IMLebanon

رسالة الى رئيس الجمهوريّة

 

السيّد رئيس الجمهوريّة،

هوّة ضخمة تفصِلُ بين شعاراتكم التغييريّة ووعودكم الاصلاحيّة التي أطلقت وبين واقع رئاستكم التي أصبحت متضعضعةً بفعل العوامل والأحداث المتتالية، ففي عهدكم «القوي» ضعفت الدولة اللبنانيّة وانهار الاقتصاد الوطني واستفحل الفساد وقوّضت الحرّيات وازداد الانقسام بين اللبنانيين، وبصفتكُم رئيس الدّولة، تتحمّلون تبعات ما يصيب الجمهوريّة أمام الشّعب مصدر السّلطات، خاصة بعد أن وعدتم اللبنانيّين بتسليم الرئيس القادم وطناً أفضل ممّا تسلّمتموه.

السيّد الرئيس، إنّ ما وصلت اليه البلاد من اهتراء طال مؤسساتها الرّسميّة وانحلالٍ لمقوّماتها الاقتصاديّة والماليّة الاجتماعيّة سببُه السياسات الخاطئة المتراكمة خلال ثلاثين عاماً لم تخلو من الاصطفاف السياسيّ والتسويات السياسيّة والفساد ونهب المال العام. وأنتم مسؤولون كما الطبقة السّياسيّة كافة وان كنتم دخلتُم «قصر الشّعب» منذ قرابة أربعة سنوات، الّا انّكم وتيّاركم كنتم شريكاً رئيسياً في القرار السياسي خلال خمسة عشرة عاماً، عُطّلت خلالها المؤسسات الدستوريّة كرمى تلبية مطالبكم السياسيّة.

السيّد الرئيس، أنتم مؤتمنون على الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وصون الحرّيات فيه، والتمسّك بهويّة لبنان وانتمائه العربي. وعلى الرغم من مساعيكم لبناء الوطن كما تدّعون دوماً، الّا أنّ عهدكم شهد تجاوزات جسيمة للدستور ومخالفة روحه وفرض أعراف جديدة تتناقض معه وتقوّضه. ووحدة لبنان باتت متداعية بسبب التجاذبات الطائفية ومحاولات البعض لإلغاء الآخرين والمطالبة بحقوق وحصّة الطائفة على حساب حقوق المواطنين والوطن، كما حصل في ملفّات عدّة ليس آخرها معمل سلعاتا. كما أنّ سيادة لبنان وسلامة أراضيه اصبحت مهددة بفعل انخراط أطراف لبنانيّة في الصراعات الإقليمية. وقد أثّر ذلك سلباً في علاقات لبنان التاريخية مع البلدان العربيّة والغربيّة الى حدود عزل لبنان عربياً ودولياً بما شكّل سابقة في تاريخه.

وفي عهدكم الذي اتخذ «محاربة الفساد» عنواناً، انحدر لبنان على سلم قياس الفساد، وهو دليلٌ على استفحال الزبائنية والمحسوبيّات والمُحاصصة، من دون أن يُدخل فاسدٌ واحدٌ السّجن. وفي الأمس القريب اعترضت القوى الأمنيّة تحرّكات الشارع الغاضب وقيّدت حريّة التعبير، وعندما تم الاعتداء على النّاس العزّل في عدّة مناسبات تحت مسمّى حفظ الأمن لم يُسمع بمحاسبة شخص واحد.

ومنذ ايّام وقع الانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ العاصمة وحوّل بيروت الي مدينةً منكوبةً بفعل استهتار واهمال مؤسسات الدّولة وغياب الرّقابة ومتابعة المسؤولين، ما يشي بأنّ لبنان قد انتقل من دولة شبه فاشلة إلى دولة فاشلة أقرب الى «اللادولة». وهذه الجريمة الموصوفة تستدعي رحيل الطبقة السياسيّة من رأس الهرم وصولا الى الحكومة.

السيّد الرئيس، ندعوكم الى الاستقالة لأن الشعب مصدر السلطات طرح عنكم المشروعيّة وله الكلمة الفصل. وقد عانى اللبنانيّون من آثار سنوات عهدكم الماضية وليس متهيئاً لتحمّل تبعات ما تبقّى منه ولا يُريد الهجرة لأبنائه ولن يسكُت بعد اليوم. استقيلوا فتكونون اسديتم خدمةً للبنانيّين في ختام حياتكم السّياسيّة، وتذكّروا ان التاريخ لا يرحم.