IMLebanon

«القيصر» يَجمع سفراءه في المنطقة قريباً… لماذا؟

كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتّجه الى اتخاذ خياراتٍ جديدة في الملف السوري وقضايا المنطقة. وهو خطا خطوته الأولى في هذا الإتجاه بإيفاد وزير دفاعه الى دمشق الذي رفع تقريراً بالغ الدقة استدعى دعوة سفرائه في المنطقة الى إجتماعٍ طارئٍ الأسبوع المقبل لتظهير الصورة؟ ما الجديد المتوافر حتى اليوم؟

تَلاقى مضمون التقارير الواردة من موسكو الى بيروت، مع مضمون ما كشَفته الزيارات العاجلة التي قام بها السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسيبكين في الأيام الأخيرة الى عدد من القيادات السياسية والحزبية والرسمية، على سلّة من المعطيات الجديدة يمكن أن تقود الى توجّه روسي جديد في المنطقة لمجاراة مستجدات الأزمة السورية ومدى ارتباطها بما يحصل من مواجهات تخوضها روسيا على أكثر من ساحة دولية، ولا سيما تلك الناجمة من أزمة اوكرانيا التي تزامنت نشأتها مع الأزمة السورية وقبل تدخّلها العسكري المباشر في سوريا.

تحدّثت التقارير الواردة من العاصمة الروسية عن معادلات جديدة سيُضطر الرئيس الروسي الى اتخاذها لمواجهة المتغيّرات في تطوّرات الأزمة السورية التي شاء الغربُ على ما يبدو الربط بين مستجداتها والتداعيات الناتجة عن الأزمة الأوكرانية والمواجهة الجديدة مع دول الإتحاد الأوروبي.

وجاء في التقارير أنّ الضغوط المتزايدة على موسكو من خلال برامج العقوبات الأوروبية الجديدة تزامنت مع تراجع في الإقتصاد الروسي وأسعار العملة الوطنية التي فقدت ما بين 15 الى 20 في المئة في الأسابيع الماضية، ورفعت من كلفة الحرب التي تقودها موسكو في سوريا ورسمت أكثر من علامة إستفهام حول قدرة الروس على إحداثِ تغييراتٍ في مجريات الأحداث السورية على وقع الخلافات الناشبة بين أولويات بوتين السورية وأولويات حلفائه الإيرانيين والنظام السوري نفسه.

وبناءً على ما تقدم، تعترف التقارير بحجم المصاعب السياسية والعسكرية الروسية في سوريا الناشئة على خلفياتٍ إقتصادية، ما دفع بوتين الى بدء التحضير لمتغيّرات لم يُحدَّد بعد مداها ولا حجمها.

وهو ما كانت تخشاه الإدارة الروسية عندما حدّدت مهلاً وسقفاً عسكرياً واقتصادياً لعملياتها في سوريا منذ قرارها التدخل في الأزمة السورية الى حدود الإنغماس العسكري المباشر فيها بقواتٍ برّية وبحريّة وجوّية، ما غيّر المعادلات على الأراضي السورية في المواجهة المفتوحة بين النظام ومعارضيه منذ خمس سنوات حتى اليوم.

كان الروس يقدرون حجمَ المصاعب التي تواجههم وبذلوا ما بوسعهم لإحياء قدرات النظام السوري ليس من أجل استتباب الوضع لمصلحة النظام، فهم على قناعة بأنّ استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية ضربٌ من الخيال. فالجيش السوري لم يعد تلك القوة الضاربة وأصابه الوهن على أكثر من مستوى لوجستي وعسكري وبشري، فاضطرّ الروس الى التعاون مع قوى الأمر الواقع الداعمة له.

لكنه لم يستسيغوا يوماً لا الدور الذي يقوم به الحرسُ الثوري الإيراني عبر وحداته المباشرة، وتلك التي نُقلت من افغانستان والعراق ناهيك عن المتطوّعين من دولٍ عدة تحت راية الثورة الإسلامية الإيرانية، ولا «حزب الله»، لكنّ المعادلات العسكرية ومخافة أن تسيطر المعارضة على مساحاتٍ أوسع من سوريا فرضتا على موسكو قبول الأمر الواقع، ولا سيما عندما باتت على مرمى التلال المشرفة على قواعدها على الساحل السوري، فاضطرت الى التنسيق معها والقبول بأدوار لها ليس لسبب سوى التعويض عن قدرات الجيش السوري النظامي المتواضعة.

على هذه الخلفيات، قالت التقارير الواردة من موسكو إنّ زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الى دمشق عقب مؤتمر طهران لوزراء الدفاع الروسي والإيراني والسوري كانت لها نتائجها المتوقعة. فالتقويم على الأرض غيّر كثيراً في القناعات التي بُنيت على التقارير الديبلوماسية والعسكرية الآتية من بعيد كما يقول أحد الخبراء الروس وأنّ ما تلمسه شويغو كان مغايراً الى حدٍّ بعيد للصورة المرسومة في الكرملين.

ومن دون الدخول في تفاصيل أخرى عن مهمة شويغو ومضمون التقرير الذي رفعه الى بوتين قبل أيام، يبقى المهم أنه أنتج حاجة روسيا الى القيام بحملة ديبلوماسية تواكب التطوّرات، ولهذه الغاية دعي السفراء الروس في دمشق ودول الجوار السوري الى لقاءٍ طارئ يُعقد في موسكو الأسبوع المقبل لتقويم الوضع من جوانبه كافة.

وفي المعلومات التي تسرّبت من جولة زاسبيكين في الأيام الماضية قبل مغادرته بيروت مطلع الأسبوع المقبل، فقد فُهم أنّ اللقاء الأهمّ لن يكون مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بل سيكون بين مجموع السفراء وبوتين الذي سيلقي خطاباً وُصف بأنه مهمّ ومفصليّ، ولكن ليس من السهل الحديث عن سقفه من اليوم، فالمشاورات مستمرة حتى تلك اللحظة الى أن تلتقي النظرتان العسكرية والديبلوماسية الروسية على العناوين المشتركة.