IMLebanon

بعدما تخمّرت… أمطرت لتنتشر سموماً في الهواء والمياه والخضار

تستفرد أكياس النفايات بمشهد الساحة اللبنانية بعد انّ تكدّست بالآلاف على امتداد مساحة الوطن… فحتى أرقى الاحياء والمناطق لم تنجو من أضرار ومخاطر محتويات هذه الاكياس، بعدما تخمّرت منذ اكثر من 3 أشهر فتحوّلت محتوياتها الى جراثيم خطيرة ومجهولة يمكنها ان تؤدي بفِعل غزارة المطر حسب مراجع بيئية دولية ، حتى الى الموت بسبب سهولة وسرعة انتقالها الى المياه الجوفية وفي الهواء من خلال الغازات السامة ، والأخطر عبر الذباب الأزرق المتنقّل بين رواسب النفايات والخضار والفاكهة التي لا يمكن غليها… والتي لن ينفعها الغسيل وحتى التعقيم.

في السيّاق اشارت مراجع بيئية دولية الى الدورة الطبيعية لهذه العملية «الفطرية» في أزمة النفايات، موضحة انه «مجرد الضغط القوي الناتج بفعل اشتداد المطر سيؤدي الى «انبلاج» أكياس النفايات وانتشارها على الطرق، كذلك يُذَكّر الخبراء المعنيون بأنّ هذه النفايات التي تُركت وأُهملت منذ اشهر لم تكن «مستلقية» أو عاطلة عن العمل بانتظار من يَفرجها،

بل كانت تتآكل بفِعل عوامل عدة وتتحوّل بفِعل الحر الشديد والضغط والاندماج الى جراثيم وبائية تتغلغل داخل الاكياس المحكمة الإقفال، زد عليها عدة أنواع جرثومية خطيرة ومجهولة نتجت من رواسب الاطعمة والخلطات المبهمة، والتي سوف تتحول الى سموم قاتلة حُكماً في حال اندماجها مع العديد من رواسب الاطعمة وسوائلها، وعندما تتبدّل الاحوال الجوية وتمطر بغزارة يؤدي ذلك الى تفكّك آلاف اكياس النفايات فتغزو هذه الجراثيم المياه وتنتعش بفِعل الهواء والماء وتتكاثر.

فترتفع بالتالي نسبة انتشار الامراض والأوبئة لا سيما الكوليرا وسائر الاوبئة التي يمكن التقاطها من الهواء والماء التي ستنتقل بفِعل المطر في مجاري الانهار والمياه الجوفية التي قد تصِل داخل كل منزل ولن تردعها الحيطة المُتّبعة داخل المنازل منذ سنوات الحرب.

إذ انّ المراجع نفسها تَلفت المواطنين الذين قاطعوا مياه الشفة منذ سنوات طويلة الى ان يتّخذوا الحيطة، لأنهم سيستعينون بها حكماً بطريقة او بأخرى بهدف التنظيف. وهكذا ستكون فرضية دخول أنواع مجهولة من الأوبئة الى منازلهم فرضية محتملة بنسبة عالية.

ذباب أزرق وغازات قاتلة

وفي السياق، يؤكد رئيس حزب البيئة العالمي ورئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية والمرجع والمستشار البيئي الدولي كامل دوميط انه سجّل «انتشار حشرات كبيرة ومخيفة في منطقة بيروت الممتدة من منطقة الجناح وجوارها، وهي عبارة عن حشرات طائرة بشكل كثيف بالجو ولم يعرف حتى الساعة ماهيّتها».

ويشدّد دوميط على مكمن الخطر، فيقول انّ «خطر النفايات يكمن في انواع البكتيريا المجهولة التي نتجت عن اندماج النفايات»، موضحاً انّ «الذباب أي «الدبّانة» التي تقتات من داخل كيس النفايات المتحللة تأخذ أخطر الجراثيم من النفايات المتحللة، لا سيما الذباب الازرق، والاسم العلمي لها معروف بـ«ذباب الشرق المتوسط» ويُطلق عليها اللبنانيون اسم «الدبّانة الزرقا»، وهي خطيرة جداً تدخل الى النفايات وتأخذ الجراثيم وتنقلها الى الخضار على انواعها عندما «تعقصها» كالبندورة والخيار والفاكهة التي لا يمكن غليها كما لا يمكن للغسل والتعقيم ان يقتل الجرثومة التي تنقلها الذبابة الزرقاء… مثلاً، حينما يُفسَد جوف الليمون أو الخيار والبندورة عندما تعقصها ذبابة زرقاء، كيف يمكن غليها؟

كذلك الأمر بالنسبة للفاكهة، فهل يمكن غلي الدرّاق والخوخ؟ وبالتالي يضيف دوميط «مهما فعل الانسان لن يتمكن من قتل الجراثيم لأنها أصبحت داخل جوفها ولا يمكننا غلي الدراق والليمونة والخيار؟»

وهنا تكون الكارثة لأنّ الانسان سيتناولها «نَيّة» أي طازجة وطبيعية حسب اعتقاده. وبالتالي، ستنتقل الجرثومة الى أحشائه وقد يحارب قسم من الناس بمناعته تلك الجرثومة أمّا القسم الاكبر من الناس والذي يفتقر الى المناعة المطلوبة فسيُصاب بتلك الجرثومة، وهنا الكارثة الكبرى.

غاز الـ metane السام وفي السياق، تشير المراجع البيئية والصحية الدولية الى انّ النفايات، وبفِعل تكدّسها وتخميرها، تنتج غازات «الميثان» Metane والتي لا يستطيع الانسان شمّها الّا انه يتنشقها، وهي خطيرة جداً الى حد قتل الانسان.

صفارة الإنذار

امّا خطورة الأمطار، فيوضحها ضوميط، كونه رئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية، فيشير الى انّ «المياه الجوفية لا تتعدى الـ 20 او 30 متراً داخل الارض في منطقة بيروت وجوارها، وعند أول هطول للمطر ستسقط رواسب النفايات المتحللة لا سيما السوائل منها داخل المياه الجوفية كذلك داخل الآبار الارتوازية، أي سيجري معها السائل الملوّث المخمّر الراكد داخل اكياس النايلون الممتلئة بالـ Dioxine وهو عصارة مياه النفايات المعبّأة بكميات كبيرة وخطيرة منه، كذلك يحتوي على الكثير من المواد الكيمائية والمعادن الثقيلة «والديوكسين» ومشتقاته.

ويشدد كامل على الخطر الاكبر المتمثّل بحرق تلك النفايات الذي يؤدي الى انطلاق كتلة هوائية كبيرة من الغاز في السماء معبّأة بسموم الديوكسين والذي سينزل حكماً مطراً على الارض و في المياه الجوفية.

إنذار ونداء

في الخلاصة، تشدد المراجع البيئية والصحية كافةً على أهمية دور البلديات ومسارعتها لاتخاذ القرار السريع والفوري من دون تأخير، وضرورة استعمال المعقّمات والمطهّرات والمبيدات العلمية والمعدات المطلوبة لمكافحة الحرب البيئية التي اندلعت، كذلك الاكثار من نشر «طعوم» للجرذان التي انتشرت بشكل كثيف. وإلّا ستطلق صفارات إنذار حرب النفايات والحرب البيئية في لبنان.