IMLebanon

طرابلس مدينة التاريخ والفرص والأمل

 

منذ أن تولّيتُ منصبي كسفير في لبنان، زرتُ طرابلس ثلاث مرات. وفي كل مرة كانت ثاني أكبر مدينة في لبنان تُبهرني كونها مدينة تاريخية ملؤها حفاوة وترحيباً حاراً ومرونة وفرصاً للنجاح. لقد قطعت طرابلس أشواطاً كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية للابتعاد عن النزاعات والاشتباكات التي ما زالت، وبشكل غير عادل، ترسم هوية المدينة في عقول العديدين.

 

ولكن يجب أن نستمر في العمل معاً – من أجل تحقيق الرخاء والحوكمة والأمن والاقتصاد – من أجل توفير مستقبل أفضل للطرابلسيين. خلال زيارتي يوم الأربعاء الماضي، رافقت زملائي السفراء الأوروبيين للاطلاع على عملنا مع الحكومة اللبنانية لتحقيق ذلك. إلى جانب وزيرة الداخلية ووزير الشؤون الاجتماعية وزميلي السفير الألماني، افتتحت سوق العطارين الذي تم تجديده حديثاً على امتداد 300 متر من المتاجر والتي تفيد أكثر من 80 ألف شخص.

 

هذا المشروع مموّل من المملكة المتحدة بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويركز على احتياجات المجتمعات المضيفة والفئات الأكثر ضعفاً. إنّ تنشيط هذه المنطقة المميزة والنابضة بالحياة في قلب المدينة هو رمز لطرابلس صاعدة، ولجهودنا في تعزيز فرص العمل والفرص الاقتصادية. تقدم المملكة المتحدة أيضاً دعماً واسعاً في قطاع التعليم وبناء السلام وبناء قدرات النساء والشركات الصغيرة والمتوسطة في طرابلس، ونريد أن نقوم بالمزيد لتعزيز روابطنا التجارية والثقافية. انّ الفرص المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخاصة وغيرها من المقترحات، تبشّر بمستقبل أكثر إشراقاً.

 

وذكّرتني زيارتي أيضاً بالروابط التاريخية الثابتة للمملكة المتحدة بالمدينة خلال وجودي في محطة شركة النفط العراقية، التي بُنيت في ثلاثينات القرن الماضي، واستمعتُ الى قصص عن عائلات بريطانية كانت تعيش وتعمل في المدينة. وعندما ترنو إلى البحر الأبيض المتوسط من مدافن الكومنولث لجنود الحربين العالميتين، خلال احتفال تذكاري بحضور سياسيين وشخصيات، تشعر بثقل الخسارة لفقدان 358 بحاراً غرقت سفينتهم الملكية الحربية «فيكتوريا» قبالة ساحل طرابلس في العام 1893. وبمساعدة من الحكومة اللبنانية، أصبحت الآن مقبرة حرب محمية – لقد كانت لحظة مهمة لنتذكّرها.

 

بعد مرور 126 عاماً على هذا الحدث المأساوي، تظل تضحيات قواتنا الأمنية شيئاً لا يمكن لأحد منّا أن يسلّم به. فقبل بضعة أسابيع وعشية عيد الفطر المبارك، ضرب الإرهاب طرابلس. وكان واجباً أن أتقدم أنا وزملائي في الاتحاد الأوروبي من رئيس البلدية وآخرين بتعازينا عن أرواح الذين سقطوا خلال الأحداث الأخيرة. كانت رسالتنا واضحة: نقف متّحدين في مواجهة الإرهاب وفي جهودنا للحفاظ على استقرار لبنان. فمن خلال الجهود والتضحيات الدائمة لرجال ونساء الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي يشعر المواطنون بالأمان والاستقرار.

 

كانت المملكة المتحدة وبلدان أخرى حول العالم عرضة لهجمات مماثلة في الآونة الأخيرة. إنها لحقيقة محزنة أنّ جميعنا معرضون للخطر من أشخاص يريدون أن يقتلوا حياتنا وحريتنا – لكننا بحال أفضل عندما نعمل معاً. في الأسبوع الماضي، افتتحت منشأة جديدة ستساعد الجيش اللبناني على إجراء التحقيقات، ويسرّني أن أعلن بالإضافة الى دعمنا الحالي عن تقديم مبلغ إضافي قدره مليون ونصف دولار أميركي للمساعدة في جهود مكافحة الإرهاب في لبنان. كما سنوفر أيضاً تدريباً من شرطة المملكة المتحدة حول كيفية التعامل مع هذا النوع من الهجمات كالتي وقعت في طرابلس، بناءً على الدروس التي تعلمناها خلال هجمات مماثلة في لندن ومانشستر.

 

سيقف الشعب البريطاني دائماً جنباً إلى جنب مع أصدقائنا اللبنانيين.