IMLebanon

اليوم 13 نيسان كيف لا أحزن على لبنان

 

سألني صديق عاقل عن اسباب الحزن الظاهر في مقالاتي عن لبنان، والحزن كما عرفته مرتبة من الوعي والإدراك وأن الدمعة تعني ان العين ترى ما لا تحب ان تراه، وكيف لا أحزن والطبقة السياسية في لبنان تعرف بأن رياح التغيير الجزائرية قادمة باتجاه المنطقة لا محالة، بعد ان تركت اثارها على الرئاسة التونسية، والتحولات الليبية، وصولا الى السودان، وصولا الى الانتخابات البلدية التركية، والانتخابات الاسرائيلية، وتطور المواجهة الاميركية الايرانية، وتعرف الطبقة السياسية بأن هذه الموجة بدأت تدق  أبواب لبنان وسوريا والمشرق العربي، وتحاول الطبقة السياسية ترهيب الناس بالتداعيات الداخلية الأمنية والقضائية والمالية لاعتقالهم كرهائن في التجمعات الطائفية واستخدامهم بأسواق الرهانات.

كيف لا احزن وانا ارى اجيال لبنان اليوم السبت في ١٣ نيسان ٢٠١٩ تتعرض لنفس العبث بالمصير الذي تعرضت له اجيال لبنان قبل أربعة واربعين عاماً في يوم الاحد ١٣ نيسان ١٩٧٥، كيف لا احزن وانا ارى لبنان تقوده تكتلات كل واحدة تريد الخلاص من الاخرى، وكيف لا احزن وانا اسمع الكذب والرياء على الذات وعلى الناس بكل وقاحة وادعاء من المتباكين على اعتاب الدول الذين  يدعون الشجاعة والحرص عل لبنان، وكيف لا احزن وانا لا اجد نخبة وطنية قادرة على انقاذ البلاد من جحيم  ما تبشر به تغريدات الساسة الحمقاء بدون خجل او حياء.

كيف لا احزن وانا اشاهد منابر الحريات وقد تحولت الى خطوط تماس تحرض على القنص والخطف وتقطيع الأوصال، وكيف لا احزن وانا اتابع ثقافة الحقد والكراهية تهيمن على كل الاحزاب والطوائف، ويتصدر المشهد السياسي عباد السلطة وعشاق الذات وصناع الاوهام، الذين لا يتورعون عن ارتكاب كل الموبقات باسم الطوائف والعقائد والانتماءات الافتراضية، ولا مانع لديهم من تمزيق الدولة والمؤسسات والكيان كما مزقنا الهوية والأرحام في ١٣ نيسان ٧٥ وخسرنا المناعة المجتمعية التي كنا قد اكتسبناها على مدى عقود طوال.

كيف لا احزن في ١٣ نيسان ٢٠١٩ وانا اقرأ واسمع عن القادم من الايام السوداء التي يتحضر اللبنانيون، محترفين وهواة وقادة وعواماً، للاحتفال بقدومها، رغم كل ما اصابنا منذ ١٣نيسان ١٩٧٥ من قتل ودمار ووصاية واحتلال، وما اصاب مئات آلاف العائلات التي فقدت ابناءها وبيوتها وعملها وسكينتها وذكرياتها ومئات آلاف العائلات التي غادرت لبنان، وكيف لا احزن عندما يكون الجميع يريدون تكرار ما ارتكبناه بكل حماسة واندفاع واعتزاز وكأنهم لا يعرفون العيش بدون قتل وتهجير ودمار.

كيف لا احزن  حين تحول القلوب السوداء بيني وبين ذاكرتي مع الوجوه البيضاء والعقول البيضاء والصفحات البيضاء، وتمنعك من التذكير بمآثرهم وافكارهم وعطاياهم واياديهم البيضاء، فالصدق والوفاء والمحبة ممنوعة في لبنان لانها من صفات الجبناء، والكراهية والحقد والكذب والعبث بمستقبل الأجيال هي من صفات القادة الشجعان مواليد ١٣ نيسان ٧٥، ذلك اليوم الذي تجمعت فيه أسراب الشؤم من الغربان السوداء وحجبت  شمس الحرية والامان عن سماء لبنان، يوم سادت شريعة الغاب وسحبت من أيدي الأحرار الاقلام والأوتار والالوان، وفتحت عنابر الأسلحة لكل من يريد ان ينتقم من بيروت التسامح والتفاعل والتألق والإبداع والانفتاح، واليوم السبت ١٣نيسان وكيف لا احزن على لبنان.