IMLebanon

أفِدنا… يا وفدَ الزلازل

 

سؤال بسيط لا ضيرَ إن كان مُحرجاً: هل يستطيع وزير خارجيتنا الدكتور عبدالله بو حبيب إنباءنا عن نتائج زيارته العاصمة السورية على رأس وفد وزاري كانت ابتسامة كل فرد فيه ملء شدقيه حين حقق حلم حياته بلقاء “سيادة الرئيس”؟

 

لسنا سذَّجاً ليقال لنا إن شدَّ الرحال سريعاً الى دمشق، بل “الإندلاق” للوصول اليها، كان هدفه الأول التضامن مع متضرري الزلزال وإن من المعيب السؤال عمَّا تحقق!.. بوضوح تام، كان التضامن حجةً لفتح باب التطبيع مع النظام والمساهمة في كسر “الحَرْم” الذي رماه به المجتمع الدولي، وهو ما لم يُخفِه الوفد بل جاهر بالتفاخر فيه.

 

بعد شهر بالتمام والكمال من الزلزال، يمكن أن يقال براحة ضمير أن حصيلة حفلة ما سُمِّي “دبلوماسية الزلازل” وقادها بحماسة لافتة وزير الخارجية المصري سامح شكري، هي صفرٌ مكعَّبٌ في حسابات دبلوماسيين عرب يواكبون كل خطوات الانفتاح على النظام السوري، سواء عبر التواصل الأمني الحاصل مع الرياض منذ سنوات، أو عبر اللقاءات السياسية الرفيعة مع أكثر من دولة عربية وخليجية، وعلى رأسها دولة الإمارات.

 

لم نسمع أن الوفد الرسمي اللبناني بحث مواضيع مفيدة، سواء في الخارجية السورية التي أولمت على شرفه أو في قصر تشرين الذي أخذه بالأحضان 45 دقيقة “هزَّت” مشاعر الزائرين، فيما عرَض وزير الخارجية الأردني، على سبيل المثال، خريطة طريق لحل الأزمة الوطنية السورية، والأرجح أنه استنتج من محادثاته مع الرئيس الأسد التالي: “لم تستطيعوا إزاحتي في أقصى لحظات ضعفي، فلماذا أقبل بشروطكم حين صرت ثابتاً؟”.

 

كل الدبلوماسيين الذين توافدوا إلى دمشق عادوا الى دولهم بتقارير مفصلة عن مطالب محددة قدمت الى الرئيس السوري، وإجابات حصلوا عليها إما قبولاً أو رفضاً أو طلباً لمزيد من الإيضاحات. ولِعلمنا فإن التقييم الشامل وتقاطع التحليلات خَلُصا الى نتيجة واحدة: “لا يزال حبل الأسد السري مربوطاً بالحضن الإيراني”. وهكذا يُفهمُ توقفُ الرياض عند حدود تصريح بن فرحان العمومي عن ضرورة ألّا تبقى سوريا معزولة. وهو مؤشر الى تأنٍ شديد قبل خطوات إضافية تجاه مَن لم يقتنع بعد أنه ليس في موقع اللاعب الفاعل بل المُصاب في الملعب المختَرق من كل الجهات.

 

كل العرب تضامنوا مع المتضررين من الكارثة الطبيعية، لكنهم مارسوا دورهم السياسي في بحث الكارثة الأصلية المتمثلة في تهجير أكثر من نصف الشعب السوري، وانعكاسات وجود خمسة جيوش في سوريا على أمن دول الجوار والإقليم والأمن العربي. فماذا بحث الوفد اللبناني، هل اكتفى بـ”قياس الطريق” وإعلان “الولاء والوفاء”، أم أنه طرح قضية النازحين التي تشكل أخطر تحدٍ استراتيجي على مستقبل الدولة والكيان؟

 

يعلم العالم كله أن تضامننا مع دمشق إزاء الزلزال يشبه رمزية تضامن “البرلمان العربي” معها. “لا خيل عندنا نُهديها ولا مالُ”. جُلَّ ما قدمناه فريقٌ مشكور من “الدفاع المدني” كان يمكنه القيام بالواجب من غير احتفالية الوفد التطبيعي. فهل جرى أي بحث آخر مع المسؤولين السوريين؟ وهل حصلنا على وعد بسيط ببحث النزوح الملاييني بما لا يشبه ما خبرناه في شأن ترسيم الحدود ومنع التهريب وموضوع الأسرى التاريخي؟ وهل هناك أي متابعة في أي إطار كان؟