IMLebanon

التراشق الكلامي بين «حزب الله» و«المستقبل» يُبطئ نتائج الحوار ولا يُصيبه مقتلاً

التراشق الكلامي بين «حزب الله» و«المستقبل» يُبطئ نتائج الحوار ولا يُصيبه مقتلاً

بري يؤكّد صموده.. والرعاية الإقليمية والدولية تشكّل درعاً واقياً يجعله في مأمن

الحوار الداخلي بصيص النور الوحيد في العتمة التي تغرق فيها المنطقة

بين كل جولة وجولة من الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» تشهد الفترة التي تفصل بينهما نوعاً من شد الأعصاب ووضع اليد على القلب نتيجة المواقف المتبادلة التي لا تصنّف في خانة إعطاء قوة الدفع إلى الأمام لهذا الحوار، غير أنه في كل مرة يتم احتواء الأمر والنأي بهذا الحوار عن أي تشظي من الممكن أن يصيب منه مقتلاً، وهذا الأمر إن دلّ على شيء فإنه يدل على إصرار ورغبة من قبل المعنيين باستمرار هذا الحوار الذي لا يرون عنه بديلاً في مرحلة دقيقة وحسّاسة تتزامن مع رغبة إقليمية ودولية بوجوب استمرار القنوات مفتوحة بين القوى السياسية حفاظاً على حالة الاستقرار السائدة في ظل زنار النار الذي يلف المنطقة بأكملها.

ومما لا شك فيه أن المواقف التي أعلنت من الطرفين المعنيين بهذا الحوار سيكون وقعها ثقيلاً على الجولة التاسعة في الثاني من نيسان المقبل من دون أن يصل العتاب الذي يأخذ في كل مرة حيزاً واسعاً من النقاش إلى حد تهديد هذا الحوار الذي قال عنه الرئيس نبيه بري أنه صامد.. صامد.

وفي تقدير مصادر سياسية متابعة أن الحوار مستمر وهو لن يتأثر بموقف من هنا وآخر من هناك غير أن هذا بالطبع يؤدي إلى إبطاء النتائج المرجوة حيث أن ما يقال يضيف هموماً أخرى على النقاش المحدد سلفاً جدول أعماله.

وتؤكد هذه المصادر أن لا غنى عن استمرار الحوار خصوصاً بين «المستقبل» و«حزب الله» لما لذلك من مردود إيجابي على المناخ العام، حيث أن منسوب الاحتقان الذي كان موجوداً على الساحة قبل انطلاق الجولة الحوارية الأولى قد انخفض بنسبة قياسية وأن المعنيين يحرصون على الحفاظ على هذه النتيجة وهم ماضون في قطف المزيد من الثمار وسيترجم ذلك من خلال وضع اللمسات الأخيرة على الخطة الأمنية التي ستنفذ في الضاحية الجنوبية بعد البقاع.

وتلفت المصادر النظر إلى أن ملف المحكمة الدولية الذي يتسبّب بالفعل وردّات الفعل هو في الأصل لا يدخل من ضمن مواضيع الحوار، والمحكمة متفق عليها من قبل الجانبين على أنها ربط نزاع إضافة إلى السلاح وتدخل «حزب الله» في سوريا، وهذا ما يطمئن بأن عجلة الحوار ستبقى منطلقة إلى الأمام ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان.

وإذا كانت هذه المصادر تجزم بأن الحوار ما زال في مأمن فإنها تتوقع أن تشهد الأيام الفاصلة عن الموعد التاسع للجولات الحوارية حركة اتصالات ومشاورات لترطيب الاجواء والابتعاد عن أي مناخات من شأنها أن تفرمل هذا الحوار أو تكون حجر عثرة أمام تقدّمه، مع العلم أن راعي هذا الحوار يحرص في إجابته على استفسارات الخائفين على مصير الحوار على ضخ موجات تفاؤلية والتأكيد على أن ما من شيء يمكن أن يؤثر على الحوار لأن البديل غير المرغوب فيه من الجميع ولا أحد يسعى إليه لأنه سيكون خطراً على الجميع من دون استثناء، مشددة على ان الحوار من الممكن ان يهتز نتيجة بعض المواقف غير انه لن يصل إلى مرحلة السقوط.

وفي رأي المصادر ان الحوار القائم يُشكّل بصيص النور الوحيد في هذه العتمة التي تغرق فيها المنطقة نتيجة ما يحصل على مساحة واسعة من العالم العربي، وأن الاطاحة به بالنسبة للبنانيين هو كمن يرمي نفسه في نار جهنم، خصوصاً وأن الاحتقان المذهبي هو بمثابة الفتيل الذي من الممكن ان يشعل ناراً لا تُبقي ولا تذر وهو ما يحاول المعنيون تفاديه بأي ثمن تحت عنوان ان ما يقال من على المنابر شيء وما يجري في عين التينة خلال اللقاءات الحوارية شيء آخر.

وفي تقدير المصادر ان الحوار ما زال محاطاً برعاية إقليمية ودولية باعتباره حاجة أقله في هذا الظرف، وهو ما يبعث على الاعتقاد بأن أي طرف لن يكون في مقدوره تحديد مصيره لوحده، بما يبعث على الاطمئنان بأن الحوار سيبقى قائماً لتحقيق غاياته.

وتلفت المصادر النظر إلى ان الرئيس بري كان مدركاً لما قد يطرأ من محطات ومواقف ودرس الوضع من كل زواياه وحصل على إشارات داخلية وخارجية مشجعة قبل ان يخرج فكرته الحوارية إلى العلن، وما كان رئيس المجلس قد استخدم خرطوشته الأخيرة لو لم يكن قد حصل على ضمانات بأن أي رصاص يُطلق من أي جهة كانت لن يصيب هذا الحوار المحاط بدرع واقٍ يصعب اختراقه بسهولة.

وتؤكد هذه المصادر بأن الحوار قد حقق أكثر من نصف ما هو مأمول منه، وبالتالي فإن الجميع يُدرك بأن الاستحقاقات الكبرى خارج نطاق مهامه، وإن كان يساهم في تعبيد الطريق امام الولوج إليها من دون مقاربتها بشكل فعلي وعملي كون ان عوامل كثيرة مطلوبة لذلك منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي وهذه العوامل ما تزال مفقودة إلى الآن وأن نضوجها غير ممكن في ظل اللهيب المندلع في المنطقة.

وتخلص المصادر إلى التأكيد بأن لبنان سيبقى مُـدّة طويلة في دائرة الانتظار إن كان هناك حوار أم لا، لأن التعقيدات والحلول ليست في يد اللبنانيين على الإطلاق.