IMLebanon

المشكلة هي الغزو  وأحلام الولاية والخلافة

تقرير لجنة اللورد جون تشيلكوت أعاد فتح الباب واسعاً أمام النقاش في الغزو الأميركي للعراق. وليس أهم من الهزّة التي أحدثها في بريطانيا وربما سواها سوى اليقظة التي يجب أن تحدث في العالم العربي. فالشعارات والأهداف التي كان من السهل التلاعب بها عام ٢٠٠٣ كشفتها الوقائع على الأرض بأكثر مما كشف غموضها التقرير. والأثمان التي دفعها ولا يزال يدفعها العراقيون هي جزء مما دفعه ويدفعه العرب جميعاً منذ الغزو.

صحيح ان التقرير الذي استغرق إعداده سبع سنوات كان مطلوباً أن يفحص ظروف المشاركة البريطانية في الغزو والأخطاء التي جرى ارتكابها في المعارك وبعدها. لكن الصحيح أيضاً ان من الصعب البحث في مسؤولية رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير وقراره من دون البحث في مسؤولية الرئيس الأميركي جورج بوش الابن وقراره. فالخطيئة الأصلية كانت قرار الغزو، بصرف النظر عن الأخطاء التي ارتكبها العسكر والسياسيون في القتال وادارة الوضع السياسي. والمشكلة الكبيرة هي اسقاط نظام عربي بالقوة العسكرية الخارجية، قبل الحديث عن مشاكل النظام الفاشل الذي جرى تركيبه كبديل منه.

ولا أحد يتوقع أن يعبّر بوش وبلير عن الندم. فهما مصران على القول بغطرسة إنه لو عاد الزمن الى الوراء لاتخذا القرار نفسه. لا بل يضحكان من نفسيهما وشعبيهما ومنا كعرب بالقول إن العالم أفضل من دون صدام حسين. وليس ذلك صحيحاً، بصرف النظر عن المواقف من الرئيس العراقي ونظامه الشمولي. فالعراق اليوم في أسوأ حال أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، مهدد بالتقسيم وأخطار تتجاوز خطر داعش. والعالم العربي كله، لا فقط سوريا ولبنان واليمن، في حال انعدام الوزن والتوازن تحت أثقال حروب محلية واقليمية ودولية، وإن كان بعضها بارداً كما في لبنان.

واذا صدّقنا الخطاب الأميركي عن التحول الاقليمي الديمقراطي والعمل على شرق أوسط جديد بدءاً من العراق، فإن السؤال هو: هل هناك فشل أكبر؟ واذا أخذنا برأي القائلين إن هدف أميركا كان تفتيت المنطقة لتصبح دويلات تدور حول دولة اسرائيل في الفلك الأميركي، فإن السؤال هو: لماذا الانسحاب من الشرق الأوسط الى الشرق الأقصى بعد النجاح؟

الواقع ان من النتائج الملموسة لغزو افغانستان والعراق، توسيع النفوذ الاقليمي لايران، وظهور داعش. واذا كانت اسرائيل مرتاحة وتركيا قلقة حيال الدور الكردي، فإن الصراع بين طهران والرياض ليس مختصر الصراعات في المنطقة. واذا كان اردوغان خسر حلم السلطنة بعد سقوط حكم الاخوان المسلمين في مصر، فإن من الصعب أن تكون الإمامة أو الخلافة أو هما معاً مستقبل الشرق الأوسط.