IMLebanon

الحكومة العتيدة على كف «باسيل»!

 

يستمر رئيس الجمهوريّة في التسويف وتأجيل الدعوة الى الاستشارات النيابيّة الملزمة ريثما يتم التوافق مسبقاً على توزيع الحقائب وأسماء الوزراء وبيان الحكومة المختلطة المُزمع تأليفها، وذلك قبل تسمية الرئيس المُكلّف، ما يعدّ التفافاً فاضحاً على الدستور وانتقاصاً من صلاحية الرئيس المكلّف، في حين يتابع الوزير السابق جبران باسيل «المفاوضات» والبازار الحكومي مع «المرشّحين»، وحالياً مع المهندس سمير الخطيب، في ظلّ استنكار الشارع المُنتفض بسبب تجاهل مطالبه، وسخط الشارع السُّني بسبب محاولة تطويق وتطويع المركز السُّنّي الأوّل في الدولة اللبنانيّة.

 

تمادي باسيل في شروطه

 

منذ استقالة حكومة «الى العمل» عيّن الوزير السابق جبران باسيل نفسه للعب دور «رئيس لجنة فاحصة» تُجري سلسلة لقاءات مع شخصيات سنّية تتوق لتنعم بلقب «دولة رئيس الحكومة»، حيث يفرض باسيل املاءاته وشروطه على الأشخاص المتداولة اسماؤهم، وأبرزها شكل الحكومة المُقبلة، واحتكار التمثيل المسيحي لصالح تيّاره، وفرض تسمية وزراء من تياره على أن يكون هو من بينهم. وهو يشترط تسمية أربعة وزراء لتياره إذا كانت الحكومة مؤلفة من ٢٤ وزيراً، وثلاثة وزراء إذا كانت من ١٨ وزيراً، على ان تكون حكومة مختلطة من سياسيّين واختصاصيّين. كما يشترط حصول وزراء تيّاره على حقائب اساسيّة كالخارجية أو الداخلية أو الماليّة، يتولاها هو شخصياً، والطاقة لندى البستاني، والبيئة لسليم جريصاتي، والدفاع لإلياس ابو صعب.

 

كل ذلك يحصل في ظل الاستخفاف وتجاهل مطالب المواطنين ولاسيّما حكومة إنقاذ مستقلّة وسياديّة من اختصاصيّين، وتغاضي حجم الأزمة وخطورتها من منطلق أنها «أزمة وتعدِّي».

 

الحكومة مُجمّدة

 

هذه الشروط المُتمادية دفعت جميع الشخصيات التي جرى «التفاوض» معها تباعاً لتولي رئاسة الحكومة الى الاعتذار عن قبول ما عرض عليها، وهو ما يحصل حالياً مع المهندس سمير الخطيب. وبالتالي ما زالت عملية التفاوض على تشكيل الحكومة الجديدة تراوح مكانها وهذا التعثر المفضوح يترجم عملياً في استمرار رئيس الجمهوريّة في تأخير تحديد موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة تحت ذرائع غير مقنعة، فيما تتفاقم الأزمة وتنذر بتداعيات خطيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية تهدد كل اللبنانيّين، إضافة إلى فقدان الثقة والاهتمام الدوليّيْن.

 

وعليه فإنّ الاجواء شبه مقفلة وبدأ يدور هَمس عن انّ الحكومة عُلّقت الى أجلٍ غير مسمّى لتبقى الأوضاع مجمدة حتى إشعار آخر.

 

سَطريْن ونُقطة!

 

لقد أدّى رئيس الجمهورية يمين القسم امام مجلس النواب بالسهر على احترام الدستور، ولا يكون ذلك عبر الالتفاف على الدستور وخرق الأسس الدستورية لا سيّما الشروع في التأليف قبل التكليف، وتفويض وزير سابق ليقوم بمهام رئيس البلاد لجهة التشاور مع الكتل النيابيّة والتفاوض مع شخصيّات مقترحة لرئاسة الحكومة.

 

آمّا بالنسبة الى الوزير السابق جبران باسيل، فلم تعُد وقاحته تُحتمل، وهو لن يتمكّن من انتزاع صلاحيات موقع رئاسة الحكومة واعادته الى ما قبل الطائف، وهو لا يملك ان يشترط على الطائفة السنيّة خصوصاً تكليف رئيس مجلس الوزراء، وعلى اللبنانيين عموماً شكل الحكومة او توزيع الحقائب الوزاريّة. وليتذكر أن من يلعب بالنار تحرق أصابعه أولاً!

 

ويبدو ان الفريق الرئاسي يتغاضى عن بعض الوقائع المُهمّة التي ستبقى تعترض طريقه في سعيه الى «صناعة رؤساء الحكومات» وأبرزها الميثاقيّة والغطاء السُّني الأكثري الذي يُحتّم موافقة «سنّية» تصويتاً ومشاركة في الحكومة العتيدة، اضافةً الى دعم رؤساء الحكومة السابقين ودار الفتوى.

 

كذلك يُعتبر كلّ شخص يرتضي ان تُشكّل حكومته في بعبدا وبإشراف «صُهر العهد» قبل تسميته وتكليفه بموجب استشارات نيابيّة أنّه غير جدير بتمثيل مقام رئاسة مجلس الوزراء، فهذا المقام ملكٌ للدستور، والشعب مصدر السلطات، ولا يجوز الانتقاص من صلاحية الرئيس المكلّف لصالح رئيس الجمهورية وباقي الاطراف السياسية واعطائهم مكتسبات لا يعطيها لهم الدستور وتصبح اعرافاً فيما بعد.

 

إنّ كلّ يوم يمرّ من دون إيجاد حلٍ يُرضي الشعب اللبناني المُنتفض يزيد حجم الانهيار الاقتصادي والمالي، فيما السُّلطة السياسيّة غير مبالية لا بالمتظاهرين ولا بمناصريها. وسيأتي اليوم الذي ستواجه فيه هذه السلطة مناصريها عندما تقع الكارثة.. حينها لن ينفع شراء الذّمم!