IMLebanon

ماذا بين المشنوق وريفي ؟

 

انشغلت اوساط طرابلسية يوم امس الاول بعملية احراق صورة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عند المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس، فيما لم تمس صورة الرئيس سعد الحريري في جوارها التي طالت جوانبها حرارة لهب حريق الصورة الاخرى.

لم تمر هذه الحادثة دون تداعيات سواء على الساحة الطرابلسية، او على المستوى السياسي اللبناني حيث اثارت موجة استنكار من قيادات طرابلسية وفي الطليعة بيان تيار المستقبل في طرابلس الذي اعتبر ان احراق صور لقيادات سعودية هو عمل مريب ومدان ولا يمت الى اخلاق الطرابلسيين بصلة، ورأى الرئيس نجيب ميقاتي ان احراق الصور عمل فردي لا يمثل اهل طرابلس.

لكن لم تخل الحادثة من سجال وقع بين وزير الداخلية نهاد المشنوق واللواء اشرف ريفي الذي رفع انصاره صور عملاقة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الامير محمد بن سلمان، وقد بادر اللواء ريفي الى دعوة وزير الداخلية لايقاف الفاعل المعروف برأيه ومحاسبته دون ابطاء مؤكدا ان صور بن سلمان ستبقى مرفوعة في طرابلس، ورد المشنوق عبر حسابه ان «صور الامير نضعها على صدورنا وليس في الشارع كي يأتي حاقد ويحرقها» فما كان من ريفي ألا الرد قائلا: «محل ما منعلق الصور ما في حاقد يوصلها واذا بدك بلش من طريق المطار وبس توصل عطرابلس منحكي».

غير ان وزير الداخلية اصر على ازالة الصور في مدينة طرابلس «منعا لحصول اي خرق أمني او اي عمل يعكر السلم الاهلي» بمعنى مسارعته الى نزع فتيل الفتنة وكل ما من شأنه أن يكون سببا لفلتان امني في مدينة لا تزال في مرحلة العناية الامنية منذ تطبيق الخطة الامنية.

ويوم امس رافق محافظ الشمال القوى الامنية في طرابلس منذ الصباح وعملت على ازالة جميع الصور في شوارع المدينة بدءا من صور القيادات السعودية (الملك وولي عهده) الى صور السياسيين المحليين دون استثناء احد عملا بقرار وزارة الداخلية لمنع كل اسباب الفتنة في المدينة، وبالرغم من معارضة ريفي لازالة صور القيادات السعودية الا انه طلب من انصاره عدم معارضة ازالة الصور بانتظار الدعوة الى تنظيم موقف سلمي اعتراضي لاحقا، فيما اشيع ان القوى الامنية وضعت يدها على المتهم باحراق صورة ولي العهد.

وفي الوقت الذي اشتعلت فيه وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد لحرق الصورة ورافض مستنكر،رأت مصادر طرابلسية ان حرق الصورة شكل بحد ذاته سابقة لم تحصل في مدينة طرابلس من قبل أن اقدم اي تيار سياسي او حزب او فئة على حرق او المس برموز السعودية نظرا للعلاقات المميزة التي تربط بين معظم القيادات السياسية الطرابلسية ومن كل الاطياف بالقيادات السعودية تاريخيا وقد بقيت هذه العلاقات وثيقة حتى في احلك الظروف، ولذلك فان حرق صورة الامير بن سلمان كانت علامة فارقة في تاريخ هذه العلاقة لا سيما وانها حصلت في مدينة طرابلس المعروفة بانها الثقل الاسلامي السني في لبنان وهي التي رفعت شعار (طرابلس قلعة المسلمين) فاذا بالرد على احتجاز الرئيس سعد الحريري يأتي من هذه القلعة تجسيدا لامتعاض اهل السنة في طرابلس والشمال مما حصل مع الحريري وقد شكل الحدث ما يشبه الاجماع السياسي الوطني حول قضية احتجاز الحريري في السعودية والالتفاف حول موقف الرئيس العماد ميشال عون ولعلها من المرات القليلة التي يحصل فيها اجماع حول قضية سياسية بهذا الحجم دون خلاف ما خلا قلة من القيادات السياسية التي قفزت فوق القضية الاساس الى اعلان التضامن مع الموقف السعودي بل ومع الاستقالة من منظور العداء لمنطق التسوية السياسية التي ساهمت باستقرار سياسي منذ انتخاب العماد عون والى حين فرض الاستقالة على الرئيس الحريري.

وتعتبر مصادر سياسية طرابلسية ان حرق صورة بن سلمان قد حقق الهدف بايصال رسالة الى السعوديين بان طرابلس تعترض على ممارسات الادارة السعودية في اسلوب التعامل مع رئيس الحكومة بكل ما تتضمنه هذه الممارسات من اذلال واهانة للبنانيين عامة ولاهل السنة خاصة وان الدعوة موجهة لاطلاق حرية الحريري واعادته الى بلاده كي يواصل مسيرته السياسية بالتعاون مع كل مكونات الوطن السياسية وقد كانت الرسالة من قلب طرابلس مدينة اهل السنة التي لطالما ركزت الادارة السعودية على توظيفها صندوق بريد في المراحل السابقة التي عاشتها المدينة.