IMLebanon

القوة النارية للمقاومة تفوق ما لدى دول أوروبية

 

 

الحرب الإسرائيلية على لبنان ستكون مُكلفة ولن تكون نزهة

 

في الوقت الذي يغرق فيه لبنان بأزماته الاقتصادية والمالية، واللااستقرار السياسي، بدأ يطفو على سطح الاهتمامات السياسية والشعبية الكلام عن امكانية اندلاع حرب بين اسرائيل و«حزب الله»، وما رفع من منسوب هذه التكهنات التدريبات والمناورات المكثفة التي تقوم بها تل ابيب، والتي تحاكي امكانية اندلاع مواجهات على الحدود الشمالية نتيجة سقوط صواريخ دقيقة على المدن والقرى الاسرائيلية.

 

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض ممن يتابع الحركة السياسية والعسكرية في اسرائيل ان مثل هكذا تدريبات ومناورات تأتي في سياق التهويل الاسرائيلي المعتاد على لبنان فإن البعض من هؤلاء يؤكد بأن فرضية اندلاع مواجهة بين لبنان واسرائيل غير مستبعدة، لأن الاسرائيليين يرون ان ما يجري في لبنان على كل الصعد السياسية، الاقتصادية والاجتماعية يشكل لها فرصة ثمينة لاعادة الاعتبار لجيشها الذي لا يزال يعاني من تداعيات حرب تموز ٢٠٠٦ على الصعيدين المعنوي والنفسي الى جانب اعتبار ما يجري في الداخل اللبناني فرصة لكبح جماح «حزب الله» وردعه عن القيام بأي عمل عسكري ضد اسرائيل في المستقبل.

 

كل ذلك لا ينفي ان القيادتين السياسية والعسكرية في تل ابيب تدركان ان اي مغامرة من هذا النوع ستكون مكلفة ما لم تكن هناك حسابات دقيقة حول نتائجها المرتقبة، خصوصاً وأن قيادة «حزب الله» كانت بدأت تعد العدة لأي حرب محتملة مع اسرائيل منذ اليوم الأول الذي تلا وقف إطلاق النار في تموز 2006، وبالتالي فإن محاولة إسرائيل تغيير قواعد اللعبة لن يكون بالأمر السهل، خصوصاً وأن قدرة «حزب الله» الصاروخية أصبحت أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه منذ أربعة عشر عاماً، ناهيك عن حصول المقاومة طيلة هذه السنوات على صواريخ دقيقة، مدمرة، وبعيدة المدى، وهو أمر لا تخفيه المقاومة، إذ إن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحدث علناً عن امتلاك الحزب لمثل هذه الصواريخ في أكثر من إطلالة له، وفي أكثر من مناسبة.

 

الصراع الأميركي – الإيراني في لبنان يسلك طريقين متوازيين إما التفاوض أو الانفجار

 

إن أي مراقب يلاحظ بأن التهديدات الاسرائيلية للبنان ليست جديدة وهي مستمرة منذ ما يُقارب العام، لكن طوال هذا الوقت لم تبرز أي مؤشرات ميدانية تترجم هذه المواقف، لكن هذه المرة هناك تغيرات تحصل، فعلى المستوى الميداني هناك إعادة نظر بتموضع الجيش الاسرائيلي، وفي الجو هناك تحليق يومي للطيران الحربي الاسرائيلي، وهذا التحليق ليس للتدريب، وإنما للاستطلاع، وفي البحر، فإن إثارة موضوع التنقيب عن النفط في محاذاة «بلوك رقم 9» الخاص بلبنان ليس بريئاً، إضافة الى ذلك كله فإن تهديدات مباشرة صدرت على لسان أكثر من مسؤول إسرائيلي في الايام القليلة الماضية توحي وكأن تل ابيب تتجه لاتخاذ قرار بشأن المواجهة المفتوحة مع «حزب الله»، هذا ناهيك عن احتدام الصراع الاميركي – الايراني في لبنان، وهذا الاحتدام يسلك طريقين، إما ان تتطور الامور على النحو الذي يجلس فيه الفريقان الى طاولة التفاوض، ولا مؤشرات حتى الساعة توحي بإمكانية حصول هذا الامر قريباً، امام الطريق الثاني فهو الانفجار، بحيث تشهد المنطقة مخاضاً عسكرياً يسبق اي عملية تفاوض.

 

في تقدير أوساط سياسية بارزة أن اي قرار اسرائيلي بالمواجهة لن يُتخذ بسرعة لأنه ستكون له تداعيات، لأن تل أبيب تعلم علم اليقين بأنها إذا قامت بحرب على لبنان لن تكون هذه الحرب نزهة كما كان يحصل في حروبها مع الدول العربية، أو خلال العدوان على لبنان عام 82، حيث وصلت الى العاصمة بيروت من دون ان يتطلب ذلك وقتاً.

 

وتؤكد هذه الاوساط ان الحرب مع «حزب الله» ستكون مكلفة، فالقوة النارية عند المقاومة تفوق بكثير القوة النارية لدى دول عربية وحتى أوروبية باعتراف مسؤولين أميركيين.

 

وتعرب الأوساط عن إعتقادها بأن العمل العسكري ضد لبنان هو الآن في مرحلة تقييم لدى القيادة العسكرية الاسرائيلية، وأن هذا الموضوع يتوقف على أمرين:

 

أولاً: معرفة مدى تأثير الضربات التي ينفذها سلاح الجو الاسرائيلي على مواقع إيرانية ولحزب الله في سوريا في دفع إيراني على الانسحاب من سوريا ودعوة حزب الله الى تخفيض سقف مطالبه ومواقفه، وفي مرحلة التقييم الأولى ترى تل أبيب ان الوضع يتحمل الانتظار وبفعل ذلك يُستبعد الانفجار.

 

ثانياً: في حال رأت تل أبيب ان هذه الضربات لا تؤثر على الوجود الايراني في المنطقة، فعندها تصبح فكرة الضربة العسكرية للبنان أكثر وروداً لكنها غير حتمية.

 

وتعتبر الاوساط السياسية ان المدى الاوسع لمعرفة اتجاه التفكير الاسرائيلي في شن عدوان على لبنان هي الانتخابات الاميركية في الخريف المقبل، فإذا رأت إسرائيل ان الرئيس ترامب مرتاح على وضعه وان المؤشرات تدل على انه عائد الى البيت الابيض في ولاية ثانية ساعتئذ ستأخذ وقتها وربما تأخذ قرار توجيه ضربة للبنان خلال وجود ترامب، اما اذا لاحظت ان وضع الرئيس ترامب سيئ ستسارع الى توجيه ضربة عسكرية قبل وصول المرشح بايدن الى البيت الابيض لخلط الاوراق في المنطقة ووضع الرئيس الجديد امام منعطف جديد.

 

وفي رأي الاوساط السياسية ان الخوف من عمل عسكري إسرائيلي مبرر، خصوصا وان هذا الخوف يلقى صدى عند الدبلوماسيين الاجانب الذين لم يعودوا يستبعدون ما كانوا يستبعدونه في الاشهر الماضية على هذا الصعيد.

 

وتكشف الاوساط عن ان الموفد الاميركي للأزمة الايرانية براين هوك قام بجولة في 28 و29 الحالي على عدد من الدول الخليجية وأطلعهم على خطورة الوضع في الشرق الاوسط وضرورة الاستعداد لأي تطور قد يحصل.