IMLebanon

نجاح مؤتمر «روما-2» مؤشِّر على انطلاق قطار مؤتمري باريس وبروكسل

حرص دولي على تقوية مؤسّسات الدولة وإبقاء لبنان بمنأى عن توتُّرات المنطقة وحروبها

نجاح مؤتمر «روما-2» مؤشِّر على انطلاق قطار مؤتمري باريس وبروكسل

 

المؤشرات التي ارتسمت عن نجاح مؤتمر «روما-2» تعدت إلى إظهار لبنان  في وضعية محيّدة عن الصراعات الدائرة والحروب المشتعلة

ارتسمت مؤشرات نجاح مؤتمرات «روما-2» وباريس وبروكسل ومدى استعداد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان لتجاوز مشاكله، من خلال المشاركة الفاعلة للدول المؤثرة في العالم والتي تشكّل مجموعة الدعم الدولي للبنان في مؤتمر «روما-2» والإلتزامات التي قطعتها علناً وفي اللقاءات الجانبية لمساعدة ودعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، لاقتناع هذه الدول بأن تقوية المؤسسات العسكرية والأمنية عامل أساسي لإرساء الأمن والاستقرار في كل الأراضي اللبنانية وإشاعة أجواء من الثقة والطمأنينة لتشجيع الاستثمار وتنشيط الدورة الاقتصادية ويساعد السلطة السياسية في القيام بدورها لمواجهة شتى التحديات والمشاكل الناجمة عن التوترات والحروب الإقليمية وتداعياتها السلبية على لبنان.

وبالفعل كان انعقاد مؤتمر «روما-2» مناسبة لتأكيد الدول المشاركة فيه على رغبتها الصريحة للقيام بكل التحضيرات الميدانية اللازمة لالتئام مؤتمر «سيدر» في باريس بعد أسبوعين على أساس البرنامج الذي وضعته الحكومة اللبنانية بحاجات لبنان ومطالبه من المؤتمر بكل تفاصيله ودقائقه، الأمر الذي يعطي انطباعاً ايجابياً واضحاً بتجاوب هذه الدول مع ما يطرحه لبنان واستعدادها لتقديم المساعدة، كي يتسنى للحكومة اللبنانية القيام بتنفيذ المشاريع الضرورية والحيوية التي تسعى إليها من وراء انعقاد المؤتمر المذكور الذي تجري الاستعدادات في لبنان والعاصمة الفرنسية بوتيرة متسارعة تسابق الوقت المتبقي كي يتم إتمام كل التحضيرات بدقة وتنظيم متكامل.

لم تكن المؤشرات التي ارتسمت عن نجاح مؤتمر «روما-2» والالتزامات التي قدمتها الدول الأساسية والفاعلة بالعالم وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والمانيا وغيرها محصورة بجانب المساعدات العسكرية للجيش اللبناني والقوى الامنية وما تحتاجه من معدات وتدريب فقط، بل تعدته إلى أبعد من ذلك بكثير ولاسيما بإظهار لبنان في وضعية محيّدة عن الصراعات الدائرة والحروب المشتعلة، إن كان بسوريا وغيرها بالرغم من مخاطر وإمكانية تمدد هذه الحرائق بفعل مشاركة «حزب الله» بهذه الحروب، وهي مشاركة هددت لبنان أكثر من مرّة في السنوات الماضية عبر تسلل عناصر التنظيمات الإرهابية الى اراضيه وقيامها باعتداءات على الجيش اللبناني والمدنيين في أكثر من منطقة.

وهذا الحرص الدولي يطال إبعاد لبنان عن مخاطر التهديدات الإسرائيلية المتواصلة منذ سنوات طويلة ضد لبنان، تحت حجج مختلفة وفي مقدمتها وجود سلاح «حزب الله» وما يمثله من تهديد ضد أمن إسرائيل وما شابه من ذرائع أخرى، ويجعل من إمكانية قيام إسرائيل بأي عدوان ضد الأراضي اللبنانية يصطدم برفض المجتمع الدولي لمثل هذا الاعتداء أو التدخل الفاعل لمنع حدوثه كما حدث في أكثر من مرّة والأهم من كل ذلك انه يعطي لبنان حالة من الضمانة الدولية لأمنه وسلامته، الا إذا تبدّلت ظروف المنطقة باتجاهات الحرب الإقليمية وما ينجم عنها من تداعيات تقلب الأوضاع رأساً على عقب.

الأهم في هذه المؤشرات هو ان تقوية الجيش والقوى الأمنية اللبنانية يؤدي عملياً وعلى المدى الطويل في تعزيز قوة وهيبة مؤسسات الدولة ككل، وهذا يؤدي بشكل مباشر إلى قطع الطريق على أي طرف أو جهة مهما كانت قوية لاستعمال السلاح الميليشيوي في أي صراع داخلي ولحسابات سياسية أو إقليمية كما فعل «حزب الله» واتباعه أكثر من مرّة في العقود الماضية لتحقيق مكاسب سياسية أو مصادرة سلطة وقرار الدولة اللبنانية، وهذا بالطبع لا يرضي قوى الأمر الواقع وتحديداً «حزب الله» الذي يعبّر عن امتعاض ضمني من سياسة انعقاد المؤتمرات الثلاثة والدعم الدولي اللافت للحكومة اللبنانية لإنجاح هذه المؤتمرات ووضع نتائجها موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن.

فهذه المؤشرات الواضحة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن المجتمع الدولي ماضٍ في وعوده وتعهداته والتزاماته لعقد وانجاح مؤتمري «باريس» وبروكسيل في الأسابيع القليلة بالرغم من كل محاولات التشكيك باحتمال فشل انعقادهما كما يروّج لذلك المتضررون منها ولا يرغبون بنجاحها أملاً في إلحاق الفشل والضرر بخصومهم السياسيين في السلطة، لأنه لولا وجود هذه الرغبة الدولية الحقيقة والقوية بنجاح هذه المؤتمرات لما كان لمؤتمر «روما 2» أن ينعقد ويصدر عنه نتائج إيجابية، ولتوقفت أو تعثرت التحضيرات المتسارعة لمؤتمري باريس وبروكسيل، ولكن ما يحصل هو عكس ما يتمناه المتضررون.