IMLebanon

لماذا يتمسّك التيار الحرّ بوزارة الطاقة رغم الفشل المتعاظم فيها؟

لبنان يتهاوى في درك الدول الفاشلة وكابول تؤمّن الكهرباء الدائمة لقندهار

 

 

 

تنكشف يوماً بعد يوم كارثة استيلاء التيار الوطني الحرّ على وزارة الطاقة والموارد المائية والكهربائية، وتتضح أبعاد استشراسه في احتلال وزارة أمست الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الوزارات اللبنانية، سواءً لجهة تردّي، بل انعدام الخدمات، أو لجهة الاستخدام السياسي الجائر لمواردها ومرافقها العامة، بحيث تحوّلت إلى نكبة للشعب اللبناني، لاتساع دائرة الهدر والفساد، وفشل المشاريع الضخمة، وخاصة السدود المائية التي تحوّلت إلى فضيحة لا يمكن إخفاؤها وإلى كارثة مالية وبيئية وإنسانية يدفع اللبنانيون من جيوبهم أثمانها الباهظة.

الاستغلال السياسي لوزارة الطاقة

يسخّر النائب جبران باسيل مواقع القرار في إدارة وزارة الطاقة للتحكّم السياسي، ويستعملها في استهداف المناطق الرافضة لعنصريته ووقاحته السياسية، كما يحصل في البقاع وطرابلس وبيروت، وهو بذلك يستعمل الوزارة سلاحاً للانتقام والابتزاز والتنكيل باللبنانيين.

ولا يستحي الباسيليون من نقل الطاقة من محطات تعاني مناطقها من العتمة الشاملة، إلى مناطق النفوذ والاستثمار السياسي. فبات اللبنانيون أمام تقطيع أوصال مناطقي – طائفي عنصري غير مسبوق.

فشل السدود وافتضاح كذبتها

تتكدّس التقارير العلمية عن فشل السدود التي خاض باسيل لأجل تنفيذها الحروب السياسية، وآخر فصول هذا الفشل المكشوف ما أكدّه أهل الاختصاص بأنّ سدّ المسيلحة لا يمكن أن يمتلئ لأنّه مقام على تصدعات صخرية لا يمكن إغلاقها، وبالتالي فإنّه يعتبر أكبر تجلّيات فشل جبران باسيل.

زعاطيطي: لهذه الأسباب فشلت السدود

فقد انقلبت الصورة في سد المسيلحة من التزلّج على سطح مياه بحيرته قُبيل الانتخابات، حيث تمّ تحويل كلّ نهر الجوز إلى بحيرة السد لتعبئته لتكذيب كلّ من يقول بفشل السد وإطلاق ما أسماه النشطاء «السيرك الانتخابي»، إلى صورة قطعان ماشية ترعى في جسم البحيرة في منتصف حزيران، وذلك بعدما تسرّبت مياهه بوتيرة 3 ملايين و700 ألف متر مكعب من المياه في شهر واحد (من 15 أيار لغاية 15 حزيران)، وفق ما أكّد الخبير الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي على صفحته على «فايسبوك» في 18 حزيران 2022.

وتوقع زعاطيطي أن يختفي ما تبقّى من مياه سد المسيلحة في 12 يوماً إذ يبلغ التسرب 170000 متر مكعب يومياً. ويردّ زعاطيطي التسرّب إلى كسر البترون الصخري الذي كان واضحاً قبل البدء بالسد وبواليع صغيرة ضمن بحيرة السد، لم ينجح علاجها بحقن الكسر بالباطون ومواد لاصقة، للتغطية على فشل السد الذي تجاوزت تكلفته 100 مليون دولار، واعترفت وزارة الطاقة في بيان في 19 شباط 2022 بدفع 69 مليون و130 ألف دولار على سد المسيلحة، ولم ينته العمل فيه حتى الآن.

 

انكشاف كارثة سدّ المسيلحة نموذج عن الفساد والهدر والتدمير البيئي والسياسي للتيار الوطني الحر

 

يزبك: سدّ المسيلحة تدمير للبيئة وهدر للمال

وكشف النائب غياث يزبك وثائق من أبرزها وثيقة معزّزة بالمستندات والتقارير الفنية ومرفقة باستشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل تظهر حجم العيوب الفنية والمخالفات المالية والقانونية التي أمعنت وزارة الطاقة والمياه في ارتكابها في المشروع المسمّى بـــ «سد وبحيرة المسيلحة» والتي تتكشف آخر تجلّياتها في كتاب وزير الطاقة والمياه رقم 196/ص1 تاريخ 8/6/2022 المتضمن طلب دفع قيمة أشغال إضافية منفذة عائدة لمشروع إنشاء سد وبحيرة المسيلحة – قضاء البترون بموجب عقد مصالحة والبالغة قيمتها /3.799.985.59/ دولار أميركي بما فيها الضريبة على القيمة المضافة، وذلك إضافة على قيمة العقد الأساسي البالغة 55 مليون دولار أميركي وإضافة على قيمة جدول المقارنة البالغة قيمته حوالي 11 مليون دولار أميركي. وجرى تلزيم مشروع تنفيذ سد وبحيرة المسيلحة – قضاء البترون بموجب مناقصة عمومية بعد طرحه على التلزيم من قبل وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية، وكان من المقرر أن تكون مهلة تنفيذ الأشغال 48 شهراً، إلا أنه قد تبيّن أثناء التنفيذ وجود عيوب فنية في الدراسات وفي التنفيذ استدعت تمديد مهلة تنفيذ الأشغال للمتعهد والاستشاري المشرف على التنفيذ (مجموعة ليبانكونسلت أ.ج.م – كوين وباليه المهندس أنطوان المعوشي)، وكذلك استدعت تنظيم جداول مقارنة لمعالجة المستجدات الفنية غير الملحوظة في الدراسة الأساسية والتي (وفقا لوزارة الطاقة) لم تكن متوقعة خلال مرحلة إعداد الدراسة تكبّدت بنتيجتها الخزينة أكثر من 11 مليون دولار أميركي.

ما تقدّم حول أوضاع سدّ المسيلحة ليس سوى نموذج بسيط من حجم الهدر والفساد والتخريب البيئي والسياسي.

بين لبنان وأفغانستان: انقلاب الأوضاع واعكاسها

وكما تنقلب الصورة في لبنان، تنقلب أيضاً في أفغانستان: ففي إمارة أفغانستان الإسلامية الخارجة من احتلال وحروب دامية مدمِّرة، واتخذت بعض المدن سمعة سلبية من خلال التداول الإعلامي ومنها مدينة قندهار، حتى بات اسمها مرادِفاً للفوضى والتخلف بنظر الإعلام الدولي. ومنذ انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، دخل في حكم حركة طالبان التي اختارت أن يكون نظام الحكم بإقامة الإمارة الإسلامية.

وأياً كان الرأي العربي والدولي بهذه الحركة، غير أنّ ثمة اتفاقاً بأنّها تكاد تخلو من الفساد وأنّها تتمتع بالمصداقية في يتعلق بإدارة المصالح العامة، مع وجود خلاف حول جدوى سياساتها الخارجية وكيفية إدارة علاقاتها الإقليمية والدولية.

ما لفت الانتباه في أخبار أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية هو نجاح الإدارة المحلية في ولاية هلمند بتزويد مدينة قندهار بالكهرباء من سد كجكي في الولاية بدون انقطاع لمدة 24 ساعة.

يشار إلى أنّ قندهار كانت محرومة من الكهرباء على مدى العقدين الماضيين رغم غناها بموارد توليد الطاقة.

خلال ستة أشهر فقط تمكنت شركة الكهرباء الوطنية من توليد الطاقة من سد كجكي في هلمند الذي يبعد عن قندهار 173 كيلومتراً، لتنعم قندهار بالطاقة الكهربائية على مدار الساعة.

في لبنان، بلد الموارد في الطاقة والاستثمارات، يغرق المواطنون في بحور الظلام والفساد، ويسيطر السواد على بيروت وبلدات الاصطياف وعلى جونية وطرابلس وبعلبك.. بينما أصبحت قندهار مدينة منارة 24 على 24 ساعة، لهذا ربما من الأفضل أن نستعين بكهرباء قندهار، لعلنا نستفيد من خبراتهم في الإنارة والإنجاز، في زمن السدود الفاسدة والحكام المفسدين.