توزيع هؤلاء القضاة كمنتدبين واعضاء بداية في كافة غُرف البداية في لبنان.

 

في المعطيات، لا موانع من حصول تلك الانتدابات، علماً انّ المخوّلين، وفق القانون القضائي، توقيعها هما وزير العدل بالاتفاق مع رئيس مجلس القضاء الاعلى… فهل ينطلق قطار عمل مجلس القضاء الاعلى بهذه الانتدابات ام يكون هناك مفاجآت تتخطاها؟