IMLebanon

ما لا تعرفونه عن جلسات الموازنة… وغرائبها!

 

أما وقد تمّ إقرار مشروع الموازنة في مجلس الوزراء، بعد نحو 20 جلسة عُقد معظمها في السراي الحكومي، فلا بأس في الإضاءة على كواليس تلك الجلسات وتظهير الصورة الحقيقية لما كان يدور في داخلها، تبعاً لأقوال بعض «الشهود» من الوزراء.

صحيح أنّ النقاشات استغرقت وقتاً طويلاً وتخللها كثير من الأخذ والردّ، لكن يبدو أنّ «البطولة» في هذا المسلسل كانت معقودة لعدد قليل نسبياً من الوزراء، فيما توزّع الآخرون بين الأدوار الثانوية و«الكومبارس».

وكان «التفوّق» واضحاً في المداولات لبعض «قدامى» الوزراء، من الذين شاركوا في حكومات متلاحقة وتعاقبوا على وزارات عدة، فاكتسبوا من التجربة والخبرة ما منحهم «أرجحية» في النقاش الاقتصادي- المالي، خصوصاً عندما كان يتخذ أبعاداً تقنية. كذلك، فإنّ طبيعة الاختصاصات العلمية للوزراء أدّت دوراً في إعطاء «الأفضلية» النسبية للآتين من عالم الأعمال والمال على حساب المتخصّصين في مجالات أخرى.

ووفق انطباعات «شهود العيان» في الحكومة، فإنّ الرئيس سعد الحريري كان «الحَكَم» الذي فتح باب النقاش على مصراعيه، وتحلّى بالبال الطويل والصبر الكبير، محاولاً تدوير الزوايا واحتواء الخلافات بين مكوّنات حكومته، لكنه كان يتخلّى عن «استرخائه» عند المَسّ بأمور تهمّه على الصعيدين الاقتصادي والمالي.

أما في عنقود الوزراء، فإنّ علي حسن خليل وجبران باسيل لعبا في خط الهجوم، وكانا الأكثر استحواذاً على «كرة» الموازنة في الفريق الحكومي، الأول بحكم كونه وزير المال، والثاني بحكم خبرته المتراكمة. ويروي أحد الوزراء انّ خليل بدا متمكّناً بقوة من ملفه، يعرف كيف يسوّق فكرته ويفكّك الفكرة التي لا تعجبه، فيما ظهر باسيل وكأنه كان يشارك الحريري في إدارة الجلسات، «محترفاً» في مقارعة التفاصيل وساعياً الى الإمساك بزمام المبادرة عبر طروحاته.

وبرز محمد فنيش «ضابط إيقاع» و«سوبر وزير»، مستفيداً من تجربة غنية في الحكومات المتعاقبة التي كان يمثل «حزب الله» فيها. خلال مناقشات الموازنة كان باله طويلاً، لا يُبارح هدوءَه المعروف سوى عند الضرورة، يميل الى المتابعة الدؤوبة، ويحرص على التدخلات المدروسة لتصويب مسار البحث، بالتعاون مع زميله محمود قماطي.

«قواتياً»، توزّعت «أسهم» المشاركة بين نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني ووزير العمل كميل ابو سليمان، في اعتبارهما الأكثر إحاطة بـ«جدول الحساب»، بينما برز من جهة «التيار الوطني الحر» وزير الاقتصاد منصور بطيش في مقارباته التقنية، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي في معادلاته القانونية، ووزير الدفاع الياس بو صعب في مداخلاته الطويلة.

الحاضر في نقاش الموازنة من ضمن فريق الحريري كان وزير الاتصالات محمد شقير الآتي الى الحكومة من «الهيئات الاقتصادية»، تليه وزيرة الداخلية ريا الحسن التي سبق لها أن شغلت وزارة المال. كذلك، كانت لافتة المشاركة الدسمة لوزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل افيوني.
ومع انّ صالح الغريب هو وزير دولة لشؤون النازحين، إلّا انّ تخصّصه في إدارة الشركات سمح له بالمساهمة الحيوية في مداولات الموازنة و«المبارزة» مع الأرقام.

وحاول وزيرا الصناعة وائل ابو فاعور والتربية اكرم شهيب وضع بصمات «الحزب التقدمي الاشتراكي» على مشروع الموازنة، إلّا انّ المهمة لم تكن سهلة.

وعلى ذمّة وزير موثوق، فإنّ بعض زملائه تواروا خلف ستار الصمت معظم الأحيان، ولم يُسمع لهم صوت. لكن المفاجأة الصادمة هي أنّ «رادار» أحد الوزراء «ضبط» زميلاً له وهو نائم بعدما تأخر الوقت في واحدة من الجلسات الليلية.

والأسوأ من كل ذلك، هو انّ وزيراً يتحلّى بـ«حاسة شمّ» قوية «التقط» فجأة رائحة مزعجة، ليتبيّن له عقب التدقيق والتمحيص أنّ أحد زملائه لجأ الى نزع حذائه لكي يُريح قدميه بعد الجلوس فترة طويلة.

وعلى رغم من انّ الدولة ترفع في هذه المرحلة شعار التقشّف، إلّا انّ ذلك لم يمنع من «تزيين» جلسات الموازنة في السراي بـ»بوفيه» غني لم يخلُ من الـ«سومون» أحياناً.