IMLebanon

ترامب رفع بطاقة صفراء في وجه روسيا في سوريا

قرأت أوساط ديبلوماسية في بيروت التطوّر المفاجئ المتمثّل بمقاربة أميركية جديدة للصراع الدائر في سوريا، إشارة إلى إطلاق مرحلة جديدة من العلاقات الروسية – الأميركية في المنطقة. فالقصف الصاروخي الأميركي لمطار الشعيرات العسكري السوري، قد حمل رسالة محدودة في الزمان والمكان من الرئيس دونالد ترامب إلى العالم يعلن فيها، وبالفعل وليس بالقول، أنه لن يتعاطى مع أي ملف خارجي أو داخلي، على طريقة باراك أوباما. وبالتالي، فإن الموقف الأميركي من الصراع السوري سيضع حداً، كما قالت الأوساط، للآحادية الروسية في عملية التسوية السياسية الجارية، إذ أن الشروط الأميركية قد دخلت على الخط، ومن هنا فإن الضربة الصاروخية للمطار السوري، هي رسالة أولية إلى القيادة الروسية، ستسعى إدارة ترامب إلى توظيفها في المرحلة المقبلة في أي مفاوضات روسية ـ أميركية مرتقبة حول أكثر من عنوان مطروح بينهما، سواء في أوروبا أو في منطقة الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي كشفت فيه هذه الأوساط، أن الضربة الأميركية «متأخرة قليلاً»، من حيث النتائج العسكرية بعدما تكرّست معادلات جديدة إثر سبع سنوات من الحرب، أكدت أنه من المبكر الحديث عن مسار عسكري أميركي في مرحلة ما بعد القصف الصاروخي. وأوضحت أن هذه الضربة تأتي في سياق منفرد، وليست مقدمة لأي تدخل أميركي ميداني في سوريا، مشيرة إلى أن أكثر من مسؤول أميركي لا يرى في عملية الدخول المباشر من قبل القوات الأميركية في الصراع الدائر أية نتائج إيجابية في المدى المنظور. ولذلك، فإن الرسالة الصاروخية الأميركية لا تتخطى حدود إعلان الموقف من قبل الرئيس ترامب، وليست مؤشّراً على قرار أميركي بالإنخراط الميداني عبر مسار مختلف عن السابق.

ومن هنا، وجدت الأوساط الديبلوماسية أن المرحلة المقبلة تشكّل نقطة الإرتكاز لتحديد الموقف الأميركي الفعلي من التسوية، لأن الضربة الصاروخية قد خلطت الأوراق عسكرياً وسياسياً على الأرض السورية، كما داخل مجلس الأمن، وإنما يبقى تأثيرها محدوداً لجهة التسبّب في تغييرات ميدانية على الأراضي السورية.

أما على المستوى السياسي، تتابع الأوساط نفسها، فإن الرد الروسي هو الذي يحدّد طبيعة الخطوة الأميركية المقبلة، مع العلم أن معلومات تردّدت في وسائل إعلام أميركية، كشفت عن تنسيق عسكري أميركي – روسي قبل حصول القصف على قاعدة الشعيرات، والذي كان خالياً من أي وجود أمني روسي.

وفي هذا المجال، لفتت الأوساط نفسها، إلى التفاعل والتباين في ردود الفعل الأولية إزاء الضربات الأميركية، ورأت أن المستفيد الأول من ضرب النظام السوري هو تنظيم «داعش» الذي سيوظّف الأمر الواقع المستجدّ لمصلحة تصعيد عملياته الإرهابية ضد كل الأطراف في سوريا، وفي الدرجة الأولى ضد المدنيين. وإذا كان التعاطي الأميركي مع الصراع السوري يحدّد القضاء على تنظيم «داعش» كمهمة رئيسية لإدارة أوباما، فإن هذه الإدارة لا يجب أن تسمح بأن تؤثّر أي خطوة ميدانية في العنوان العريض الذي رفعه ترامب، وهو محاربة «داعش» الذي يشكّل خطراً مباشراً على الأميركيين في بلدهم.

والثابت بحسب الأوساط الديبلوماسية، أن العملية العسكرية الأميركية، قد أرست مشهداً جديداً في سوريا، وزادت التعقيدات في عملية التسوية السياسية الجارية بعد إدخال عناصر جديدة. لكنها استدركت مشدّدة على أن الخيار العسكري ليس سوى بطاقة صفراء رفعها الرئيس ترامب في وجه كل الأطراف المنخرطين بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع السوري. أما بالنسبة لاستخدام هذا الخيار في الأيام المقبلة، فقد استبعدت الأوساط حصول ذلك، معتبرة أن الضربة حقّقت أهدافها، والتي ستظهر في الأيام المقبلة، بدءاً من الموقف الروسي في مجلس الأمن، وصولاً إلى الميدان العسكري في سوريا. وخلصت إلى أن بداية التغيير قد انطلقت على مستوى موازين القوى في الميدانين السوري كما العراقي، وهي تمهّد لتسوية سياسية تأخذ في الحسبات موقف الإدارة الجديدة، مع العلم أن الطابة اليوم هي في المرمى الروسي، بعدما قرأت موسكو رسالة ترامب بشكل جيد، واتجهت إلى الردّ عليها عبر الوسائل الديبلوماسية.