IMLebanon

هل الـ «ليوبارد 2»ستحسم المعركة؟ (2/2)

 

 

 

تسعى الولايات المتحدة الاميركية إلى توريط اوروبا في الحرب الروسية ـ الاوكرانية اكثر فأكثر، وقد تدفعها الى إرسال جنودها (إذ لم يبق إلّا ذلك) «بعد إرسالها لمجموعة كبيرة من الخبراء» في الحرب الدائرة، وهذا ما سيعارضه الجمهور الأوروبي والنخب الأوروبية المعارضة لهذه الحرب، لما لها من تداعيات خطيرة. وإذا استمر تزويد اوكرانيا بالأسلحة، فيمكن ان يتوسع نطاق النزاع إلى دول مجاورة، إلّا أنّ الدول الاوروبية كشفت عن وجهها، وهي لم ولن تقدر على اتخاذ قرارات لمصلحة شعوبها بمقدار ما تتخذ قرارات لمحاباة الأميركيين، نتيجة خضوعها للإملاءات الأميركية.

ما هي الدبابات القتالية التي في حوزة أوكرانيا حتى الآن؟ وما هي الميزات الإضافية لدبابات «ليوبارد»؟

تمتلك أوكرانيا مئات المدرعات والدبابات الدفاعية، سواء مما يمتلكه جيشها سابقًا، أو زودتها ايّاها دول حليفة أخيرًا. كما تمتلك دبابات هجومية من الحقبة السوفياتية، من بينها دبابات قديمة مثل T72 وT80، غنمتها أوكرانيا من الجيش الروسي خلال انسحابه على وقع الضربات. وأيضًا طراز T90، والآن تأتي الدبابات الغربية، ومنها «ليوبارد» الألمانية، لترفع قدرات الجيش الأوكراني لشن هجوم مضاد من أجل استعادة المناطق المحتلة. وبها يمكن لأوكرانيا أن تفتح ممرًا عبر منطقة دومباس في اتجاه جزيرة القرم أيضًا، وفق القيادي السابق في الجيش الأميركي في أوروبا، بن هودجس، في مقابلة إذاعية. كما يمكن لأوكرانيا أن تنصب، بهذه الدبابات القتالية الغربية المتطورة، حاجزًا مصفحًا يصعب اجتيازه، ويكون «مقدّمة لهجوم القوات الأوكرانية لكسر خطوط الدفاع الروسية حتى الوصول إلى ماريوبول». وعمومًا، ستساهم هذه الدبابات في فتح الطريق أمام التقدّم في أي اتجاه.

هل سيقتصر ما تقدّمه ألمانيا على الـ14 دبابة، التي أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية عن تسليمها لاحقًا لأوكرانيا، أم ستكون هناك دفعات إضافية؟ عمومًا توجد دبابات «ليوبارد» في المخازن وورشات الصيانة وعند الشركة المصنّعة، إضافة إلى تلك الموجودة في حوزة الجيش الألماني.

 

مدير شركة «راينميتال» أرمين بابرغر، قال لمجلة «شتيرن»، انّه يمكن لشركته» أن تجهّز، حتى نهاية آذار، 29 دبابة «ليوبارد»2A4 «. وكان الجيش الألماني يمتلك خلال الحرب الباردة أكثر من 2100 دبابة من طراز «ليوبارد 2»، ولكن بعد سقوط جدار برلين وتراجع خطر النزاعات المسلحة، تخلّص الجيش من كثير من تلك الدبابات، إما ببيعها أو منحها لدول أخرى، أو بتفكيكها والتخلّص منها.

أما على المقلب الروسي، فثمة من يقول، إن روسيا لا يمكن ان تسمح للدبابات الألمانية، والتي لها تأثيرات وحساسية سلبية على الشعب الروسي، فالحرب الوطنية العظمى، معركة «كورسك»، والتي قلبت الموازين في الحرب العالمية الثانية، بعد معركة «ستالينغراد»، والتي شاركت فيها 8000 آلاف دبابة روسية وألمانية، ما زالت ماثلة أمام الأجيال التي واكبت هذه الحرب. فكلفة هذه الحرب بلغت أكثر من 30 مليون نسمة إن لم نقل أكثر.

تمتلك روسيا أكبر مخزون نووي في العالم، قوامه 5977 رأسًا حربيًا، بينها 977 تمحو مدنًا بشكل كامل عن الخرائط. فصاروخ «سارمات» يصل مداه إلى 11000 ميل، و»ياريس» إلى 7500 ويصعب تعقبهما، أسلحة نووية تكتيكيّة مبيدة للأرواح، وصاروخ «كينزال» تفوق سرعته سرعة الصوت بـ 12 ضعفاً، ويُطلق من الطائرات، والغوّاصة «بوسايدون» المختفية تحت الماء منذ سنوات، والتي تنتظر اشارات إطلاق قذائفها التي تزن 2 ميغا طن، بما يتجاوز إنفجار هيروشيما بـ 130 مرّة.

 

والذي يعرف شخصية بوتين العنيدة والجبارة، ويعرف تاريخه وما فعله أثناء خدمته في جهاز المخابرات الـ «كي جي بي»، وخصوصًا بعد حطام جدار برلين، يدرك أنّ هذه الشخصية الجدلية، والتي شغلت العالم بأسره، قد يُقدم على خطوات لا يتوقعها المحلّلون من المخابرات الأميركية وغيرهم، لما يمتلكه من غموض وذكاء حاد قلّ نظيره على المستوى الأمني والعسكري. حقيقة الأمر، والذي ظهر جلياً، فأنّ الإنصياع الأوروبي للطلبات والرغبات الاميركية يأخذنا إلى القول، إنّ الأوروبيين يريدون للولايات المتحدة الأميركية أن تبقى مهيمنة على العالم أجمع، لأنّ مصلحتها من خلال هذه الهيمنة، حيث مكمن قوتها لاستمرار سيطرتها على الدول الصغيرة واستغلال مواردها. إلّا أنّ هذا الأمر قد يبدو كمن يضع نفسه على حافة الهاوية أو يطلق الرصاص على نفسه.

المسار حتى الآن يبدو تصاعديًا، والخطير هو أن يبقى كذلك. فالغرب لا يريد انتصار روسيا، وفي الوقت نفسه لا يتحمّل كلفة هزيمته، وبالنسبة إلى روسيا، فهذه معركة وجود، كما عبّر الرئيس بوتين عن ذلك أكثر من مرة، وهذا قد يدفع القيادة الروسية إلى الذهاب نحو حرب نووية فيما لو استشعرت بهزيمة. وهذا ما عبّر عنه نائب رئيس مجلس الامن القومي ديمتري ميدفيدف، عندما قال: «على واشنطن إيقاف دقات الساعة النووية».
ولطالما صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «إذا تعرّض الأمن القومي الروسي للخطر فسنستعمل كل الوسائل المتاحة للدفاع عن أنفسنا»، وما تمارسه الولايات المتحدة الأميركية من ضغوط على العالم أجمع، وبخاصة أوروبا، قد تجبر الرئيس بوتين على القيام بخطوات غير منتظرة، وخارج حسابات الدائرة الأمنية – العسكرية، (الأميركية – الأوروبية).

 

الربيع مقبل والشعب الأوروبي برمته يعاني أزمة غذاء غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، فماذا ستكون النتائج، لا أحد يعلم، ولكن المؤشرات تدلّ إلى أننا دخلنا في الجزء الأصعب من الحرب، والتوقعات باتت قريبة الحدوث جداً، أما المنتصر، فسيكون أصحاب الكتلة النقدية الكبرى في العالم التي تدير هذه اللعبة القذرة، وهي لعبة غالباً ما تدفع ثمنها الشعوب.

المصادر:
• فيونا هيل، هي زميلة كبرى في مركز الولايات المتحدة وأوروبا في برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز. (فورين أفيرز)
• أنجيلا ستينت، زميل كبير غير مقيم في معهد بروكينغز وأستاذ فخري بجامعة جورجتاون. (فورين أفيرز)
• دويتشيه فيله 5/2/2023.