IMLebanon

ترامب «يضع إصبعه» في الأسواق المالية      

منذ أن تولّى الرئيس ترامب الحكم اهتمّ وعلى ما يبدو بتسديد بعض من وعوده الانتخابية باستخدامه اوامر تنفيذية، لا سيما من ناحية دراسة الصلاحيات الممنوحة للشركات المالية الكبرى في أعقاب الازمة المالية العالمية ٢٠٠٨.

في أوّل زيارة له الى مبنى الخزانة الاميركية وقّع دونالد ترامب مذكرتين رأى فيهما المحللون والى حد كبير تأكيد على الاولويات التي وضعها الرئيس الاميركي لعهده- واحدى هاتين المذكرتين تمنع من اعتبار المؤسسات المالية غير المصرفية من ان تكون SIFI أو بما معناه Systemically important financial institutions، والمذكرة الثانية توجّه المنظمين لعدم استخدام التصفية من اجل حل المؤسسات المالية المضطربة ما لم يعتبرها الرئيس حالة طارئة والحالة هذه تسمى Orderly liquidation authority- وهذه الامور طبيعية بالنسبة لترامب لا سيما انه قال ومنذ زمن طويل انّ طريقة الاشراف على القطاع المالي تعيق النمو الاقتصادي إنما من البديهي التوضيح انّ المذكرتين تشيران الى انّ مراجعة هذه القواعد تبقى اولوية لكن من الواضح انها تتداخل مع امر تنفيذي سابق وقّعه الرئيس الاميركي في شباط الماضي ويطالب به بمراجعة جميع القواعد المالية.

وحسب Mnuchin وزير الخزانة ان أثر هذه المذكرات قد يكون محدوداً لا سيما انه وفريق عمله نظرا فيهما بشكل مبدئي اي التعاطي مع SIFI كذلك استخدام الـ Orderly liquidation authority. وحسب ترامب انّ ادارته تعمل على مدار الساعة لمساعدة الاميركيين لتحقيق احلامهم المالية وان يكون لديهم ثقة بالمستقبل، واضاف ايضاً انه سيعيد الازدهار للأمة.

وتعليقاً على هذا الحدث قال وزير الخزانة الاميركي ستيف Mnuchin انّ من شأن ذلك مراجعة العديد من الاحكام المثيرة للجدل وقانون Dodd Frank الاصلاحي، واضاف: «هدفنا هو جعل هذه العملية اكثر ذكاء وفاعلية وتقليل المخاطر التي ادت الى تضرر عدد كبير من الاميركيين اثناء الازمة المالية العالمية».

وكما هو معروف انّ الـ dodd Frank وحسب ترامب غير عادل ومدمر ولم يستطع جعل الشركات المالية في وول ستريت تحت الرقابة الجدية- ويقول النقاد في هذا المنحى انه يهدف الى إلغاء الاصلاحات التي حدثت في عهد اوباما والتي حققت الاستقرار والشفافية في العالم وساعدت على منع نشوب ازمات اخرى. بينما استاذته القانونية في جامعة بوسطن، تامار فرانكل، وهي خبيرة في النظام المالي، أكدت انه ورغم انّ الـ Dodd Frank لم تحقق النتائج المرجوة منها ولم تف بالغرض وهو خلق ثقة المستهلك في الصناعة المصرفية، لكنها قالت انه من المقلق بالشيء ان نعود الى ممارسات الاقراض الخطرة.

ولم يكتف ترامب بذلك بل وقّع امراً تنفيذياً طلب فيه من وزير الخزانة Mnuchin استعراض التغييرات الهامة التي أدخلت على قانون الضرائب منذ العام ٢٠١٦ لتحديد ما اذا كان النظام يفرض أعباء مالية على دافعي الضرائب الاميركيين، وان تكون معقدة او تتجاوز السلطة القانونية كما اعلن البيت الابيض.

وبالواقع وعلى ما يبدو انّ الجميع سيوافق على انّ النظام الضريبي في وضعيته الحالية عبئاً ثقيلاً ومعقداً- وحسب ترامب فإنّ رجال الاعمال لا يستطيعون الاقتراض في ظل قانون Dodd- frank وهذا ما لا يوافقه الرأي العديد من المحللين الذين وحسبهم انّ الارقام تشير الى غير ذلك. لذلك وعلى ما يبدو انّ الامور تتجه نحو التغيير في الولايات المتحدة الاميركية وفي نظامها المالي لا سيما بعد الازمة المالية العالمية وانهيار العديد من الشركات التي كانت تعتبر «أكبر من ان تفشل».

آملاً في تحفيز النمو الاقتصادي يتجه ترامب نحو اتخاذ خطوات جديدة لحل بعض أنظمة الضرائب والمالية والتي أرساها الرئيس السابق باراك اوباما- وإنّ استعراض النظم الضريبية يمكنه ان يعطي هامشاً اكبر للشركات التي تسعى لتوفير مأوى لأموالها في الخارج او على اقله تقليل الوقت والمال المتطلب لاستكمال المستندات الضريبية الشخصية والتجارية.

امّا ما يعتقده العديد من الاقتصاديين ومن بينهم نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيديرالي ستانلي فيشر في مقابلة مع شبكة سي ان بي سي يوم الجمعة انّ هناك جوانب من قانون Dodd Frank اذا ما حذفت يمكن ان يترتّب عنها آثار خطيرة على الاقتصاد وليس على الفور ولكن عندما تكون الاوقات اكثر صعوبة، واضافة فيشر انّ هكذا تغييرات على الاسس التي وضعت لتعزيز هيكل النظام المالي هي خطيرة جداً، ويشاركه الرأي في هكذا أمر بن برنانكي.

اضف الى ذلك جملة امور اخرى يحاول ترامب التدخل من خلالها لفك قانون Dodd-Frank، وهو قانون الافلاس والتغييرات الضروري إدخالها حسب ترامب وMnuchin على هذا القانون.

هكذا نرى انها جملة امور متشابكة ببعضها البعض، ومن المعروف ان قانون Dodd-frank معقد ويتطلب ٣٨٧ قاعدة مختلفة من ٢٠ من الوكالات التنظيمية.

لذلك ورغم انّ العملية ما زالت بعيدة عن الاكتمال فإنّ البوادر الاولية توحي بأنّ العديد من العناصر في القانون في خطر وهذا ما ينبأ ويزيد فرص بروز أزمة مالية جذرية ويعرّض وول ستريت والشركات الكبيرة لخطر مماثل كالذي وقع ضحيته ليمان برازرز الاستثماري ويلقي الاسواق المالية في حالة من الفوضى.

واخيراً لا آخراً ما هو موقف الفيديرالي الاميركي من مجموعة التغييرات هذه؟ وهل يمكن ليلين وفيشر وغيرهما من السير قدماً في عملية رفع اسعار الفوائد كما كان منتظراً في العام ٢٠١٧؟

عواقب المذكرات التنفيذية التي وقّعها ترامب قد لا تبدو نتائجها في القريب العاجل إنما تساعد على فرملة عملية رفع اسعار الفوائد ما بعد ٢٠١٧ بانتظار تحركات وول ستريت والمستثمرين وتجاوبهم مع جملة التغييرات هذه.

اميركا اخيراً في حضن جملة من الامور ليس فقط مالية انما ايضاً تجارية وضريبية وتتعلق بالهجرة والتعهدات الدولية ما يعني جملة امور لا يمكن التنبؤ بخطورتها وانعكاساتها على اميركا والعالم معاً.