IMLebanon

طرابلس مُشرَّعة على تساؤلات ﻻ تنتهي

في موازاة التأزّم اﻻقليمي والمشاريع المصيرية التي تتجاوز الوضع اللبناني نحو المنطقة المحيطة، يجمع المراقبون على حيوية سياسية تشهدها طرابلس، فرفع السقف السياسي والمواقف الحادة السائدة حالياً هما ترجمة عملية ﻻستعادة المدينة دوراً محورياً غاب عنها بفعل محاولة إغراقها باﻻزمات المتعددة واﻹهمال والتهميش اﻻجتماعي في الفترة الماضية.

في هذا الصدد، يتوقع العارفون دوراً مستقبلياً رائداً وطليعياً وعصراً ذهبياً قد تعيشه طرابلس مع مؤشرات التسوية الدولية للحل السياسي في سوريا، وذلك انطلاقاً من أهمية استراتيجية ستحوّلها حتماً منصّة لإعادة إعمار سوريا وقد ترجمه اﻻهتمام الدولي باكتشاف مقدرات المدينة ومرافقها العامة.

هذا العمق العربي، إن جاز التعبير، إختزنته طرابلس حيث كانت تبرز الى المسرح عند كل مفترق للمشاريع الكبيرة، أمّا حقباتها اﻻقرب فكانت مشاركتها في إنهاء اﻻنتداب الفرنسي وإعلان دولة اﻻستقلال، فعلى الدوام وعند المفترقات المصيرية تبرز طرابلس على المسرح السياسي، وهي اليوم مشرّعة على تساؤلات لا تنتهي.

دور طرابلس التاريخي

يلفت أحد السياسيين الطرابلسيين المخضرمين الى ضرورة اﻻستعادة التاريخية لفهم جملة مؤشرات وتطورات سياسية طَفت على السطح في طرابلس مرتبطة بمسار من التصعيد السياسي.

محلياً، لا رابط بين التصعيد العوني والتلويح بقلب الطاولة من باب فقدان الميثاقية مع الشريك في الوطن، ولحظة رفع الوزير أشرف ريفي سقفه السياسي قاطعاً الشك باليقين عندما أعلن مواجهته المفتوحة. وخارجياً هناك سؤال عن ارتباط طرابلس بالأزمة السورية وموقعها في حال تقسيم سوريا.

هناك من يستذكر في طرابلس إجتياح صدام حسين الكويت عام 1990، والذي انعكس بإطلاق يد سوريا في لبنان على شكل وصاية لم تنته إلّا مع استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005، ليقدّم خلاصة تشكّل عناوين المرحلة الراهنة وعناوينها بداية مخاض جديد في لبنان قد يولّد حقبة متميزة إن لم تكن مختلفة تماماً، من هنا التطورات الجسيمة وفتح باب التساؤلات المصيرية حول الطموحات المترافقة مع حقيقة اﻻحجام والأوزان.

فزيارة ريفي وتصريحه على باب دارة المهندس معن كرامي تتجاوز واجب التهنئة بالعيد أو الصداقة المتينة، والحلف الذي يجمعه بآل كرامي له عمق سياسي ومن أهم ركائزه الحفاظ على وجه لبنان العربي وتفاعله مع محيطه العربي. ريفي الخارج للتو من عباءة «المستقبل» نحو حالته الخاصة يواجه تحدياً يتوقف عليه مستقبله السياسي واﻻبواب تبدو مشرعة على تساؤلات ﻻ تنتهي.

في المقابل، ﻻ يمكن اﻻستهانة بتيار «المستقبل» وبزعامة حريرية إنبثقت لحظة 14 آذار وتَجلّت في طرابلس والشمال جرفاً سياسياً وشعبياً إكتسح الدورات اﻻنتخابية عامي 2005 و2009، لكنه أصيب بنكسة من أهل البيت في اﻻنتخابات البلدية الأخيرة، إلّا أنّ كوادر تيار «المستقبل» تستعيد في المقابل ثقتها مع اقتراب موعد المؤتمر التنظيمي لتيار المستقبل على رغم إرجائه لبعض الوقت، إذ يؤكد هؤلاء أنهم يمثّلون حالة من الصعب القضاء عليها بنزوة سياسية عابرة أو مغامرة إنتخابية!

ويوضح العارفون أنّ هذا التشنج وحدّة المواقف يرتبطان بإجراء اﻻنتخابات النيابية في الربيع المقبل، محذّرين من أنّ مصير لبنان على المحك ومرتبط بمسار اﻻزمة في سوريا ما قد يفتح اﻻحتمالات على مؤتمر تأسيسي أو ما شابَه تتجاوز عناوينه ما يتمّ تداوله حالياً من افكار متعلقة بالقانون اﻻنتخابي أو الفراغ السياسي.

ويعتبرون أنّ الحيوية السياسية وحدّة الصراع في طرابلس تدخلان في إطار البحث عن الدور السني في البلد، ليس لكون طرابلس عاصمة السنّة كما كسروان عاصمة الموارنة، بمقدار ما هي منطلق وقاعدة نحو واحدة من الرئاسات الثلاث في لبنان والتي يمتد تأثيرها نحو سائر المحيط العربي.

هذه الوقائع تؤكد أنّ شرارة الازمات تنطلق من طرابلس ولكن مفتاح الحلول يكمن في قراءة تغييرات واقعها السياسي. مستقبل لبنان علی المحك والازمة السورية في مراحلها الاخيرة، فأيّ باب ستبادر طرابلس لفتحه نحو المستقبل؟