IMLebanon

جامعات للحكّام… على صورة البلد!

استقرت جامعات لبنان هذه السنة على صورة تشبه البلد. في السنة الدراسية التي انطلقت في معظم الجامعات الخاصة، باستثناء الجامعة اللبنانية، دخلت ثلاث جامعات جديدة مجال التعليم العالي باختصاصات عديدة، بينها جامعتان خصص لهما مجلس التعليم العالي برئاسة وزير التربية الياس بو صعب اجتماعاً استثنائياً أقرّ خلاله مباشرة التدريس في “جامعة فينيسيا الدولية” لصاحبتها زوجة رئيس مجلس النواب السيدة رندة بري و”جامعة العزم” التي يملكها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أما الجامعة الثالثة وهي “المعارف” فقد أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعدما عقد اجتماعاً مع مجلس أمنائها والمعنيين بها لتباشر التدريس هذه السنة بعد تحضير استمر 4 سنوات.

وإذا كنا نعرف أن هناك جامعات في لبنان تأسست قبل 100 سنة، فيما عُمر بعض الجامعات أيضاً بين 15 و50 سنة، الى جامعات تعتبر حديثة قياساً للجامعات التاريخية أنشئت قبل 15 سنة، إذ إن عدداً منها تأسس بعد مرحلة الحرب الأهلية وفي العقد الأول من الألفية الجديدة. وإذا كنا نعرف أيضاً أن مخالفات رافقت عملية تأسيس بعض الجامعات، فإن المصادفة لم تكن وحدها وراء إنشاء الجامعات الثلاث الجديدة لأطراف في الحُكم، وغيرها ينتظر أيضاً، أي أن هذه الجامعات تعود ملكيتها مباشرة إلى حكّام، من دون أن نلغي أن هناك جامعات أنشئت سابقاً يملكها مشاركون في الحُكم ومقرّرون فيه، منها “جامعة الشهيد رفيق الحريري” وأيضاً “الجامعة اللبنانية الدولية” التي يملكها الوزير السابق عبد الرحيم مراد وهو كان يومها وزيراً للتربية.

ويكفي أن يملك أهل الحُكم والقوى السياسية جامعات ليكون هدفها الأساسي أو جزء منه التوجّه نحو قواعدهم السياسية والطائفية، وهذا الأمر يؤثّر مباشرة على المسار الأكاديمي للاختصاصات، وإن حاول القيّمون عليها إعطاءها بُعداً وطنياً. لكن ماذا يعني إنشاء جامعة مملوكة لأحد الحكّام ومقرّها الرئيسي في منطقة معيّنة لتخدم أهاليها الذين تغلب عليهم صفة طائفية وحتى مذهبية صافية؟ يعني ذلك أن هذه الجامعات لديها أفضلية على غيرها من نواحٍ عدة، في القرارات المتعلقة بالتعليم العالي وفي التراخيص والتخصصات والمساعدات، أما الأخطر من ذلك فيتعلّق بالطلاب والمتخرجين أو غالبيتهم على الأقل والذين سيتلقّون تعليماً في مناخ يغيب عنه التنوّع، ويفتح على الانغلاق والتبعية.

سيُقال إن في لبنان جامعات كثيرة خلفياتها معروفة، وهي شبيهة بجامعات الحكّام. لعل جزءاً من ذلك صحيح وقد تكون هناك تقاطعات في هذا الشأن، ما يستدعي ضرورة تنظيم مؤسسات التعليم العالي، إلا أن العديد من الجامعات قد أثبت الصفة الأكاديمية، ولا يرتبط بأواصر علاقة مباشرة بالحكّام، فيما تبقى صفة الجامعات الجديدة، التي تسير وفقاً لمرجعياتها السياسية في الحُكم معوقاً أمام شقّ طريق أكاديمي مستقل، فهي ليست جامعات تابعة للدولة. هي جامعات للحكّام!