IMLebanon

عجلة الدولة تعاود دورانها بزخم التسوية الجديدة والتزام الأطراف بها:

عجلة الدولة تعاود دورانها بزخم التسوية الجديدة والتزام الأطراف بها:

استكمال التعيينات في المراكز القيادية، وإنهاء ملف النفط، واجراء الانتخابات

 

تجاوزت حكومة استعادة الثقة أزمة استقالة رئيسها وعادت عجلتها إلى الدوران بزخم أكبر مما كانت عليه قبل الأزمة بما يمكنها، في حال لم تطرأ أمور فوق العادة، من التعويض عن فترة الانقطاع التي دامت قرابة الشهر، وستشهد الجلسة الوزارية التي تعقد اليوم الخميس برئاسة رئيس الجمهورية، بداية عودة عجلتها إلى الدوران بزخم بإقرار البنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة، وفي مقدمها ملف النفط واستكمال ملف التعيينات في المراكز القيادية في الإدارة العامة، ومنها تعيين محافظين لجبل لبنان ومحافظة البقاع.

وتجمع الأوساط السياسية المتابعة لمرحلة أزمة الاستقالة التي مرّت بها الحكومة على التنويه بهذه النتيجة التي انتهت إليها تلك الأزمة، إن لجهة الغطاء الواسع الذي أعطي للحكومة والذي يُشكّل بالنسبة إليها حافزاً قوياً للتعويض عن السابق، أو لجهة استمرار التسوية السابقة التي مكنتها، على مدى السنة الماضية، من أن تحقق إنجازات مهمة، لعل أهمها إصدار موازنة العام الحالي وقانون الانتخابات على أساس النسبية، إضافة بطبيعة الحال إلى تمكنها من إعادة تفعيل عمل المؤسسات التي كانت مشلولة طيلة فترة الأزمة الرئاسية التي دامت أكثر من سنتين ونصف السنة. الا أن هذا التفاؤل الذي تبديه الأوساط المتابعة لمسيرة الحكومة ما زال يشوبه بعض الحذر، ومرده إلى بعض الندوبات التي تركتها أزمة الاستقالة في جسم الحكومة، والتي كما تُشير المعطيات إلى انها ما زالت بحاجة الى جهود حثيثة لتجاوزها وطيّ صفحتها لكي تكتمل حلقة الغطاء الواسع للمسار الحكومي. وتخشى هذه الأوساط من أن لا تنجح هذه الجهود بالنظر إلى عمق تلك الندوبات وصعوبة دمل الجراح التي تركتها في جسم الحكومة.

وفي هذا الصدد تنتظر الأوساط نفسها ما سيفرج عنه الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية في 21 الشهر الحالي، وسط مخاوف من انعكاسات ذلك على الانسجام الحكومي الذي يفترض أن يبقى صامداً بعد طي أزمة الاستقالة، خصوصاً وان الرئيس الحريري كان خرج قبل موعد المقابلة عن صمته، وأعلن انه سيبق البحصة أي انه سيكشف أسرار قصة استقالته من الحكومة والقوى التي طعنته في الظهر. وما تتمناه هذه الأوساط ان يتجاوز الرئيس الحريري هذه المسألة ويعتبر ان أزمة الاستقالة أصبحت وراءه، وان الاهتمام يجب ان ينصب على تدعيم التسوية الجديدة، وإطلاق عجلة الحكومة بزخم لكي تتمكن من مواجهة العديد من الاستحقاقات الداخلية المتبقية ومنها بشكل محدد التهيئة لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها التزاماً منها بتعهداتها امام المجتمع الدولي، الذي يطمح بأن يحافظ لبنان على الديمقراطية ويعيد وجوده على الخريطة الدولية بعدما اهتزت ثقة العالم به نتيجة التمديد الأوّل والثاني والثالث للمجلس النيابي، ونتيجة الشغور في رئاسة الجمهورية الذي اكل من عمر الدولة أكثر من سنتين ونصف السنة، وألحق اضراراً كبيرة بسمعتها كدولة تحترم دستورها وتحافظ على نظامها القائم على تداول السلطة من خلال الانتخابات العامة، خصوصاً وأن الحكومة شُكلت على أساس انها حكومة انتخابات، وأن مهمتها الأساسية والرئيسية هي الاشراف على اجرائها في موعدها وحسب الأصول التي ينص عليها الدستور والقوانين المعمول بها. ولا زال سيّد العهد يردد في مجالسه بأنها ليست حكومة العهد الأولى، التي ستشكل بعد الانتخابات وعلى ضوء النتائج التي ستسفر عنها.

وحتى الموعد المقرّر لاجراء الانتخابات النيابية العامة الذي وضع كبند أوّل في سلم أولويات الحكومة، يبدو ان الوضع الداخلي، وفق ما تراه الأوساط السياسية المتابعة، أكثر ارتياحا عمّا كان عليه قبل أزمة الاستقالة وخلالها مستندا في ذلك إلى الدعم الدولي الذي تجلى في اجتماع مجموعة الدعم الدولي في باريس في الأسبوع الماضي، وما نتج عنه من مواقف الدول المشاركة فيه من دعم للبنان واستقرار واستعداد لمساعدته على تجاوز أزماته الداخلية ولا سيما الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى ما اظهرته هذه الدول من استعدادات لدعم الجيش اللبناني الذي تنتظره مهمات كثيرة وكبيرة، ومن دعم للسلطة السياسية في حال التزم الجميع بسياسة النأي بالنفس قولاً وفعلاً، وبدء التحضيرات اللازمة لعقد مؤتمر خاص بذلك في إيطاليا في الشهرين الأوّلين من العام المقبل.

وتبدي هذه الأوساط ارتياحاً لاهتمام الرئيسين عون والحريري بموضوع النأي بالنفس وجعله أساساً لحل كل المشاكل الداخلية وضمان مصداقية لبنان الدولية. وتقول مصادر مطلعة ان معالجة الرئيسين لهذا الأمر لطمأنة الدول الداعمة للبنان تجلّت في اعتراضهما بل ورفضهما لزيارة قائد ميليشيا عصائب «أهل الحق» قيس الخزعلي لبوابة فاطمة في الجنوب كونه يُشكّل خروجاً للنأي بالنفس وللقرار 1701، وهذا الرفض يهدف إلى طمأنة دول الدعم بأن أي خرق لن يمرّ من دون محاسبة، وهذا التفاهم بين الرئيسين من شأنه ان يُشكّل قاعدة متينة لمواجهة أية محاولات من هذا الفريق أو ذاك لضرب صدقية لبنان والتزاماته الدولية.

وتبعاً لذلك ترى المصادر ان الرئيسين عون والحريري سيوظفان كل طاقاتهما وجهودهما وعلاقاتهما لمصلحة تطبيق بنود التسوية ودفع الأطراف كافة إلى التزامها فعلاً، الأمر الذي من شأنه ان يريح الوضع الداخلي ويعيد البلد إلى الأوضاع الطبيعية، بحيث تجري الانتخابات في ظل توافق دولي على دعم لبنان.