IMLebanon

إلى ممثلي أهل السنة في السلطة وغيرها: كيف ترضون الإهانات بحقنا ووجودنا ودورنا؟

 

هل هو جديد على ميشال عون أن يشتم خصومه ويستهزئ بهم؟ أم هو سلوك رافق الرجل منذ بداياته وسيرافقه حتى نهايته ولن يتوقّف عنه، وإن كان «ضرورات» موقع الرئاسة تستوجب منه ضبط فلتات اللسان التي جلد بها «الشعب الطز» على مدى سنوات، وجعل خصومه من «الزنار ونازل» كما خاطب ذات يوم الرئيس الأسبق أمين الجميل، من دون أن ننسى ملاحقته للشهيد رفيق الحريري في قبره.

 

سخط عون على الإعلام، فوصف صحيفة مخضرمة ذات مرّة بـ «العرقانة من العجز» بدل العراقة، ويرفض اللجوء إلى القضاء لمواجهة ما يساق ضده في الإعلام الذي أصبح في نظره «ممسحة أرض» ولم ينتهِ بقرار منع مراسلي قناة تلفزيونية محلية شهيرة من تغطية نشاط القصر الجمهوري والذي أسقطه القضاء، لأن القصر ليس ملكية خاصة لعون أو سواه.

 

السلاح والشتيمة صنوان

 

ومع استذكار «أدب الخطاب السياسي» لدى الرئيس عون منذ بداياته، لن يكون غريباً عليه وصف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالكاذب وأن لا يتراجع عن ذلك الاتهام في تفسيره لطبيعة الحديث ومجراه، ولن يكون مستغرباً تكراره في قادمات الأيام، بعد أن وصلت الأمور في البلد إلى الحائط المسدود، لأنّ هذا السياق يعكس طبيعة الواقع السياسي الذي وصل إليه البلد.

 

فهناك طرف لا يعرف سوى التهديد بالسلاح لفرض مشروعه وسياساته، وهو يضع صواريخه فوق رؤوس اللبنانيين ليسوقهم إلى مؤتمر تأسيسي لتشريع هيمنته وإبقاء سلاحه. وبينما يتصاغر «حزب الله» أمام العدو الصهيوني في سوريا، نراه يتعملق علينا تهديداً ووعيداً واستهدافاً للمعارضين في السياسة والإعلام.

 

يستقي عون استقواءه من الدعم الذي يلقاه من حليفه «حزب الله» فيترجم هذا الاستقواء بلغته اللاذعة ويغوص عميقاً في آليات التعطيل التي يبدو أنه لا يتقن السير بدونها. فكما عطّل البلد سنتين ليصل إلى مجلس النواب، أعتق تشكيل حكومات عهده بشكل محترف، وها نحن ننزلق اليوم إلى جهنم كما بشّر هو شخصياً.

 

الصمت أو الهوان السياسي

 

في المقابل، تعامل خصوم عون مع شتائمه بتجاهل معتبرين ذلك ترفعاً، لكنّ هذه النظرية خاطئة منذ البدء، لأنّ ما يجري ليس شتيمة شخصية، ولا إهانة خاصة حتى يكظم المرء الغيظ في مقابلها، لكنّها فعلٌ سياسيّ له مفاعيله وتداعياته، تماماً كما هو الحال في وصف الحريري بالكذب، وترجمة ذلك أنّ عون يعلن رفض التعاون مع الحريري وسيمنعه من إنجاز تشكيل الحكومة ولن يوقع مراسيم تشكيلها.

 

أين هم ممثلو أهل السنّة؟

 

اللافت للانتباه في كلّ هذا الصّخب ذلك الصمت المُهين المسيطر على ما يسمى الوسط السياسي السنّي بعد كيل شتيمة الكذب في ترجمة لخرق الدستور والإصرار على التحكّم بدفة السلطة من خلال الحصول على الثلث المعطل في الحكومة لصالح الصهر الحامل لصخرة العقوبات الأميركية، فإذا بمن يشغلون التمثيل السنّي يصمّون آذانهم ويبتلعون ألسنتهم وتجاهلون مخاطر هذا الاستهداف المتمادي، والناتج أساساً عن الصفقة الرئاسية، التي طبخها الحريري وهو اليوم يلوك نتائجها بصمتٍ لا يخلو من العِبَر.

 

ما بالكم كيف تصمتون؟

 

تساؤلات كثيرة تدور حول ما يفعله رؤساء الحكومات السابقون والنواب ودار الفتوى بمفتيها ومجلسها الشرعي، حيال ما يجري من انتهاكات واعتداءات.. هل هم فعلاً يسمعون ويرون من يجري، أم أنّهم استسلموا للأمر الواقع واعتبروا أنّهم أدَّوا قسطهم للعلى فركنوا للنوم؟

 

ما هذا الغياب المخزي في ذروة الأزمات الزاحفة صحياً واقتصادياً وسياسياً؟

 

هل هو انسحاب أم إعلان عن الهزيمة أم هو المراوغة للحفاظ على المكتسبات الخاصة مقابل الانسياق في مشروع الانهيار وما بعد الانهيار؟

 

أعلمونا باستسلامكم

 

من حقّنا عليكم إذا وصلتم إلى قرار الاستسلام أن تعلمونا بأنّ السفينة باتت بلا رُبّان، وأنّ المؤسسات أصبحت فارغة رغم وجودكم فيها، وأنّ الوجود في الدولة بات متروكاً نهب التسلّط وأنّ حقوقنا أمست سائبة بلا سواتر ولا جدران وأنّ مصيرنا بات على كفّ عفاريت الإجرام السياسي والأمني.

 

ماذا تفعلون غير تسجيل حضوركم على منصات التواصل من خلال كتبتكم والمستشارين المستأجرين السخفاء الذين يقنعونكم بأنّ أفضل ما تفعلونه هو الركون إلى الأرض والتلطي بالصمت حتى تمرّ العاصفة.. حتى لو كانت العاصفة خطرة لدرجة أنّها لن تبقي ولن تذر وراءها ما يمكن البناء عليه بشراً ومؤسسات وكياناً..

 

ألا تعتقدون أنّ لحظة الحقيقة قد حانت وحان معها وقت الصدق مع الذات ومع الناس، وهذا يستوجب المصارحة مهما كانت الوقائع مريرة، فكفى مكابرة وتجاهلاً للمسؤوليات، وكفى استهتاراً بأماناتٍ سارعتم إلى حملها من خلال الاستيلاء على مواقعكم النيابية بعد أن قدّمتم أنفسكم وكأنّكم الأبطال الذين لم يأتِ الزمان بمثلهم، فهذا سيأتي بـ900 ألف وظيفة، وذاك لن يترك أحداً يجوع في مدينته وآخرون رسموا الأحلام على حيطان الحرمان من بيروت إلى عرسال، ومن الجبل إلى عكار..

 

الواقع أنكم لستم سوى قادة الانهيار وسائقي باصات السقوط في العجز بعد أن أوقفتم المحرّكات وتركتم غرفة القيادة، وأسوأ ما في حالنا أنكم متشبثون بادّعاءاتكم الانتخابية لأنكم تظنون، وبعض الظن إثم، أنّكم ستبقون في عالم السياسة، رغم كلّ هذا الحجم الهائل من الفشل، لتترشحوا من جديد وتقصّوا علينا قصص علي بابا وسندباد من جديد..

 

كلا أيها السادة، لن يبقى مما ترونه اليوم شيء إذا وقعت الواقعة وانهار البلد، وفي كلّ حال على الأرجح أنّ من يرتضي الهوان لكرامته فلن يوقظه تقريع أو نصحية، لأن من يهن يسهل الهوان عليه، فما لحرجٍ بميّتٍ إيلامُ.