IMLebanon

الدولة “تكتشف” مستودعات القمح في تل عمارة

 

المسافة الفاصلة بين مرفأ بيروت والبقاع تبقى أهون الشرور

 

بعد أكثر من كتاب وجهه مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال أفرام الى الوزارات المعنية حول إمتلاك المصلحة لمستودعات حبوب، يمكن إستخدامها لتخزين القمح إستثنائياً، وخصوصاً في ظل الازمة الإقتصادية التي تسببت بها الحرب الروسية ـ الاوكرانية، والتي تهدد بنقص غذائي عالمي، جاءت إستجابة وزارة الإقتصاد صباح امس، من خلال زيارة تفقدية قام بها مدير عام مكتب الحبوب والشمندر السكري جورج برباري للمستودعات الموجودة في مركز تل عمارة بقضاء زحلة، وعددها سبعة مستودعات فيما المستودع الثامن متوفر في محطة كفردان.

 

بدأ إنشاء هذه المستودعات في سنة 2012، واكتمل إنجازها في سنة 2015، واستوعبت حتى سنة 2019 كميات القمح الطري والقاسي المنتجة محلياً.

 

الفكرة الاساسية من إنشاء المستودعات تأمين الأمكنة الآمنة والسليمة لتخزين كميات الحبوب المنتجة في لبنان، ولا سيما القمح، بنوعيه الطري والقاسي، وكانت المصلحة تشرف مباشرة على إستلام كمياته المدعومة من المزارعين. في سنة 2019 بلغت كمية القمح التي تسلمتها المصلحة من المزارعين 165 ألف طن قبل أن يحل ديوان المحاسبة المزارعين من موافقتهم الرسمية على تسليم المحصول الى المصلحة، وقد شكل المقدمة لتوقف الدعم خلال سنتي 2020 و2021، بحيث إمتنع معظم المزارعين عن إنتاجه، لتقتصر كمياته المزروعة في موسم الشتاء الجاري على مساحات صغيرة جداً.

 

بلغت كلفة تجهيز هذه المستودعات نحو مليار ليرة لبنانية. وتبلغ مساحة كل منها 1250 متراً مربعاً بإرتفاع 12 متراً، وهي كما يؤكد أفرام مهوّاة بشكل ممتاز وتم إختبارها سابقاً، ويمكن أن تستوعب ما لا يقل عن 200 ألف طن من الحبوب، مع تكفل المصلحة بضمان سلامتها وصحتها بشكل تام، على ان تشرف الوزارات المعنية مباشرة على عملية تفريغ مخزونها وتوزيعه.

 

منذ إنفجار 4 آب وضعت مصلحة الابحاث هذه المستودعات بتصرف الدولة اللبنانية مجاناً، وأرسلت إليها كتباً لتستخدمها حتى في تخزين كميات المساعدات الغذائية التي وصلتها من بلدان مختلفة، ومع ذلك تعامت الدولة عن وجودها، لتفصح اخيراً أنها تفاجأت فعلاً بوجودها.

 

عموماً أن تعلم بها متأخرة خير من أن لا تعلم أبداً، خصوصاً ان هذه المستودعات وفقاً لإقرار برباري تشكل العرض الوحيد المتاح أمام لجنة الطوارئ التي تبحث في تأمين الكميات الإستراتيجية بأقصى سرعة، علماً بأن الكمية الإحتياطية الوحيدة المتوفرة في لبنان حالياً، هي تلك التي تتوفر عن طريق المطاحن وتكفي لشهرين. وعزا برباري ذلك الى إفتقاد لبنان لمخزون إستراتيجي منذ إنفجار مرفأ بيروت وتهدم إهراءات القمح كلياً.

 

ومع ذلك أشار برباري إلى أن إتخاذ قرار إعتماد هذه المستودعات لتأمين مخزون إضافي، لا بد أن يناقش مسألة المسافة الفاصلة بين مرفأ بيروت والبقاع، والتي لا بد أن تفرض كلفة إضافية مزدوجة، أولاً لنقل الإنتاج المستورد الى البقاع ومن ثم نقله مجدداً الى مطاحن بيروت وباقي المدن. علماً أن المصلحة تعرض مخازنها مجاناً للدولة، ومستعدة حتى لتقديم خدمة التحميل والتنزيل في المستودعات، مع السهر على سلامة أنواع هذه الحبوب عبر فحصها الدوري في مختبراتها.

 

وكشف برباري عن سلفة أقرت لتأمين 50 ألف طن من القمح على سعره المحدد حالياً، لافتاً الى ان إنجاز معاملات تسييل هذه السلفة ستحتاج مع إستدراج العروض الى وقت، الامر الذي يهدد بتبدل الاسعار بحيث لا تكون كافية لشراء الكمية نفسها.

 

وكمية الـ50 ألف طن، لا تشكل سوى 5 بالمئة من حاجة لبنان السنوية من القمح الطري، وقد حددها افرام في دردشة مع الصحافيين بنحو 900 ألف طن سنوياً، من بينها 400 ألف طن تذهب لإستهلاك النازحين السوريين. وكشف عن مشروع لثلاث سنوات أمل ان يناقشه مجلس الوزراء قريباً، يقضي بدعم زراعات القمح بنوعيه الطري والقاسي والحمص والعدس والفول والشعير، وهي زراعات يعتبرها أساسية في تأمين الإكتفاء الغذائي. ووفقاً للدراسة التي أعدّتها الدكتورة رلى العميل في المصلحة، أكد افرام ان لبنان قادر على رفع إنتاجه من هذه المحاصيل خلال ثلاث سنوات، بحيث تصل كمياتها المنتجة الى 116 ألف طن في سنة 2025، ما يمكن ان يسد ولو جزءاً من حاجته، ويؤمن للمزارع الإستقرار الإقتصادي، ورأى أن الأزمة الغذائية في العالم لا تبدو قصيرة الامد.