IMLebanon

ماذا عن محاكمة السوريّ على جرائم ارتكبها في بلاده؟

ليست قضيّة الشابين السوريين بسّام ي. وخالد ل. مستهجنة. يتكرّر الادّعاء على شبّان سوريين لم يرتكبوا أيّ جريمة داخل الأراضي اللبنانيّة. التهمة الموجهة إليهم أنّهم انضمّوا إلى «الجيش السوريّ الحر» و «كتائب الفاروق» والدخول إلى لبنان للعمل بشكلٍ قانونيّ.

في إفادتيهما الأوليّة، أشار بسام إلى أنه التحق بإحدى مجموعات «كتائب الفاروق» الموجودة في منطقته ثمّ دخل إلى لبنان خلسةً ليقوم بعدها بالعمل في جبيل وتسوية أوضاعه، فيما انضم خالد إلى مجموعة تابعة لـ «الجيش الحرّ» بقصد تسهيل دخوله إلى لبنان عبر التهريب للعمل في مجال الباطون.

ومع ذلك، لم يشفع لبنان للشابين اللذين لم يثبت بالأدلّة ولا بالاعترافات أنّهما ضالعان بأي عملٍ أمني داخل الأراضي اللبنانيّة. أكثر من ذلك، هما أشارا في إفادتيهما الأوليّة ـ التي عادةً ما ينكرها الموقوفون مع وصولهم إلى المحكمة العسكريّة ـ أنهما لا ينتميان إلى أي تنظيم إرهابيّ.

على هذا المنوال، انتهت جلسة استجواب الموقوفين منذ أشهر. بدا رئيس المحكمة العسكريّة على قناعة بأن بسّام وخالد بريئان من التّهم المنسوبة إليهما داخل الأراضي اللبنانية، ولكن مفوّض الحكومة المعاون القاضي فادي عقيقي بدا عكس ذلك، ليطلب محاكمتهما على الجرائم التي اقترفاها في سوريا (قتالهما إلى جانب «الحر») سنداً إلى المادة 23 من قانون العقوبات.

وتنصّ هذه المادّة على «تطبيق القوانين على كل أجنبي أو عديم الجنسيّة مقيم أو موجود في لبنان أقدم في الخارج فاعلاً أو شريكاً أو محرضاً أو متدخلاً على ارتكاب جناية أو جنحة منصوص عليها في المواد 19 (البند 1 الذي يتضمّن جرائم تزوير جواز سفر لبنانيّ أو هوية لبنانية أو سندات مصرفيّة..) و20 و21، وإذا لم يكن استرداده قد طلب».

مرافعة عقيقي استدعت تدخّل عدد من المحامين الموجودين في القاعة الذين رفضوا محاكمة السوريين على ما فعلاه على أرض بلدهما. فتدخّل المحامي محمّد صبلوح الذي أشار إلى أنّ الاتفاقية القضائية اللبنانيّة ـ السوريّة تسري على هؤلاء الموقوفين وهي تنصّ صراحةً على أنه لا يحقّ للقضاء اللبناني محاكمة سوريين إذا لم تكن هناك استنابات قضائيّة صادرة عن القضاء السوريّ.

وذهبت المحامية ديالا شحادة أبعد من ذلك، لتستند إلى اتفاقية جنيف التي وضعت قوانين الحرب وعرفت جرائم الحرب وحدّدتها حصراً. وتقول: «بما أن لبنان قد وقّع اتفاقية جنيف، فلا يجوز اعتبار جميع الجرائم الموصوفة في فترة السّلم كالجرائم التي يعاقب عليها القانون في فترة الحرب، على سبيل المثال لا يمكن محاسبة المواطنين على اقتناء أسلحة غير مرخصة في فترة الحرب، طالما أنّهم لا يستخدمونها لارتكاب الانتهاكات التي حدّدتها اتفاقيّة جنيف في تعريفها لجرائم الحرب».

وتضيف شحادة: «لا يمكن اعتبار جميع المجموعات المسلّحة التي تتشكّل في بلد في حالة حرب على أنّها مجموعات إجرامية أو إرهابية أو تنتهك وترتكب جرائم حرب طالما أنها مثلاً لا تستهدف مدنيين أو تحترم الحماية المكفولة لأسرى الحرب والتي نصّت عليها اتفاقية جنيف».

وتعرب عن خشيتها من «الطريقة التي تدين فيها «العسكريّة» السوريين الذين قاتلوا النظام السوري أو لم يقاتلوا إلى جانبه بل اقتنوا سلاحاً للدفاع عن منازلهم، ومن الذين لم يستهدفوا الدولة اللبنانية قط ولم يرتكبوا جرائم على أراضيها أو ضد أفرادها ومؤسساتها»، معتبرةً أنها «مقاصصة للذين يمارسون تقرير المصير على أراضيهم في حالة الحرب، مع احترامهم لقوانين الحرب التي تبناها لبنان بموجب اتفاقية جنيف».