IMLebanon

قلب الطاولة!… على من ولمصلحة من؟

 

إلى أولئك الذين يهددون بقلب الطاولة… تقلبونها على من؟ تقلبونها على الحكومة التي يزعجكم بعض أركانها بمعارضةٍ مشروعةٍ لكلّ مواطن، فكيف بها إن كانت معارضة أحزاب ورؤساء ووزراء ونواب؟ وكيف بها إذا كانت معارضة شعب بغالبيته الوازنة، لعل التهديد المقصود قلب الطاولة على كل من لم يقدّم أوراق اعتماده مدليا بموافقة علنية وغير مشروطة على طموحاتٍ تراود أحلام الطامحين، بالإمساك بمقاليد السلطة اللبنانية بما يماشي ويلائم ويحظى على موافقة وإعجاب من باتت بيدهم كل مفاتيح السلطة بل السلطات، الشرعية وغير الشرعية، فتعقد اجتماعات مُطوّلة تحقيقا لمطالب مرفوضة ومتحفّظ عليها من قطاعات شعبية واسعة، وتجسيدا لهذا الطموح المشروع من حيث المبدأ، والمعترض عليه من حيث الأسلوب والنهج الفارض والمتسلط والمهدّد بقلب الطاولة تحقيقا لكل المكامن السلطوية التي يتلطى بها أصحابها، وتلهث أقوالهم وأفعالهم ومطالبهم بالضرب على الطاولات، وصولا إلى قلبها، إضافة إلى كل وسائل التعبير القولي والإنفعالي الممنهج والمبرمج وإلى التهديد والوعيد.

 

قلب الطاولة على من؟ على الحكومة، لتأتي حكومة جديدة أكثر طواعية والتصاقا بمبادىء الثامن من آذار ومرجعياتها الداخلية والخارجية؟ وهل أكثر طواعية من وزراء وقّعوا سلفا على استقالاتهم حرصا على الطواعية الكاملة والإنقياد المطلق؟

 

قلب الطاولة على من؟ على رئيس الحكومة وهو الذي يعاني في هذه الأيام معاناة شديدة لدى الكثيرين من محيطه، نتيجة لمسيرة رئاسية سببت له ولتيارة ولأوساطه الشعبية فيضا من الإشكالات والمشاكل.

 

قلب الطاولة على من؟ على كل هذه الجهود المبذولة في الحقل الإقتصادي من قبل رئيس الحكومة، فإذا بتفاصيل المواقف السياسية التي تنادي بقلب الطاولة وما سيتبعها من تهديد ووعيد، والتي يتمثل بها أملٌ ما بالإنقاذ والخلاص من هذه المعمعة التراجعية التي تعيشها البلاد، والتي تمثل تهديدات قلب الطاولة بعضا من وجوهها المعرقلة للجهد الإقتصادي لغايات في نفس يعقوب، خاصة وأنها إذا ما أُقرّتْ فهي ستنسب إلى جهد وعلاقات ومساعي رئيس الحكومة. إن أغرب ما تمثله مستجدات الطحشة باتجاه قلب الطاولة، ذلك الإحساس الذي يحاول صاحبه أن يتخلص من أعبائه المعنوية، وهو يرى بأمّ العين، كلّ هذا التدهور الذي يصيب البلاد والعباد، ومن نتائجه المنطقية أن يُلْحِقَهُ المواطنون برؤوس السلطة بعد أن اعتراهم الخوف على أوضاعهم كافة، بدءا بالمعيشية والإجتماعية والإقتصادية المتدهورة، وصولا إلى هزّات كيانية عنيفة تطاول الأعمدة الرئيسية التي يستند هذا الوطن إلى وجودها وإلى مكانةٍ كانت لها ولم تعد، وأبرزُ الأدلة على ذلك كل هذه التحركات الشعبية التي تطاول القطاعات كافة: كل يوم مظاهرة وتصاريح ومواقف بلون وبشكل وبمطالب متلاقية جميعا على أن الأحوال العامة باتت في بؤس شديد، أما من يحاولون إيجاد تبرير ما لزيارة سوريا من خلال الزّعم بأنها ترمي لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم مثلما تم إعادة الجيش السوري لبلاده فنكتفي بانتقاء جزء من تصريح الرئيس الحريري مؤخرا بأن دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو الذي أعاد الجيش السوري إلى سوريا، وإذا لم يحصل ذلك، فإن الطاولة ستنقلب على رؤوس الجميع.

 

التهديد بقلب الطاولة وعلى من؟ تصريح الوزير أبو فاعور حول هذا التساؤل جاء من خلال خطابه الناري الذي أطلقه في المظاهرة الحاشدة التي نظمها الشباب التقدمي قبل أيام: على من ستقلبون الطاولة؟ الأزلام أزلامكم وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة، فمن تهددون؟

 

الوقوف في وجه إجماع عربي متمثل بقرارات الجامعة العربية وبمواقف دول عربية أساسية لها منذ زمن قديم سالف، أفضال على لبنان في كل مشاكله ومحنه ومصائبه، لا يمثل بطولة ولا يصبُّ في الإطار القومي والوطني السليم، بل هي رمز للشذوذ عن وحدة الكلمة ووحدة الموقف، ومصادمة لتوجه عربي مستحدث، يرمي إلى المساهمة الجدية والفاعلة في إنقاذ لبنان واللبنانيين مجددا، من هول واقعهم الصعب والمعقد والذي ابتدع سياسة النأي بالنفس، عن كل ما فيه إشكال وإضرار بالمصالح اللبنانية المتعثرة خاصة على الصعيد الإقتصادي والمالي، وصولا إلى الإضرار بالمشاعر التقليدية المحبة والصادقة تجاه محاولات الإمساك باليد اللبنانية والقارب اللبناني المهدد بالغرق والذي تأبى بعض الجهات والفئات الاّ جرَّه نحو الأعماق السحيقة والمهاوي المؤلمة المؤدية إلى الوقوع في براثن السقوط المريع.

 

تجاه التهديد بقلب الطاولة، أليس هناك من اعتقاد هادىء يذهب إلى أن هذه الطاولة، في ظروف هذه الأيام القاتمة هي لبنان نفسه، وقلب الطاولة في هذه الظروف بالذات فيه قلب للكيان اللبناني وإدخال له ولمواطنيه في مهاوي المهجول؟