IMLebanon

الاستقالة تستهدف رئيس الجمهورية

 

لم يقتنع كل المتابعين والمطلعين على مواقف الرئيس سعد الحريري قبيل اعلان استقالته من الرياض ظهر امس بكل ما استحضر من «كليشيهات» اتهامية ضد حزب الله ومعه ايران في البيان الذي اعلنه الحريري لتبرير استقالته، بأن قرار الاستقالة جاء بقناعة مسبقة من الرئيس المستقيل، بل انه حصل بضغط سعودي وصولا الى اعداد البيان بإشراف ولي عهد السعودية محمد بن سلمان.

بهذه الخلاصة خرجت مصادر سياسية بارزة في 8 آذار، لتؤكد ايضا ان صياغة البيان الركيكة وغير المنتظرة في الافكار انما هي صياغة سعودية بامتياز عدا ان مكان الاعلان عن الاستقالة هو بحد ذاته ادانة واضحة للسعودية ومحاولة فرض اجندتها على اللبنانيين.

لذا تؤكد كل المعلومات التي لدى مراجع لبنانية ان الحريري لم يكن في صدد الاستقالة بعكس ما يحاول بعض «المنظرين» في تيار المستقبل اختلاق تبريرات للاستقالة من خلال التذكير بعدد من المحطات التي حصلت في الاسابيع الاخيرة، وهو الامر الذي يؤكد مطلعون على اجواء قصر بعبدا التي تلاحظ لانه قبل ساعتين فقط من انتقال الحريري الى السعودية كان يجري اتصالات ولقاءات عن رغبته بتفعيل عمل الحكومة في كثير من القضايا التي تهم لبنان واللبنانيين، انما في ذلك التحضير لدرس الموازنة في مجلس الوزراء لكن يبدو ان الحريري الذي انتقل الى السعودية رئيسا للحكومة حصل معه شيء ما هناك ادى الى الاستقالة.

وحول التبريرات الامنية التي استحضرت في بيان الاستقالة يشير هؤلاء المطلعون الى ان الحريري قبل ذهابه الى السعودية في زيارته الثانية – كما كان ايضا قبل زيارته الاولى – كان يتنقل يوميا لحضور العديد من المناسبات التي تزيد في بعضها عن اربع مناسبات، وبالتالي لو كان هناك خطر عليه لكان توجب عليه ان يخفف من تنقلاته وينتدب عنه من يمثله في هذه المناسبات.

ويلاحظ المطلعون على اجواء بعبدا ان كلام وزير الدولة السعودية في مواقفه وتغريدته الاخيرة بخاصة مع الزميل مارسيل غانم استهدف في المقام الاول رئيس الجمهورية، فحزب الله هو حزب مشارك في الدولة، لكن الرئيس عون هو رأس الدولة».

واشار هؤلاء ردا على سؤال الى ان رئيس الجمهورية ينتظر عودة الحريري ليطلع منه على الظروف التي دفعته الى الاستقالة لانه لم يكن بالاساس يعتزم تقديم الاستقالة، واضاف هؤلاء انه يمكن الاخذ بالاستقالة شفهيا او ان يقوم الحريري بارسالها خطيا، لكن الرئيس عون ينتظر اليوم ليبني لاحقاً على الشيء مقتضاه. واوضحوا ان لا خوف على وضع الليرة اللبنانية، فالرئيس عون اعطى تعليماته الواضحة بهذا الخصوص، وكذلك على الصعيد الامني.

في كل الاحوال، تؤكد المصادر السياسية البارزة السالفة الذكر ان استقالة الحريري موجهة الى الرئيس عون قبل حزب الله، ولو ان الرئيس المستقيل اعطى استقالته عنوان تحميل مسؤولية الاستقالة للحزب وايران. ولاحظت المصادر ان ما دفع السعودية الى دفع الحريري نحو الاستقالة امرين رئيسين: الاول شعور السعودية بأن تسويات معينة قد تحصل في المنطقة وهو الأمر الذي سيكون على اجندة اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي دونالد ترامب على هامش قمة جنوب آسيا، والامر الثاني قلب الطاولة في لبنان في وجه رئيس الجمهورية وحزب الله لمحاولة تحسين شروطها في لبنان والمنطقة، خصوصاً ان الرياض منزعجة جداً من مواقف الرئيس عون من حزب الله وسلاح المقاومة التي وصلت في الايام الاخيرة الى حدود تأكيده ان مصير سلاح المقاومة مرتبط بحل قضية الشرق الاوسط.

على ان المصادر تعتقد ان ما يحكى عن امكانية حصول عدوان اسرائيلي على لبنان بعد انكشافه عربياً مستبعدة جداً، لان كيان العدو هو الذي يقرر توقيف العدوان، عدا انه غير قادر على القيام بعمل عسكري لانه يعرف انه يستطيع فتح الحرب لكن ليس هو من يقرر نهايتها.

وترى المصادر ان الضحية الاولى لاستقالة الحريري ستكون الانتخابات النيابية لانه من الصعب اجراؤها في ظل حكومة مستقيلة كما انه من الصعب جدا تشكيل حكومة جديدة تأخذ ثقة مجلس النواب، خصوصا ان حلفاء السعودية سيدفعون البلاد نحو اوسع عملية توتير مذهبي وسياسي في حال قيام الرئيس عون والكتل النيابية (غير الحليفة للسنيورة) بتشكيل حكومة، وبالتالي فالامور عندئذ ستتجاوز التصعيد السياسي الى «الخربطة» الامنية، بينما حصر التصعيد بالاستقالة سيبقي الامور في لبنان تحت سقف التصعيد السياسي.