IMLebanon

حرب تركيا الوطنية في سوريا

 

 – لو فيغارو

يفرض نظام أردوغان اتّحاداً مقدّساً حول جنوده المنخرطين في المعركة ضدّ أكراد عفرين.

أحدثَ دخول تركيا الحرب، حرفياً، ضجّةً. أرسلت بلدية هاتاي، وهي المقاطعة التركية المجاورة لمنطقة عفرين السورية، حيث تحارب أنقرة ميليشيات «وحدات حماية الشعب» الكردية منذ توغّلها في 21 كانون الثاني، أرسلت فرقة «مهترخانه» إلى الحدود. الأزياء والمشية العسكرية تدعم معنويّاً الجنود كما في العصر العثماني.

وفي الصحافة الوطنية أيضاً، التباهي في أوجِه. فتأتي العناوين: «ها هي قوة تركيا»، «ينبض قلبنا مع الجيش»، «لقد حان الوقت للانتصار»… من إسلاميّي صحيفة «Milli» إلى علمانيّي صحيفة Sözcü»، ومن اليسار القومي المتطرّف (Aydinlik) إلى اليمين القومي المتطرّف (rtadogu)، تبدو الصفحات الأولى من الصحف اليومية متشابهة تماماً. ويقول طه أكيول في صحيفة «Hürriyet»: «من واجبنا دعمُ عملية عفرين».

وتنظّم السلطة الهجوم الإعلامي، وقد تمّ استدعاء رؤساء تحرير أكبر وسائل الإعلام لحضور اجتماع قمّة. رافق رئيس الوزراء بن علي يلدرم، كلّ من نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والناطق باسم الحزب الحاكم «حزب العدالة والتنمية».

وأشارت منظّمة «مراسلين بلا حدود» إلى أنّ رئيس الوزراء أعطى لرؤساء التحرير 15 «وصيّة» يجب اتباعها من أجل «صحافة وطنية»، فطلب من الصحافيين «مراعاة المصالح الوطنية عندما يقتبسون مصادر المعلومات الدولية التي تنتقد تركيا»، و«التذكير بأنّ القوات المسلّحة تهتمّ بعدم المسّ بالمدنيين»، و«عدم تسليط الضوء على المظاهرات وإعلانات التشكيلات السياسية (…) القريبة من «حزب العمّال الكردستاني»، حيث إنّ هذا الحزب منخرط في الحرب ضد أنقرة منذ أكثر من 30 عاماً، وكانت قد انبعثت منه «وحدات حماية الشعب».

جميع الأتراك مدعوّون إلى دعم الـ«mehmetçik» – وهو لقبٌ معطى للجنود الأتراك. رفع كثيرون الأعلام على واجهات المباني، أو تمّ تشجيعهم على رفعِها من قبَل بعض البلديات والفروع المحلية لـ«حزب العدالة والتنمية» وحليفه «حزب الحركة القومية»، الذي يوزّع الراية الحمراء مزيّنةً بالهلال والنجمة.

كما طمأنَ كمال كيليتشدار أوغلو، وهو رئيس المعارضة وزعيم «حزب الشعب الجمهوري»، الحكومة بـ«دعمه الكامل». وفي مساجد البلاد التي يبلغ عددها 90 ألف مسجد، يجب أن يقرأ الأئمّة كلّ يوم سورةَ النصر حتى نهاية التدخّل.

في كثير مِن الأحيان، لا يكون هذا الحماس خدعة. ويضيف أختصاصيّ طلبَ عدم الكشف عن اسمه أنّ: «أغلب الأتراك يَعتبرون «حزب العمّال الكردستاني» و»وحدات حماية الشعب» تهديداً وجوديّاً. ولهذا السبب شنَّ الرئيس رجب طيّب أردوغان هذا الهجوم، حسب ما لاحظه هذا العالم السياسي. فإذا نجحت العملية، سيحصد ثمارها، هيبةً وأصواتًا، لعام 2019، وهي السَنة الانتخابية.

وتمَّ تحذير معارضي العملية، بدءاً بمؤيّدي الأكراد التابعين لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»، وهدّدهم رئيس الدولة قائلاً: «سوف نسحق كلّ مَن يقف بوجهنا في هذه المعركة الوطنية». ومنعت تظاهرات «حزب الشعوب الديمقراطي»، الذي دعا إلى التظاهرة احتجاجاً ضدّ التدخّل في اسطنبول وأنقرة. كما قاطعت الشرطة مؤتمراً صحافيّاً للحزب في ديار بكر، وهي مدينة جنوبية كبيرة ذات أغلبية كردية.

ودائماً ما يتّهم رجب طيّب أردوغان «حزب الشعوب الديمقراطي»، الذي يُنكر، بأنه الواجهة السياسية لـ«حزب العمّال الكردستاني»، وهو منظمة تعتبرها أنقرة وحلفاؤها الغربيّون «إرهابية».

ويدين نائب «حزب الشعوب الديمقراطي» هيسيار أوزوي قائلاً: «السلطة تريد منع أيِّ نقاش حول عفرين، حتّى في البرلمان الذي أوقف عمله قبل العملية مباشرةً ولم يجتمع منذ ذلك الحين».

وأضاف النائب المنتخب الذي تواجَد أمس في «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا» في ستراسبورغ أنّ: «النزعة القومية والعسكرية تتمتّع بحرّية تُعبير لا حدود لها، ولكنّ أيّ معارضة لهذه الحرب تجعلكم تستحقّون تسمية «خائن للوطن»، ملمِّحاً بذلك خصوصاً إلى الهجوم على عفرين. وتأسّفَ هيسيار أوزوي على أنّ «وراء الأبواب المغلقة، يدين جميع المحاورين الأوروبيين العمليّة. ولكن لا يعترف أحد بذلك، احتراماً للعلاقات مع تركيا».

منذ بداية العملية التركية، تمّ إلقاء القبض على العديد من مقاتلي «حزب الشعوب الديمقراطي»، بالإضافة إلى بعض القادة المحليّين، واحتُجز 150 شخصاً، وُجّهت إليهم جميعهم تهمة «الدعاية الإرهابية» على شبكات التواصل الاجتماعي. وسُجن على الأقلّ 11 شخصاً.