IMLebanon

خطر الارهاب مصيري:  أي ردّ لبناني؟

من جديد يضرب الارهاب في الضاحية الجنوبية. مجزرة رهيبة في برج البراجنة بتفجيرين انتحاريين أوقعا أكثر من مئتين من المدنيين الأبرياء بين شهيد وجريح. وصدمة قاسية في يوم صحو سياسي لم يحدث مثله منذ عام، حيث قاد التوافق بعد مبارزة بالمواقف الى جلسة نيابية طال انتظارها لتشريع ما هو ضروري للناس ولعلاقة لبنان بالعالم عبر قوانين مكافحة الارهاب وتبييض الأموال. لكن عنوان الرسالة الدموية هو كل لبنان، لا فقط الضاحية وما ترمز اليه. والرد عليها يجب أن يكون وطنياً شاملاً، لا بمجرد الادانة الجماعية كالعادة وتشديد الاجراءات الأمنية بل بالخروج من الحسابات الفئوية والشخصية والعابرة للدولة الى تسوية لأزمة الحكم.

ذلك ان الارهاب التكفيري بات يشكّل، بعد ظهور داعش واعلان دولة الخلافة في أجزاء من العراق وسوريا، خطراً مصيرياً على لبنان، ولو كان حزب الله مجموعة كشافة. فلا نحن خارج خارطة المشروع الذي يحلم أبو بكر البغدادي بأن يشمل الكرة الأرضية. ولا الخلايا الارهابية النائمة أو المتحركة التي تعلن أجهزة الأمن كل أسبوع تفكيك بعضها والقبض على عناصر تابعة لداعش والنصرة هي أكثر من رأس جبل الجليد أو هي فقط لتقديم مساعدات لوجستية الى داعش في سوريا. ومن الطبيعي ان يزداد خطر العمليات الارهابية في لبنان بقتال حزب الله الى جانب النظام السوري، وان كان منطق الحزب انه يقاتل لحماية لبنان ومنع داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى من أخذ موطئ قدم فيه. لكن من الصعب مهما تكن الاجراءات الأمنية مشددة منع العمليات مئة في المئة.

ولا مجال لتصور حزب الله ينسحب من سوريا، على افتراض ان الانسحاب هو الهدف من العمليات الارهابية، ولا لتصور الرئيس فلاديمير بوتين يسحب طائراته من سوريا بعد تفجير الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء. فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قال منذ شهور ان من يريد أن يقرر مصير لبنان يجب أن يكون حاضراً في مصير المنطقة الذي يتقرر اليوم فيها. وهو يقاتل دفاعاً عن الجسر السوري للمشروع الايراني الممتد من طهران الى فلسطين مروراً ببغداد ودمشق وبيروت، وبالتالي دفاعاً عن وجوده ودوره في لبنان. وبوتين يقاتل دفاعاً عن الحاجز السوري الذي يمنع وصول الارهابيين الى موسكو، وحماية للنظام والمصالح الروسية الاستراتيجية وللشراكة مع أميركا وما سمّاه جعل سوريا نموذجاً للشراكة وتشكيل منظومة فعالة لادارة الأزمات.

والارهاب التكفيري ليس حدثاً عابراً بل مشروع استراتيجي.