IMLebanon

«حماس» تؤكد على فرصة الانتفاضة.. وتتخوف من تدخل أميركي في «الأونروا»

 

طرحت العمليات الإسرائيلية الأخيرة في الضفة الغربية أسئلة حول ما يمكن ان تسفر عنه الاستراتيجية الجديدة للحكومة الإسرائيلية التي باتت تعتمد على المباغتة الأمنية والدقيقة لعدم إثارة الغضب الشعبي الفلسطيني والعالمي، كما لعدم تلقي خسائر بشرية لدى جيشها.

لكن من الواضح ايضا ان المقاومة الفلسطينية، لا سيما حركة «حماس»، فعّلت في الآونة الاخيرة من استراتيجيتها ايضا هذه المرة انطلاقا من الضفة الغربية، ما يشير الى ان ما حصل في اراضي الضفة وادى الى استشهاد اربعة عناصر من الحركة لن يكون فريدا ما يفتح الآفاق امام طبيعة جديدة للمعركة، كما يلفت النظر قيادي في «حماس».

 

قد لا يعني هذا ان الاراضي الفلسطينية ستشهد مثيلا لما حصل خلال عملية «سيف القدس» في ايار الماضي، ولعل ذلك ما دار في ذهن الحكومة الاسرائيلية عند اختيارها العمليات الامنية التي لا تستدعي انتفاضة شعبية ضدها بعد ان اختبرت حقيقة هبّة الشعب الفلسطيني.

 

لكن العمليات الاسرائيلية الاخيرة في جنين ومناطق اخرى في الضفة لم تأت «نظيفة» بل اسفرت ايضا عن خسائر اسرائيلية، وهو ما تعتبر الحركة انه يشير الى رسالة واضحة حول طبيعة المرحلة والرد الفلسطيني على الاعتداءات وهو جزء من تفعيل المقاومة والمواجهة ومؤشر للجو الرافض للتنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية.

 

وما حدث، حسب القيادي، ان الشعب الفلسطيني رد على الاعتداءات بالمقاومة العسكرية والشعبية في آن «وهي حالة من الاستنهاض بعد مرحلة من الاحباط جراء المفاوضات مع العدو الذي لا يفهم عبر تقديم مهل زمنية له بل بتوفير مقومات الصمود وبدعم المقاومة».

 

وتشير الحركة الى مرحلة جديدة تخوضها المنطقة مغايرة للسابق، ويتوقف القيادي عند تطورات عدة جاءت لصالح محور المقاومة مثل انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان بعد ان عانت الادارة الاميركية من كلفة احتلال باهظة الثمن، ما يعد دليلا جديدا على ان الاحتلال الاسرائيلي لا يفهم سوى لغة القوة كما حدث العام 2000 في جنوبي لبنان والعام 2005 في قطاع غزة عندما انسحب الاسرائيلي من دون اتفاق مع احد».

 

وبهذا فإن جوا تصعيديا جديدا يقوده في الاراضي المحتلة جيل جديد يريد المواجهة وهو بات يعتمد استراتيجية مغايرة للماضي تستنزف الاحتلال وتجبره على الاندحار. «إنه النار تحت الرماد الذي يشكل فرصة للمقاومة مع الذكرى الـ 21 لـ 28 أيلول تاريخ انتفاضة الاقصى».

 

وبذلك تعود «حماس» الى دأبها منذ زمن طويل أي منذ التأسيس، في رفض المفاوضات، وهذه المرة وسط موازين تعتبر إنها تأتي لصالحها.

 

ويشرح القيادي طويلا كيف يرفض الاسرائيليون على الدوام حتى التفاوض الذي يدّعونه ومحاولتهم تكريس وقائع على الارض، ويقدم مثالا بسيطا: فقد ارتفع عدد المستوطنين من 160 ألفا مع بدء اتفاق أوسلو الى 700 ألفا اليوم، ولا يزال الاسرائيلي يجلب المهاجرين ويرفض حل الدولتين ويريد تهجير فلسطينيي العام 1948.. لذا يجب وقف الرهان على المفاوضات والتأسيس لمؤتمر دولي جديد، ومعه ترتيب البيت الداخلي واعادة بناء «منظمة التحرير الفلسطينية» على اسس ديموقراطية، كما وضع استراتيجية فلسطينية موحدة تستند الى برنامج الانتفاضة والمقاومة لتحرير الارض واعادة اللاجئين ما يحقق الاستقلال للشعب الفلسطيني.

 

من الطبيعي مع تلك التطورات تناول الوضع اللبناني شديد الصلة بالواقع الفلسطيني لناحية وضع المخيمات القلق على اراضيه.

 

لبنان وتصفية قضية اللاجئين

 

يؤكد القيادي ان معاناة الواقع اللبناني تنعكس على المخيمات حيث الوضع الانساني والاجتماعي صعب جدا. ويتوقف عند اتفاق الاطار الذي تم بين وكالة «الأونروا» لتشغيل اللاجئين والادارة الاميركية الجديدة ما يعده مؤشرا خطيرا يؤثر على الوضع الفلسطيني في لبنان، كون الوكالة هي المسؤولة عن اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشتات ومنها لبنان، احدى الدول الخمس التي تستضيف اللاجئين.

 

وقد توصلت الوكالة الى اتفاق مع الادارة الاميركية تعيد به واشنطن دعمها ودفع ما يستحق عليها ويبلغ 360 مليون دولار في السنة مع إلزام «الأونروا» بأن لا تساعد اللاجئين الذين ينتمون الى الفصائل الفلسطينية. وكذلك مطلوب من الوكالة ان تراقب موظفيها ذوي الانتماءات الوطنية والسياسية التي تعادي اسرائيل: اي ان المساعدات ستكون محصورة بمن يحب اسرائيل وهذا انحياز فاضح وستصبح معه الوكالة اداة تجسس للادارة الاميركية ما يؤثر على خدماتها ويزيد من معاناة الشعب الفلسطيني ما يعني ازمات ومشاكل جديدة في المخيمات.

 

«لذا فمن المؤكد ان تتأثر المخيمات فهؤلاء المنتمين الى الفصائل سيحرمون وسيحرم أبناؤهم من المساعدات والتقديمات الانسانية والصحية والتعليمية وتلقي العلاجات في عيادات الوكالة ومنها حالات العسر الشديد، ولن يكون في امكان هؤلاء التسجيل في مؤسسات الوكالة كونهم ارهابيين..!».

 

والمطلوب اليوم من الحكومة اللبنانية ان تتدخل وتمنع «الأونروا» من ان تنفذ السياسة الاميركية في لبنان، «فهذه منظمة دولية تعمل على ارضها وترعى لاجئين فلسطينيين عندها عددهم المسجل نحو 470 الفا واذا تراجعت عن خدماتها فالمطلوب من الحكومة اللبنانية ان تمنع ذلك كون تداعيات ذلك ستؤثر على لبنان واستقراره وأمنه.

 

وللتذكير، فإن ادارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب قد أوقفت العام 2018 المساعدات للوكالة، لكن الإدارة الديموقراطية الحالية برئاسة جوزف بايدن أعادت تقديماتها الى النصف تقريبا، ومن المؤمل ان تعيد الباقي لكن هذا موصول باتفاق الإطار.

 

لكن كل ذلك يشير الى نية وتمهيد لتصفية حق العودة وتحميل مسؤولية اللاجئين للدول المضيفة، وعلى لبنان الرسمي التنبه وان يكون لوزارة الخارجية اللبنانية موقفها على اقل تقدير، فالوضع اللبناني شديد الحساسية في موضوع اللاجئين الفلسطينيين..