IMLebanon

ترامب على خطى غورباتشوف  

 

 

كلّما تابعت خطوات الرئيس الاميركي دونالد ترامب يحضرني الرئيس السوڤياتي ميخائيل غورباتشوف الذي قضى على امبراطورية كانت تمثل إحدى القوتين الكبريين في العالم نداً للولايات المتحدة في القدرة والنفوذ والأحلاف و… سباق الفضاء.

 

ولد ميخائيل سيرغيفيتش غورباتشوف في ٢ آذار ١٩٣١، شغل منصب رئيس الدولة في الاتحاد السوڤياتي السابق بين عامي ١٩٨٨ و١٩٩١ ورئيس الحزب الشيوعي السوڤياتي بين عامي ١٩٨٥ و١٩٩١، كان يدعو الى إعادة البناء أو البريسترويكا، شارك رونالد ريغان في إنهاء الحرب الباردة وحصل على جائزة نوبل للسلام عام ١٩٩٠، أتت البريسترويكا ثمارها في ٢٦ كانون الاول ١٩٩١ عندما توارى الاتحاد السوڤياتي في صفحات التاريخ بعد توقيع بوريس يلتسين على إتفاقية حل إتحاد الجمهوريات السوڤياتية الإشتراكية، في مراهقته عمل مشغلاً لآلة الحصادة في الزراعة الجماعية، تخرج من جامعة موسكو الحكومية في عام ١٩٥٥ بشهادة بكالوريوس في القانون، بينما كان في الجامعة انضم للحزب الشيوعي ومن بعدها أصبح فعالاً فيه وتدرّج في المناصب الحزبية حتى أمانة الحزب الشيوعي العامة ورئاسة الدولة.

 

وقد ألغى الدور الدستوري للحزب الشيوعي في تنظيم الدولة، ما أدى الى تفكك الاتحاد السوڤياتي، تم منحه ميدالية اوتوهان للسلام في ١٩٨٩، وجائزة نوبل للسلام في عام ١٩٩٠ وجائزة هارفي في ١٩٩٢ إضافة الى العديد من شهادات دكتوراة فخرية من جامعات متعددة.

 

إعتبرت إصلاحات غورباتشوف السبب المباشر لتسريع سقوط الاتحاد السوڤياتي، فغيّرت المفاهيم والأنظمة التي اعتادها الشعب… وكانت النتيجة تفرّد الاميركي بأحادية القطب بعدما عاش العالم في ظل القطبين الاميركي والروسي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى العام ١٩٩١، فكان انهيار الاتحاد السوڤياتي حدثاً عالمياً ضخماً وهو الذي كان متألفاً من ١٥ دولة إتحادية إضافة الى هيمنته على نحو ٥٠٪ من دول العالم تقريباً، أما الدول الأعضاء فكانت:

 

١- جمهورية أرمينيا السوڤياتية الاشتراكية. ٢- جمهورية أذربيجان السوڤياتية الاشتراكية. ٣- جمهورية روسيا السوڤياتية الاتحادية الاشتراكية. ٤- جمهورية مولدوڤا السوڤياتية الاشتراكية. ٥- جمهورية ليتوانيا السوڤياتية الاشتراكية. ٦- جمهورية قيرغيزستان السوڤياتية الاشتراكية. ٧- جمهورية طاجيكستان السوڤياتية الاشتراكية. ٨- جمهورية تركمانستان السوڤياتية الاشتراكية. ٩- جمهورية أوكرانيا السوڤياتية الاشتراكية. ١٠- جمهورية أوزباكستان السوڤياتية الاشتراكية. ١١- جمهورية إستونيا السوڤياتية الاشتراكية. ١٢- جمهورية لاتفيا السوڤياتية الاشتراكية. ١٣- جمهورية كازاخستان السوڤياتية الاشتراكية. ١٤- بيلاروسيا السوڤياتية الاشتراكية. ١٥- جمهورية جورجيا السوڤياتية الاشتراكية.

 

وأعود الى التشابه بين ترامب وغورباتشوف، ذلك أنّ وجه الشبه هو في النتيجة وليس في نوعية الممارسة، وكما أنّ سقوط الاتحاد السوڤياتي أوصل أميركا الى التحكم بالعالم، فإنّ ما أقدم عليه ترامب وقبله باراك أوباما من سوء معالجة الأزمة السورية أدّى الى استعادة روسيا دور الاتحاد السوڤياتي والزيادة عليه، فموسكو السوڤياتية لم تستطع أن تقيم لها قواعد في «المياه الدافئة» (شرق البحر الأبيض المتوسّط) وهذا كان حلماً منذ أيام الامبراطور بطرس الأكبر، ولكن تصرّف أوباما وبعده ترامب مكّن موسكو من تحقيق هذا الحلم بالقواعد الثلاث في سوريا: القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في حميميم وقاعدة ثالثة للصواريخ، إضافة الى الهيمنة على مرفأ اللاذقية لمدة خمسين سنة بموجب اتفاق مع النظام السوري، أي أنّ الروسي كان قد خسر ليبيا والعراق وكاد أن يخسر سوريا، فعاد إليها من الباب العريض بفضل تردد وتخاذل أوباما في قضية السلاح الكيماوي الذي أوكل أمره الى الروسي في وقت كان قد قرع طبول الحرب واستقدم حاملات الطائرات معلناً بالفم المليان أنه سيوجه ضربة قاضية للنظام.

 

وجاء ترامب بالطبل والزمر أيضاً يهدد ويتوعد و… يخذل حلفاءه في سوريا والمنطقة برمتها ما جعل النظام السوري ينتعش، والروسي يأخذ بالورقة السورية كاملة تقريباً… بينما ترامب يتراجع هنا وهناك ويبيع ويشتري ليس في السلاح وحده بل أيضاً في المواقف والمبادئ والتحالفات والإئتلافات… ويضع لكل شيء سعراً بما فيها المبادئ والقيَم والوفاء… وربّـما سيكون لترامب الدور الأكبر في تفكيك الولايات المتحدة وإنهاء دورها كلياً.