IMLebanon

القرار والتحوّل الكبير

 

 

لن يؤدي قرار مجلس الأمن الدولي، الداعي الى وقف فوري للقتال في غزة، الى أي تعديل قريب للمشهد المأساوي في القطاع، فالمجازر الوحشية ستستمر والحصار على غزة متواصل وهروب نتانياهو الى الأمام لن يتوقف اذا سيواصل تعميق المأساة… ما يعني أنه لن يكون للقرار الأممي الجديد أي تأثير مباشر في أي وقف للنار قد يتوصل إليه الطرفان (حماس وغزة)، ولكنه عظيم الأهمية في تقديرنا، كونه يتلاءم مع الموقف العالمي الرسمي ولاسيما الشعبي من المجازر التي يرتكبها نتانياهو بحق الأبرياء في إحدى أكثر جرائم الحرب شناعة في زمننا الحديث. ولم نكن في حاجة الى الاستدراك الأميركي بأن القرار ليست له صفة تنفيذية، فالجميع يعرف أنه صدر تحت الفصل السادس وليس الفصل السابع الذي يوجب التنفيذ. وإذا كان لافتاً امتناع الولايات المتحدة عن التصويت الى جانب القرار فإن عدم تصويتها، كذلك، ضده بعدم استخدامها حق النقض (الفيتو) ليس ثمة تفسير له سوى أنه تأييد ضمني للقرار. وهذا، في حدّ ذاته موقف تاريخي إذا قورن بوقائع العلاقة بين واشنطن والدولة العبرية. وأمّا الذهاب، في هذه المسألة بالذات، الى حد القول إن الأمر كله لا يعدو كونه مسرحية اصطناع الخلاف بين الجانبين فهو ادعاء مسطح الى حدّ السخافة… فالخلاف واقعي وحقيقي أيّاً كانت الاعتبارات والأسباب والدوافع التي تتحكم بموقف تجو بايدن.

 

إضافة إلى هذا «الإنجاز العظيم» الذي حققه بنيامين نتانياهو ضدّ الكيان الصهيوني، يمكن ملاحظة انقلاب فعلي، واضح وملموس، في الرأي العام الأوروبي الغربي ضد الاحتلال المهيمن على فلسطين المحتلّة، وهو ما يتبدّى كل يومٍ تقريباً، منذ بدأت المجزرة المتمادية في حق أهالي غزة وممتلكاتهم، وهو ما يُعَبَّر عنه في الشارع وفي الإعلام بوسائطه كافة وفي البرلمانات وعلى ألسنة رؤساء ومسؤولين كبار الخ… وكله يحمل تنديداً وتقريعاً لنتانياهو وعصابة الجلّادين في «الكابينت»، بالرغم من الصراع الناشب في ما بينهم.

 

وفي هذا الإطار يأتي الكلام على أن الكيان الصهيوني يتدهور مع نتانياهو الى العزلة، هو كلام في محله، إذ تبدو البوادر في كل يوم… وكم كان لافتاً ما حدث قبل يومين مع الشقيقين الصهيونيين اللذين قصدا مدينة مانشستر في إنكلترا قادمَين من العاصمة البلجيكية بروكسل ليروّجا للصهاينة بدعوى أنهما ناجيان من هجوم حماس على الصهاينة في السابع من تشرين الأول الماضي، وعلى أمل أن يلقيا تعاطفاً من الناس… وخاب ظنهما عندما بادرهما رجل الشرطة بالقول: هل جئتما الى هنا لتعملا ما تفعله حكومتكم في غزة؟!. فعلاً، إنه التحوّل الكبير.