IMLebanon

حماوة في الإقليم ولامبالاة داخلية

 

 

الحرب بدأت بالرغم من أن البعض لا يريد أن يراها وهو ينتظر أن تبدأ، فالمواجهات الدامية والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب العربية – الإسرائيلية، إن من حيث الخسائر البشرية أو الخسائر المادية قد دخلت في يومها الثالث عشر. وبالرغم من الوحشية التي يمارسها العدو الصهيوني ضد المدنيين والنساء والأطفال والتي تجاوزت كل الخطوط الحمر، فلا المدارس ولا الكنائس ولا الجوامع استطاعت منع القصف التدميري، وفيما المجازر ترتكب على مدار الساعة، فهم يبشّرونك أن الآتي أعظم.

 

مجلس للحرب ودعم للحرب

 

هكذا تبدو الصورة في الداخل المحتل، فالصهاينة قد ابتدعوا هذه المرة مجلساً للحرب وباتوا غير آبهين بالاختباء وراء مسميات وكلمات طمعاً بإرضاء الرأي العام العالمي، فبعد أن كانوا يركّزون في السابق على مصطلح جيش الدفاع الإسرائيلي IDF ها هم اليوم وقد كشفوا عن وجوههم ونواياهم، لا يتورعوا عن الإعلان عن الهدف من أن حربهم مستمرة وحتى آخر مدني فلسطيني غزاوي يسكن في القطاع. لقد أعلنت الدولة العبرية بكل مكوناتها عن نيّتها ليس فقط في تدمير حماس بل وفي طرد الفلسطينيين كل الفلسطينيين من قطاع غزة، وحكومة حرب العدو لم تتوانَ عن إبلاغ كل من يعنيهم الأمر لا سيما الرئيس السيسي عن نواياها بنقل الفلسطينيين إلى سيناء، ليبدو هذا التهجير الجديد المعروف بالـ Transfert وكأنه الحلقة الأخيرة في ابتلاع القضية الفلسطينية والقضاء على ما تبقّى من شعبها بالكامل.

 

الإعلام أكبر أسلحة العدو

 

مع هذا المخطط وهذه الحرب اتخذ الإعلام بُعداً أساسياً في المعركة، فلم يكتفِ العدو بالاستحصال على كل وسائل الإعلام الرئيسية في العالم الغربي، بل إنه وضع يده بالكامل على كل منصات التواصل الاجتماعي Social Media، فتحوّلت الانتصارات التي حققتها حماس في السابع من أكتوبر إلى مجرد حملة إرهابية، وتحوّلت مجازر العدو التي يرتكبها على مرأى ومسمع من العالم لا سيما المجزرة الأخيرة التي تمثلت بقصف المستشفى الأهلي المعمداني وكنيسته والتي نتج عنها مئات القتلى الجرحى، تحوّلت إلى عملية من تنفيذ الفلسطينيين أنفسهم. فتمّت إدانة القتيل من قبل كل المراجع السياسية الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها الهمجية.

 

الغرب وراء إسرائيل

 

وهكذا يبدو الغرب وحكوماته تقف كلها وراء العدو الإسرائيلي، وذلك في حملة لتبييض صورة زعمائه المتقهقرة سياسياً وكأنه بات حتاماً عليه لعب الورقة الإسرائيلية التي تشكّل خشبة الخلاص الوحيدة لهم. فاللوبي الصهيوني في مختلف أنحاء العالم يفعل فعله وهو يضغط على الغرب ويمسك بمصالح أبنائه بواسطة شبكة اقتصادية سياسية تعمل على كم الأفواه وملاحقة وطرد كل من يتجرّأ على الوقوف ضد إسرائيل وذلك بالتلويح بحرمانه من العمل، ومثال ميا خليفة ولاعب الكرة السعودي الفرنسي الجنسية كريم بنزيما.

وفي مقابل كل ذلك يقف العرب ومَن وراءهم كل الشعوب الملتزمة بالقضية الفلسطينية من المحيط إلى الخليج وصولاً إلى أميركا اللاتينية. فالمعركة قد فتحت ووحده الله يعلم كيف ستنتهي.

 

لبنان في مهب الريح

 

وسط هذه الأنواء الهائلة يقف لبنان، وإذا كان صحيحاً ان المقاومة هي إحدى أوراقه الرابحة فإن التفاف اللبنانيين حولها هو أكثر من ضروري، من هنا ومثلما قام العدو الصهيوني بإنشاء مجلساً موحّداً للحرب، على اللبنانيين أن يقوموا بإنشاء حكم موحّد للدفاع عن لبنان أمام الأطماع الإسرائيلية واللامبلاة الدولية. إن انتخاب رئيس للجمهورية هو الرد الأقوى لإفهام العالم أن هذا البلد الصغير بإمكانه الوقوف على رجليه وتقرير مصيره والدفاع عن أرضه. إن الفرصة متاحة اليوم أكثر من أي يوم مضى لكي يقف كل الخيّرين متحدين لأن لبنان القوي وحده يستطيع ليس فقط حماية لبنان بل الدفاع عن قضية العرب الرئيسية.