IMLebanon

جنبلاط يحمّل “حزب الله” مسؤولية التعطيل

 

من الصعب السؤال عن حكومة فيما الوضع الدولي والاقليمي مقبل على تطورات بدأت تفرضها سياسة الادارة الاميركية الجديدة برئاسة جو بايدن. تطورات دراماتيكية بدأت تظهر معالمها لترسم مساراً مختلفاً للمنطقة وتموضعاتها الجديدة. وأي سؤال عن لبنان وموقعه في السياسة الاميركية لن يجد من يجيب عليه. لا حدث محلياً يستحق التوقف عنده. كل الحاصل مجرد غبار فيما الواقع يرسم خارج الحدود ومن على المنصات الدولية والاقليمية.

 

المشهد الضبابي ينعكس تشنجاً ورهانات، والكل يقف متأهباً في الوقت الحكومي الضائع والمواقف لا تزال هي ذاتها، حيث يبدي رئيس الجمهورية ميشال عون انفتاحه على اي صيغة كانت تحت سقف احترام الميثاق والدستور ومعاملة الكل بالطريقة نفسها، متهماً الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه لا يريد التأليف للتهرب من التزام حكومته بالتدقيق الجنائي، مع إصرار عوني على شرط أساسي لتشكيل الحكومة، وهو وجوب عودة الحريري الى أصول التشكيل، على اعتبار أنّ بعبدا ليست بوارد القبول بكسر الصلاحيات أو تجاوز التمثيل الشعبي للرئيس.

 

أما من ناحية “الحزب التقدمي الاشتراكي”، فالأجواء ملبّدة لا سيما وأنّ رئيسه وليد جنبلاط تبلّغ من رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ احتكاره التمثيل الدرزي في الحكومة صار صعباً، فاتجه إلى رفع سقف المطالب لتحقيق مكاسب إضافية. صعّد جنبلاط مواقفه تجاه “حزب الله” وحمّله مسؤولية عدم تشكيل حكومة لتخلّفه عن المونة على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس الجمهورية الذي أوصله الى قصر بعبدا. صار معروفاً أنّ جنبلاط يرفع السقف ليعبّر عن قلق ضمني ينتابه، يدرك أنّ الأيام المقبلة لن تكون كما كان مرسوماً لها، الادارة الاميركية لم تلتفت للبنان بعد وصديقه الاقرب لا شك نقل اليه اجواء زيارته الاخيرة الى السعودية والتي لا تبشر بالخير.

 

يدرك جنبلاط ان كل المنافذ سدت، والعلاقة مع “حزب الله” سيئة واللجنة المشتركة متوقفة عن الاجتماع. البعض فسّر زيارة الوزير السابق غازي العريضي الى بكركي على انها تعبير عن استياء جنبلاط من تدهور العلاقة مع “حزب الله”، ثم قصد اللقاء مع “سيدة الجبل”. بالشكل ضرب عصفورين بحجز واحد، وجّه رسالة الى “حزب الله” قد تكون احرجت بقساوة مضمونها صديقه رئيس مجلس النواب، وأرسل إشارات إلى من يعنيهم الأمر دولياً.

 

ومع اقتراب تاريخ الرابع عشر من آذار أعاد سلوك جنبلاط التذكير بأدائه في حقبة في 14 آذار وكأنّ الايام التي خلت “عنّت على باله” أو كأن شعور الماضي بالوحدة والاستهداف يغالبه. فهل حنّ إلى منصة 14 آذار؟

 

لا تجد مصادر “الاشتراكي” ما يبرر الحديث عن منحى جديد لجنبلاط ولا ما يبرر التكهن بمثل ما سبق، علاقته مع بكركي ليست جديدة وتاريخ مصالحة الجبل يشهد، واللقاء مع “سيدة الجبل” لا يعني 14 آذار جديدة وهو سبق أن قالها إن الظرف غير مؤات لهذا النوع من التحركات، وكان واضحاً برفض الذهاب نحو قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن.

 

كل ما يصبو إليه جنبلاط ويطرحه، هو السؤال عن كيفية حماية الدولة مالياً ومؤسساتياً، لكنّ “حزب الله” يرفض الجواب عملياً عن هذا السؤال. التباين بين “الاشتراكي” و”حزب الله” بات مؤكداً، ضمنياً يتهم جنبلاط “حزب الله” بالسكوت أو بغض الطرف عن تصرفات باسيل، ويشعر أنّ هناك دوراً ما مطلوباً من “حزب الله” هنا. يصرخ جنبلاط في وجه “حزب الله” وأصل الوجع كما يرى البعض، تلك السياسة الاميركية الجديدة في المنطقة والتي لم ترسل ما تطمئن القلوب بعد.